شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في رحَاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
في زيارة للمسجد النبوي الشريف عام 1368هـ بعد انقطاع طويل.
إلى رحاب رسول الله ذي الكرم
شُدّي الرحال، وغُذّي السير واعتزمي
يا نفس ما العيش في الدنيا سوى أجل
إلى انتهاء فمهما طال لم يدم
فإن يكن حظ دنياك النعيم فما
جَدَاؤُك - الغَدَ - من نعماء لم تُقم (1)
ويا هوان النعيم ساء عاقبة
أَدَّى إلى الذل أو أدّى إلى السدم (2)
وإن يصبك شقاء في الحياة فما
أشقى إذا ما تلاها شر مختَتم
فما السعادة في دنيا وآخرة
إلا التقى فبتقوى الله فاعتصمي
إن التُّقاة جِماعُ الخير عاقبة
ومنهجاً فعلى القسطاس فاستقمي (3)
وإن عيشك في دنياك نافلةٌ
لغيرها استبقي الخيرات واغتنمي
وكل أمرك من شر وعافية
وما ينالك من: بؤس ومن نِعَمِ
وما بذاتك من شَبْعٍ ومن نَهَم
وغير ذا من معاني النفس والقِيَم
لله مرجعه. أكرم به حكماً
رُدّي إليه جميع الأمر، واحتكمي
مدبر الكون من سَوّاه من عدم
بأمر (كن) وهو الموصوف بالقِدَمِ
ومن إليه مصير الخلق - أجمع - لا
يفنى - تبارك - والدنيا إلى عدم
وجاهدي في حياة الناس بالغة
ما اسطعت دون عراك هائل عرم (4)
فالأمر قدره الرحمن عن حكم
بين الورى لا يحابي الله في القِسَم
قد ضل متهم الأقدار عن سَفَه
وَطيُّها حِكَمٌ عن فهمهن عَمى
واستمسكي بعُرى الإيمان واثقة
بالله ربك، تَلْقَيْ خير معتصم
إذا التزمت حمى الرحمن مؤمنة
فلن يضيرك كيد الحانق الخَصم
واسترشديْ بهدي خير البرية من
دعا إلى الحق هذا خيرُ مُلْتَزَم
دعا إلى السنة الغراء فانتظمي
في عسكر برسول الله مُؤتَمِم
وما تريدين؟ هل بعد الذي وعد الـ
ـرحمن عباده غاي لُمَسْتَنِم (5)
هذا لعمرك قول الصدق - أبلج - ما
قد فاه - قط - بخير منه قبل فمي
فاستغفري الله من ذنب جنيت ومن
قلب قسا ولسان غير محتشم
واطَّهري وأعدي للرحيل - إلى
خير الرحاب رحال المصطفى الكَرَم (6)
فصالحُ الفِعل والنيات والكَلِم
خَير الركاب لخير الخلق كلهم
شدي الرحال من الأرض الحرام إلى الأر
ض الحرام ببعض الأشهر الحرم (7)
فذي بشائر توفيق قد انْتَظَمَتْ
من كل مُتَّسم باليمن مُنْسَجِمِ
إني لأرفع للرحمن معذرتي
حَرّى تَضَاءلَُ عن إبدائها كلمي
إني لأرفعها والقلب مضطرم
كأنما فيه ما بالنار من ضَرَم
ألقى بمعذرتي في ساح مغفرة الـ
ـرحمن جَلّلها من عبرتي ندمي
وهو الكريم الذي ما خاب قاصده
ومن أناب إليه غيرُ مُهْتَضَم
إني التجأت إليه واستجرت به
من يستجر بكريم الوجه لم يُضَم
يا نفس هذا من الفوز العظيم فما
تبغين بَعْدُ وهذا خير مغتنم
إن الرسول صفيّ الله أفضل ما
سَوَّى من الخلق والأكوان والنَّسَم
خير البرية والمبعوث خاتمة
للرسل والمصطفى من أوسط الأمم
وصفوة الله من بيت النبوة والـ
ـرسل الكرام دعاة الخير من قِدَم
هادي الهداة إلى الهدي السَّويّ إلى
خير الصراط صراط غير مُنْعَجِم
ومن به انبلج الحق المبين على
صحيفة الكون فانجابت رؤى الظُُّلَم
أنجى البرية من ظُلْم ومن ظُلَم
إلى ضياء وعدل شامل عَمَم
بشرعة الله أوحاها إليه هدى
للجن والإنس من عرب ومن عجم
وحسبك الله بل ناهيك من شرع
يسنها للورى. هل بعد - من حَكَمَ؟
عَلاَّم أسرارهم: ما كان منكتماً
منها وما هو باد غير منكتم
طبيب أنفسهم: يدري بعلتها
منه الدواء لداء غير منحسم
ويعلم السر بل أخفى سرائرهم
وما يعالجها من فائق الحكم
فاستلزمي شرعة الفرقان واعية
آيات ربك وعي الحاذق الفَهِم
ومن مناهل وِرْد المصطفى اغترفي
ما يُفعم النفسَ من أحواضه الفُعُم
فشرعة الله شرع صالح أبداً
لكل جيل، وأرض جِدُّ مُنْتَظِم
فلا يغيّر شيئاً من قواعده
مَرُّ الزمان، ولا حُكْم بمنصرم
لكنها سنن تهدي إلى مُثُل
ليست حبائسَ ألفاظ ولا نغم
تستهدف الخير، لا بغياً، ولا سَفهاً
ولا انتقاماً ولا رَضْوا لذي نهَم
أوحى به الله للمختار في زمن
عم الفساد شعاب الأرض كالوخم
فالناس في غَمَرَات من غَوَايتهم
وعن نداء الهدى والحق في صمم
في الجاهلية، غَرْقَى - كالخضم إذا
يموج ملتطم منه بملتطم
فالخير محتجب من فوقه ظُلَمٌ
والشر منتشر في الأرض كالحُمَم
ولم يكن ذاك حظ العرب وحدهمو
من الحياة ولكن مِحْنَةُ الأمم
ولم اختارهم جنداً لصفوته
منهم لأن بهم شيئاً من القيم
فجاء من خَيْرِهِ في عسكر لَجِبٍ
يمحو الجهالات هاد خير مقتحم (8)
فشع مَعْ مولد الهادي ضياء هدىً
كالبرق أومض - بين الأعصر الدُّهُم
تهدمت شرفات الظلم مذ بزغت
أنوار عهد وضيء الوجه مبتسم
ونبأ القوم بالميلاد كاهنُهُم
وأن باطل عِزِّ بالصحيح رُمى
وطاف هاتف بشرى قبل مولده
بقلب (آمنة) الغراء في الحُلُم (9)
رأت ضياء غزير النور منبعثاً
من جوفها المرتضى والطاهر الرحم
ثم اقتضت حكمة الرحمن تَكْرِمَة
لليُتم أن ضاف خير الخلق لليَتَم
رأت (حليمة) منه - وهي مُرْضِعَةٌ
له - بوادر فضل غير مكتتم
والجود واليمن قد حلا بساحتها
وسَيّب الغيث عنها غير مُنْخَرِم (10)
وعاش وهو أمين القوم أطهرهم
عرضاً، وأشرفهم فعلاً وفي كَلِم
وكان أعلاهمو كَعْباً وأكرمهم
أصالة في قريش جيرة الحرم
فلا أتى - قطّ - أمراً فيه شائبة
أو جاء - قطّ - بأطراف من اللَّمَم (11)
بل كان أرفعهم عن كل شائنة
بل كان أبعد: عن شك وعن تُهَم
جم الحياء قوي النفس ذا خُلُق
سمح كريم المحيا طيب الشيم
حتى ارتضوه لأمر لم يكن أحدُ
بالمرتضى فيه - إجلالاً ومن عِظَم (12)
ولم يَدِنْ بضروب الوهم عابثة
بالناس - إذاك - أو آوى إلى صنم
كأنما كان قبل الوحي مرتقباً
معارج الوحيِ، يستدنيه في القمم
يأوي (لغار حراء) وهو في كَلَف
إلى تفهم سر الكون من أُمَم
وأطلق النفس تسمو في عوالمها
لخالق الكون: تستجلي فلم تَهِم
والله أعلم إذ يوحي إلى بشر
كيف اصطفاه ونقَّاه من العَتَم
أكرم به بشراً من قبل بَعْثَتِهِ
وخاتم الرسل المنعوت بالعصم
دعا إلى الله معبوداً تَنَزّه عن
شِرْك له في فعال: الخلق والعدم
كما تنزه - جل الله - عن مَثَل
أو مشبه في صفات: المجد والعِظَم
لذا تَفَرَّد رباً ليتنا - أبداً
نوفيه بالشكر لا نوفيه بالذمم
فاستكبروا وَعَمَوْا عن نور دعوته
إن المضل عن النور المبين عَمِي
قالوا: أَجُنّ؟ أم السحر اعتراه فما
ينفك من مسه في مرتع وَخِمِ
فإن يكن ذاك - فالدنيا الفداء، بها
نسخو لأجل شفاء المفرد العَلَم
أو رام ملكاً فإنا مسلموه له
قد قُلِّد الأمرَ خيرُ الناس والحَكَم
ولم تكن تلك حاشاه - حقيقته
ولم يكن غاية هذا ولم يَرُم
فقال والنفس بالإيمان عامرة
إيمان مستوثق بالله معتصم:
"والله لو وضعوا في راحتي - غداً
الشمس والبدر لم أَعْدِل ولم أرم (13)
فدعوة الحق أوحاها إليّ هدى
للناس مخرجهم للنور من ظلم"
وفاضت الدمعةُ الشماء مرحمة
بالجاهلين وإشفاقاً على الرَّحِم
فما بكاء رسول الله عن ضَعة
في النفس حاشا عظيم القدر والهمم
لكنه العطف منه نحو أمته
قد هَزَّ في شعور الحزن والألم
والنفس ما عَظُمَت تشقى برحمتها
للآخرين وإن لم تَضْنَ أو تُضَم
وظل يجهد جبار الخطى أبداً
لله مسعاه لم يعبأ بمتهم
فكان يحتمل الإيذاء مُدْرِعاً
بالصبر في الله صبراً جَلّ عن سأم
وملء جنبيه إيمان بعاقبة
حسنى ومختتم للشرك مُصْطَلِم (14)
حتى استبان سبيل الحق سالكه
والنفس والحق مثل الخيل واللُّجم
وللهداية نور إن تسرب من
لألائه قبس للنفس تستقم
يشع بين حناياها على مهل
فتستضيء ويحيى داثر الشمم
وتشرق النفس من إشراق وازعها
ينساب بين خلايا الروح والأدم (15)
كأنما هو إذ ينساب بينهما
ماء الحياة يُروي دارس الرِّمم (16)
وإذ أجاب دعاء الحق عن ثقة
بالحق كلُّ أريب طيب فهم
وما عدا الحق إلا الجاحدون على
علم وشرُّ تباع الناسِ والعمَم
عَلاَ على البُطْل سيفُ الله منصلتاً
يمحو به الله كيد الحانق الخصم (17)
ويستجيب له من لا يعي أبداً
إن لم يَرَ الحقَّ غِمْدَ الصارم الحَذِم (18)
يا سيدي يا رسول الله أفضل من
على بسط الثرى يمشي على قدم
وأفضل الخلق من فلك ومن ملك
فهم لجاهك عند الله كالحشم (19)
إني لأشهد والأكوان تشهد من
قبلي وبعدي يميناً بَرَّةَ القَسَم
إن قد بلغتَ جُهادى (20) العَزْم خالصة
لله غير كليل النفس أو سئم
أديت واجب مأمون لمؤتمن
خير الأداء أداء المخلص القَرِم (21)
عليك من ربك الأعلى السلام فطب
نفساً وسَيِّبُ رحماه عليك همي
وأنت أعظم - يا مولاي! - عن كلم
تنساب من فهم مهذار ومجتَرم
لكنما الحب أغراه، فلا عجب
إن جاء مُجْتَرِم يدعو لذي عصم (22)
يا سيدي يا رسول الله! معذرة
إذا تسامت فأكدت فرحةُ القلم
وما شأوت إلى علياء أنت لها
فليس يسمو إليها ناطق بفم
وإن أعارض قصيداً للأُلى سبقوا
بالفضل، وانتهلوا وِرْدك الشَّبِمِ (23)
فما أطاول ذا بشرى (24) مُعَاجَزَةً
لكن أنافسه في الحب - لا كلمي
 
طباعة

تعليق

 القراءات :665  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 119 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج