شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
صورة من البرّ
(بمناسبة الاحتفال السنوي لجمعية البِرّ والإحسان الإسلامية بكفر الزيات عام 1365هـ وكان الشاعر بها في أولى رحلاته لمصر).
سمعت صوتاً حزيناً غائر النَفَس
أنّاتِ مكتئب، في ظُلْمَة الغَلَس (1)
حُشَاشة تتنزّى للفناء وفي
جوعِ الفقير بِذَارُ الشّر والنَحس
مُشَرَّداً لفَظَتْ دنيا الحياة به
على الرَّصيف مَقَرِّ المُعْدِم التَّعس
إذا مشى تتخطاه العيونُ، وكم
يرمونه - عَنتاً - بالمنطق النَجِس
الطَّيِّب النَّفس لا يعفيه من رَهَقٍ
في جفوة الرَّدِّ تحوي غلظةَ الكلم
وآخرون إذا ما لاطفوا فعلوا
ما قد يُمزِّق نفس الحُرِّ بالألم
ومفسدون عطاياهم بعجرفة
تُشَوّه الخيرَ في المعنى وفي القِيم
يمُنُّ واحدهم بالقِرْشِ ينفقه
كأنما هو أَحْيَاهُ من العدم
ما أظلم النّاس! ما أقسى غنيهمو
على اليتيم، على الثَّكْلىَ، على الهَرِمِ
على الأيامى، على المرضى، ومن نكبوا.
من خيرة القوم أو من فِدْيَة الكرم
أخنى الزمان عليهم بعد بسطتهم
يوماً وإدراكِهِم حظّاً من النِّعم
ما أظلم النّاس! ما أقسى غنيهمو
على أولاء! فهل تُجْدي لهم كلمي؟!
رأيت صاحب هذا الصَّوت ملتحفاً
بقطعة من قُماش هلهل خَلَق (2)
قد بات والجوع يُهْري بطنه ألماً
بئس الضَّجيج، وويح الجّائع القلق
يَغُطُّ في سكرات الموت حشرجة
حَرّى الأنين على أنفاس مُخْتَنِق
أتيته وعسى أنّي أَبِرُّ به
نفساً معذبة باتت على رمق (3)
لكن تَعَجَّله الموت الزُّؤام فلم
أدرك حَرَاكاً به في جسمه النَّحِل
حملته لأولي البِرّ الذين سعوا
جُهْدَ الكرام لخير القصد والعمل
فكفنوه وآوَوْهُ لتربته
في موكب بأولي الإحسان محتفل
مَدُّوا إلى أهله إبَّانَ محنتهم
يَدَ الكرام إلى ثَكْلىَ بلا رجل
وأجزلوا العون في رفق وتكرمة
ومنطق طَيِّب حلو كما العسل
ونَشَّأوا طفله المكلوم في كَنَفٍ
رحبٍ بأعين أهل الفضل مُشْتَمل
يرعونه أملاً من صنع أعينهم
كأنما هو منهم حَلَّ بالمُقل (4)
حتى غدارجلاً يسعى إلى عمل
في بُنْيَةِ القوم كُفْئاً جِدَّ مُكْتَمل
وراح يدعو وأهلوه لمن كلأوا
مصابهَم وتولوهم لدى المِحن
أهل المكارم، والإحسان ما فتئوا
يواصلون خطىً من أقوم السَّنن
وَرَدّ حسن صنيع النّاس مَرْحَمَة
بالنَّاس عند يد الأقدار والزّمن
يأسو جراحهمو، يرعى ذِمامهمو
يمحو بذلك عنه شِقْوة الإِحن
هذا هو الخيرُ نبت الخير إذْ فعلوا
فكيف لو عاش فيما بينهم هَمَلا؟!
هذا العلاج لأدواء مُعَقَّدَةٍ
تشقى بها أمةٌ لم تدرأ العِلَلا
تاللَّه هذا هو الإسلام يفهمه
- على حقيقته - منّا الذي عَقِلا
من رام عند إله النّاس مرحمة
فليرحم النّاس مما عنده جَعَلا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :595  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 20 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج