كل شيء بقضاء وقدر |
لست بالساخط من صنع القدر |
ضل من يسخط من أقداره |
ولقد يفلح من كان صبر |
ليس يغني السُّخْطُ من شيء سوى |
أن يزيد الضُّر أضعافَ الضرر |
فالضنى حَمْل وفي الصبر السلى |
وضنى فوق الضنى حِمْل الضجر
(2)
|
ونهايات الورى واحدة |
ليس من فرق سوى فرق الصور |
قصتي أحدوثة محزنة |
لأولي الأبصار فيها مُزْدَجَر |
هي مأساة ولكن عبرة |
ولكم طي المآسي من عِبر |
كنت في (الروضة) أختال كما |
في (ربى الروضة) يختال الزهر
(3)
|
بادَى العزمة وضّاءَ الرؤى |
وافر النعمة في ثوب الغَرَر |
ومضى الدهر على عادته |
يقلب الأوضاع من خير وشر |
فإذا الدنيا - وكم وجه لها - |
أبدلتنا المر عن حلو النَضَر |
أجدب الخِصْبُ وأزهارُ الرُّبى |
صَوّحت والروض مصفر الشجر |
وإذا الروضة أخشاب وقد |
حَصْرَمَتْ فيها بواكير الثمر |
وحياة الناس في هذي الدنى |
عجب!. بين سرور وكدر |
بينما كنت أواسي مُشْرِفاً |
يلفظ الأنفاس في سَمْت بَهر
(4)
|
بينما كنت أعاني ألماً |
في السويداء من القلب انفجر |
لأبي الشيخ الذي أحببته |
مثل حب منه أسنى وأبر |
لأبي كان - على عيني التي |
قَرَّحَ الدمعُ - طريحاً يُحْتَضَر |
ليتني كنت فداه ليتني |
ليت لا تغني إذا حُمَّ القدر |
كان ركب لعروسين ازْدَهى |
فَنَثا البشر وغَنَّى وازدهر |
وإذا نحن جوار عجب |
وحياة وممات: في سمر |
وإذا الحب بكاء في فمي |
وزغاريد بأفواه أُخر |
كنت في هَمٍّ عميق وأسى |
في حنايا النفس والقلب استقر |
بينما كانوا على العكس مضوا |
يعلنون البشر في شتى الصور |
أعلنوا الفرحة ما شاءت لهم |
"حكمةُ النسيان" تغشى وتَغَر |
حسبهم ذاك ولو قد ذكروا |
منتهى الأشياء ما غنى بشر |
ما أضل الناس من يَرْفِدُه |
حظَّه يملأ جنبيه البطر |
سُرَّ من واتاه جَدٌ باسم |
وهو لا يعلم ما يخفى القدر |
ربما عَقَّبَ نعماه أسى |
بالغ يمحق ما قد كان سر |
هذه العبرة ما أبلغها |
جهل الإنسان!. لولا ما ادَّكر |
إنني أؤمن بالله، وما |
في قضاء الله من خير وشر |
أبتي فَقْدُك خَطْبٌ فادح |
جَلَّ عن صبري فأكدى وانفطر |
لي رضاء منك - بعد الله - يا |
أبتي أفضل ما قد يدخر |
إنما أبكيك إجلالاً لما |
ملأ القلب جَلاَلاً وعَمَر |
إنما أبكي علوماً ضَوَّأت |
وينابيع لفضل قد غمر |
إنما أبكي خصالاً كَرُمت |
وخلالاً طبن والوجه الأغر |
أين أيامُك في مصر وقد |
طاب فيها العيش واحْلَوْلى السهر |
زانها أنك في عافية |
بعد سُقْم قد عرانا وبَسَر |
هي في عهدك كانت روضة |
من رياض العمر فارتدت سقر |
واكتوى العمر على حَرّاقها |
كاد أن ينهد من لفح الشرر |
فتجلى الله في آفاقه |
يُبْرد النار ويحيي ما اندثر |
وعلا الصبر الذي علمتني |
ما ادْلَهَمَّ الخطب واستشرى الخطر |
أين مِنِّي وجهك النضر الذي |
يمنح الفرحة بل يجلو النظر |
أين من سمعي مِنْطيق إذا.. |
أرسل القول فقد صاغ الدرر |
مخلص لله في دعوته |
ما تَرَجَّى مِنْ سِواه وائتجر |
عارف بالله والله به |
يرشد الناس ويهدي ما شَجَر |
إنني أرجو لك الله الرضى |
كلما ناجيته جوف السحر |
ولدى كل صلاة..... وإذا |
عاودتني منك أطياف الذكر |
أنت ملء السر والجهر وما |
يفعم الذهن بألوان الفكر |
ذاك ما أملك إني عاجز |
ولقد عودتني أن يُغْتَفَر |
أبتي ذكرك رطب خالد |
في ضمير الدهر كنز مدخر |
قد بذلت الجهد في الله وفي |
صالح الناس وفي خير وطر |
في سبيل الوطن الغالي وفي |
خدمة الشعب بإعداد البشر |
كنت - والله - مثالاً رائعاً |
للقضاء العدل في علم زخر |
كنت أستاذاً لجيل ثَقِفٍ |
حمل العبء وأعطى وانتشر |
حسبك الله وفي الله لنا |
عوض عنك فطب نفساً وقَر |