صوت من البلد الأمين تجاوبت |
أصداؤُه في الخافقيْن مُجَلْجَلا |
صوت من البلد الأمين مهذّب |
عذب، تَحِنُّ له النُّفوس تَبَتُّلا |
لكأنَّني بالمسلمين، جوانحا |
تهفو إليه تقول: حيَّ به هَلا |
صوت من البلد الأمين فأيهُّم |
لا يستجيب: مكبّراً ومُهَلِّلا |
صوت حبيب للقلوب يهزُّها |
فرحاً ويَفْعَمُها هوى مُتَوَغِّلا |
صوت يُدَمْدِمُ في الضُّلوع مُحبَّبا |
حُلواً - وَيَخْطُر بينهن مُدَلَّلا |
صوت بأشذاء القداسة والهدى |
عَبِقٌ يجيء مجلَّلا ومبلَّلا |
صوت من الأرض الحرام ومأزِر |
- الدين الحنيف يجوز بحراً أو فَلا
(1)
|
ويجوب آفاق العوالم طائفاً |
بالأرض من (مهد الرِّياسة): مُرْسَلا |
(أم القرى) هي مبعث الصوت الذي |
نادى إلى الحق المبين فجلجلا
(2)
|
هي مبعث النُّور الذي انبثق الهدى |
منه فَرَشَّد حائراً ومُضَلّلا |
يا أيهُّا الصوت الحبيب ألا انبعث |
للخير والكَلِمِ الجميل مُرَتِّلا |
تدعو إلى الخُلُقِ القويم مردّدا |
(صوت النُّبوة) طاهراً مترسِّلا
(3)
|
ما أحوج الدُّنيا إليك، وقد غدت |
من شَرّ أهليها تعيش سَبَهْلَلا
(4)
|
عاث الفساد بها وَعَمَّ شِعَابها |
فالكون بالنَّسج اللَّئيم تَسَرْبَلا |
وطَمَاعُ أهليها هَوَى بكيانها |
أدباً وأخلاقاً فعاد مهلهلا |
رَجّعْ لها الصوتَ الذي أصغت له |
زمناً فغشّاها اليقينُ وجَلَّلا |
وأَعِدْ لها ذكرى الألى شادوا بها |
صرحاً على الأيام لن يتزلزلا |
نَغَماً على سمع العصور مُجَدَّداً |
بالباقيات الصَّالحات مُجَمَّلا |
وَسَنىً على عين الزّمان ولُبّه |
بالمكْرُمات وبالفخار مُكَلَّلا |
هذا هو الماضي الجميل لأمةٍ |
للحق والأخلاق كانت مَوْئِلا |
كَفَلَتْ حضَارَةَ عالمٍ وعلومَه |
زمناً نَدِيَّ الذِّكريات وقد خَلاَ |
فأهب بها - يا صوت - من جَوْف الكَرَى |
فلعلها تجد الطَّريق إلى العُلا |
بل تستعيد تليدَ مجدٍ داثِرٍ |
طَيَّ الحقوب - فعاد عِزّاً مُهْملا |
فالمجد ما صنع الفتى بيمينه |
لا ذكر ما صنع الجدود وإن حَلاَ |
فإن استدامَ تليدَه بطريقِهِ |
يحلو وإلاّ صار عبئاً مثقلا |