إلى الصاحب المُسْدى إليَّ عزاءه |
بنظرة بَسّامٍ، وفكرة مِئناس |
تراءت له الدنيا فأغراه ما رأى |
من الزخرف البادي ومن ضجة الناس |
وعَزّ عليه فِيّ ما قد بدا له |
من الحزن في نفسي يُضَرِّم أنفاسي |
فأزجي إليّ الشعر يؤنس وَحْشَتِي |
ويكشف عن عَيْنَيّ منظارها الغاسي
(1)
|
ويبعث في أعماق نفسي أثارةً
(2)
|
من الأمل المدفون تنعش أَحْداسي |
رويدك قد أسرفت لا تَغْلُ واقتصد |
فلست - وعَمْرَ الله - ذا خُلُق جاس
(3)
|
أخذت عليّ اليوم تجريدَ فكرة |
وتحديد مقياس ورقَّة إحساس |
وتحسب أني ضاق صدري لأنني |
بُليتُ بطبع مُرْهف الذَّوق - شَمّاس
(4)
|
وإني أرى الدنيا بعَيْنَيْ تشاؤم |
وفكرة يأس في جَهامة عبّاس
(5)
|
وماذا ترى؟ هل من جديد؟ لبئس ما |
نراه!. وماذا غير عُقْم وإفلاس؟! |
وماذا ترى؟ إلا شؤوناً أليمة |
وماذا الذي نرجو من الزمن العاسي؟؟
(6)
|
شؤون يظل الفكر فيهن حائراً |
ويُبْلِس في تكييفها أيَّ إبْلاس
(7)
|
ودنيا يعيش الحُرُّ فيها مطوحا |
تَنَاوَبُه شتى هموم وأتعاس |
فلا العدل مضمون إذا الحق ضائع |
ولا الرأي مكفول على شفّ قرطاس |
أليس من الكبت المميت نفوسنا |
وجاعلنا نمشي على غير نِبْراس؟! |
وخَلْق كقُطْعان السّوام مُسوَّم |
يعيش مع النسيان كالهَمَل الخاسي
(8)
|
وكم هش للدنيا شباب وملؤه |
شعور دُفاق في فداء وأحْلاس
(9)
|
يصارع أرزاء الحياة بعزمة |
ويَبْسم للبلوى بكل حماس |
وكم جد للإصلاح شِيَبٌ وفتيةٌ |
وشتى رجال من شعوب وأجناس |
فناءوا بأعباء الرسالة، وانْثَنَوْا |
ولم أدر ما يلقون في قَعْر أرماس |
ضلال، وجهل، وافتقار، وقُحْمَة
(10)
|
وفقدان انصاف وأوهام.. آراس |
إلا هذه الدنيا فهل زُرْتَ بقعة |
من الأرض ما أشقت ولم تَشْقَ بالناس؟! |
أليست شؤوناً تُذْهِل العقل ربما |
تزلزل في الإنسان إيمانه الراسي
(11)
|
إذا المُثُل العليا بَدَتْ في وجودنا |
مطالبَ مغرور وأحلامَ هَجّاس |
فقل لي - رعاك الله - أيّ مبادئ |
تُنَظِّمُ دنيا الناس أو أي مقياس؟! |
ولست أرى ما أنت مبديه منطقاً |
يصور ما تخفيه في قلبك الآسي |
فقد رحتَ تشكو عثرةَ الجَدِّ حانقاً |
تُنَدِّد بالمقدور، والزمن القاسي |
وما اسطعتَ صبراً فانطلقت معبرا |
عن الشكوى إيماء بمنطقك الكاسي |
تناسيت قصد النصح أم هاجك الجوى |
فهل كنت للذكرى القريبة بالناسي؟! |
خبت جذوةُ الآمال والعمر رَيِّقٌ |
فكيف إذا ما العمر شِيب بايبَاس |
* * * |