حدّثي أهرام (خوفو) حدّثي |
واسكبي العِبْرَةَ في سمع الزّمن |
إنما أنت رَسيلٌ خالد |
من (عزيز النِّيل) فوق الحقب |
حدّثينا أنت وليصغ الزّمن |
حدّثينا بالذي عَزّ على |
شَفَةِ التاريخ أن تنطقه |
حدّثي عن (آل فرعون) وما |
ضَمَّت الأحقاب قبل الكتب |
من فخار، وعلوم، وسَنَن |
حدّثينا كيف شادوا وبنوا |
أَجْبُلاً عالية فوق جبل |
في اتساق، ونظام رائع |
مُدَّ فيها نَفَقٌ بعد نَفَق |
آية مبدعها: ربُّ الهرم |
حدّثي مصرك عن مصر التي |
شادت الأهرام رمزاً للعِظَم |
كُلَّما مَرَّ بنو الدنيا بها |
مصبحيها طَبَقاً بعد طَبَق |
هتفوا بالمجد في أعلى القمم |
حدّثي أحفادك اليوم بما |
صنع الأجداد في الماضي البعيد |
أنشأوا المجد وساروا قوة |
تقهر الأرض بعزم من حديد |
وتراثٍ خالد عَبْرَ السنين |
أودعوا فيه بقايا مجدهم |
ليراها بعدهم من قد يرى |
عظة تنبئ عن آثارهم |
يوم سادوا النيل في الوادي السّعيد |
ومضوا طَيَّ سجل الخالدين |
فَنىَ القومُ، ولكن ذِكْرُهُم |
خالدٌ يحيا على هام الدهور |
إنّما الأهرام دنيا وحدها |
في حناياها ملوك وحشود |
وكنوز وجلال لا يَبيد |
إنّما الأهرام رمزٌ لِقُوىً |
غالبَ الدهرَ، وآلى أن يعيش |
كُلّما طاف به عادي الزّمان |
جثم العادي لدى المجد التليد |
ومضى يهتف بالمجد العتيد |
يا بني مصر وما أهرامكم |
غير رمز لفنون وعلوم |
لم تكن تُبْنى بلا علم فما |
طاقة الإنسان إلاّ في حدود |
لا تقولوا: قد بناها الظالمون |
إنما سُخِّرَ بالعلم الذي |
يعجز الإنسان عن اتيانه |
لا تقولوا: قد بناها ظالم |
سَخَّر الشعبَ، وضحّى بالعبيد |
إنما قولوا: بناها العالمون |
يا بني مصر وفي أهرامكم |
حافز يُغْري بشحْذِ الهمم |
إنما الأهرام رمز لِقُوىً |
تَرِفَتْ بالعلم، والعزّ المديد |
فبنت مجداً عتيداً لا يميد |
يا بني مصر ومن أهرامكم |
هاتف المجد مُهيباً بالجهود |
فأصيخوا بنفوس واعيات |
واستجيبوا عَزَماتٍ لا تحيد |
واربطوا التّالد بالمجد الجديد |
لا تقولوا قد كفانا سُؤْدداً |
ما بنى (خوفو) ومجدُ الغابرين |
غير الماضي بما في طيّه |
غير ذكرى رُدِّدَت في العالمين |
كهداءٍ من بناة أولين
(1)
|
وعظات، وتراث للبنين |
ليس للأبناء من مجد به |
أن غَفَوْا عنه، فبئس الوارثين |
وإذا سادوا على أعقابه |
بطريف المجد بين العالمين |
فسلام للبناة الغابرين |
وسلام للبنين الوارثين |
* * * |