بِوِدِّي أن يشيب الفَوْدُ مِنّي
(1)
|
وتشرقَ لحيتي والعارضان |
فإن الشَيْبَ ثوب ذو وقار |
يحوك خيوطَه نَسْجُ الزمان |
إذا قَدَرَ الرجالُ المرءَ حقاً |
فليس يعيبه عَبَثُ الحسان |
ومن تَشْغَلْه أبكارُ المعالي |
وتملأ نفسَه غُرُّ المعاني |
فليسَ تَهُزُّه أعطافُ هند |
إذا غنَّجَتْ ولا دَلُّ الغواني |
وليس العيش في الدنيا غروراً |
لذي هدف، بصرح المجد بان |
ولكنّ الحياةَ سبيلُ جِد |
تَضَاءَلُ دونه نفسُ الجبان |
فما بلغ المكارم من تصابي |
وقاصيها لكف الجِدّ دان |
فأما تعشق العلياء فاجهد |
بلا ملل يشوبك أو تواني |
وغالِبْ حادثاتِ الدهر حتى |
يغالبها جهادُك في اتزان |
فصبرك في المكاره خير ما قد |
يعالجها وتمضي في أمان |
ومن يلق المتاعب بابتسام |
يهن في نفسه ما قد يعاني |
فإن بلغ الزُّبى سَيلُ العوادي |
فقد أَعْذَرْتَ في نهج السنان |
وكن في كل حالك من نعيم |
ومن ضراء موفور الجَنَان |
فما لك في شؤونك غير جهد |
ولا لك في مصايرها يدان |
وضع من عقلك الواعي رقيباً |
على شفتيك من هَوَج اللسان
(2)
|
فإن لكل شاردة قنيصاً |
وتعقب كلَّ بادرة معاني
(3)
|
وحاذر ما استطعت تكن بليغاً |
إذا حدثت متزن البيان |
تكن رجلاًً - على العلاّت - فَذَّاً |
تشير إليه أطرافُ البنان |
وما تخلو من العِلاّت مهما |
غدوت من المكارم في العِنان |
* * * |