(( كلمة الدكتور عبد الله المعطاني ))
|
وكان ضمن المشاركين في الاحتفاء بالدكتور فهد العرابي الحارثي الدكتور عبد الله المعطاني حيث قال: |
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله.. في واقع الأمر أنه حينما تكرم الأستاذ عبد المقصود خوجه، وطلب مني في بداية اللقاء كلمة كأنني تمنعت قليلاً ولعلي لا أكون قد أغضبته بذلك، لأن التكريم أعرف أو أفهمه بأنه هو الحديث عن الشخص بما يليق أو بما يفرح، أو المدح والثناء، ولعلي في هذا الجانب ضعيف جداً لأني لا أحسن الثناء، ولا أحسن المدح، ولعل الذي منعني من هذا منع ابن بسام من قول الشعر. |
- وفي الواقع أنني سوف أتحدث أو ألعب على ورقة لم يتحدث عنها الإِخوة الذين سبقوني من منطلقين. المنطق الأول: أنني زاملت الدكتور فهد العرابي وإن كنت في دفعة تليه، وأما الورقة الأخرى: فهي البداوة التي جمعتني وإياه. فأقول بأنه ذلك الرجل الذي خرج من جبال الصور وجبال المريفق إلى أن أتى إلى باريس فضمته بين جوانحها، بلد الهوى والجمال والضلال كما سمَّاها الدكتور زكي مبارك. |
- في الواقع أن الدكتور فهد العرابي كان مثالاً لنا كما أشار الأستاذ الحصين في كلمته للذين جاءوا من بعده. فقد درست في دار التوحيد كما درس فيها، وكان يرن اسم الدكتور فهد العرابي في ذاكرة الزمن وفي ذاكرة كل من درس بدار التوحيد متأثراً به بأفكاره في أدبه، بثقافته، بتفتحه، بقراءته، بذلك المكان الصغير الذي كنا نرتاده، لقراءة بعض الكتب القديمة.. الواقع أن جميع هذه الذكريات جالت في خاطري حينما رأيت خبر تكريم الدكتور فهد العرابي، وحينما أزمعت أن آتي إلى هنا كي أحضر هذا التكريم. الشيء الثاني لعلي أستطيع أن أقول بأن التكريم في الواقع يختلف عن التجريح. وما أصدق قول عبد الملك بن مروان حينما كان جالساً ودخل عليه أحد الشعراء وكان في ليلة أنس فألقى عليه قصيدة في الرثاء أو في المواعظ فقال له: وإن كنت قد أجدت في قصيدتك إلاَّ أن الملوك تكره أن يعكر صفوها في ليلة أنسها. |
- فأرجو هذه ملاحظة على الهامش أنطلق منها إلى الحديث عن الاثنينية في حد ذاتها. فإن الأستاذ عبد المقصود في الواقع لا يقدم لشخص معين أي تكريم، وإنما هو يقدمه للتاريخ. وسوف تبقى هذه الاثنينية في ذاكرة التاريخ كما بقيت مجالس قرطبة التي حفلت بالشعر والنثر والمطارحات الأدبية والفكرية. ولذلك أذكر أيضاً أن اثنين من أبناء الغساسنة جاءا إلى عمر بن الخطاب فقال لهما: لقد قال فيكم زهير فأحسن، قالا له: وكنا نعطيه فنجزل قال: ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم. |
- الدكتور فهد العرابي في الواقع لا شك أنه قلم متميز في هذا البلد الطيب وإن كانت قد ضمته اليمامة بين جوانحها، وفي هذا اليوم تضمه أو تضعه جدة على ثغرها الباسم، فنحن أصدقاؤه القدماء نردد قول شاعرنا الأستاذ أحمد إبراهيم الغزاوي: |
وأخشى الذي أخشـاه مـن مصـر أنهـا |
تنافسنا فيك الهوى فنضيع |
|
|
- الدكتور فهد العرابي في الواقع كاتب متميز، وله منهج خاص، ولا أدري ما الذي حدا بالأستاذ المليباري أن يتحدث عن البنيوية، وعن التفكيكية، والأستاذ الدكتور فهد العرابي بعيد كل البعد عن مثل هذه الأشياء لأني على قدر ما قرأت له لم يتناول مثل هذه الأشياء في كتاباته، وإن كان له منهج متميز وما أحوجنا إلى مثل هذه المناهج المتميزة. |
- فكلنا قد درسنا في أوروبا وعدنا من تلك البلاد بمناهج، ولكن لم نتنكر لتراثنا، ولم نتنكر لقرآننا، ولم نتنكر لعقيدتنا، ولا أدري إذا كان الأستاذ المليباري دائماً يود أن يتربص كما قال في كلمته أو لعله يبحث عن معركة أخرى بعد أن انتهت معركة الحداثة والتراث. |
- وفي الواقع أن الأدب، وأن الفكر ليس معارك وليس تجريحاً وإنما هناك مجالات قد نتحاور في شارع من شوارع التراث والتراث صحارى ومدن وعالم خاص، فلماذا لا نتناول مثلاً من التراث وهو تخصصي البحت؟ وأنا أدرس النقد الأدبي القديم في جامعة الملك عبد العزيز، وتخصصت في التراث والتراث أمامنا فسيح جداً. |
- فلماذا لا يبحث الأستاذ المليباري في لغة القصيدة؟ في بناء القصيدة، في مفهوم الشعر، في الطبع والصنعة، في الأصالة، في اللفظ والمعنى، في الأخذ على ما قيل عن تلك المصطلحات وتلك القضايا التي ملئ بها التراث؟ فحينما يبحث فيها الأستاذ المليباري أو أمثاله، لعله يأتي بأشياء تفيد المجتمع، أما أن نتصيد بعضنا البعض، ونحاول أن نجرح الآخرين فحينئذ لا يكون أمامنا إلاَّ أن ننظر من ثقب صغير جداً، وهو أن نتصيد عيوب بعضنا دون أن يكون هناك سند موضوعي. |
- وأعود إلى كلام أخي الأستاذ السريحي وأرى أن تكون المداخلات موضوعية وأن يكون الرد عليها بمنهجية وأن يكون أسلوب الدعوة حسناً كما أشار إلى ذلك أستاذنا الدكتور أحمد هاشم في محاضرته ليلة البارحة بالنادي الأدبي الثقافي بجدة. |
- هذه في الواقع ملاحظة على الهامش فتقتها كلمة الأستاذ المليباري أحيّي الدكتور فهد العرابي علماً وفكراً وأستاذاً، أحيّيه باسمنا جميعاً في جدة ثغرنا الباسم، والسلام عليكم ورحمة الله. |
|
|