رجعت لنفسي فازديت شبابي |
وعاتبت شيبي واتهمت صوابي |
فلا أنا بالأولى أخذت بحقها |
ولا أنا بالأخرى ملكت خطابي |
غنمت من الأولى الجهالة بالهوى |
فلم أدر في الأخرى فريق ركابي |
* * * |
وما معنى الحياة بغيرهم؟ |
وهل سر الحياة غذاء جسم؟ |
فما صحت حياة دون حب |
إذا صحت معايير الفهم! |
وإن خلت القلوب فلا عقول |
فحسن القلب مصدر كل علم |
* * * |
ليس من شيمتي ولا عاداتي |
أن أباهى بالفقر أو بالثراء |
فالغنى ليس سبة حين تجنيه |
بكد وقدرة وإباء |
وإذا ما تعذر عن واجب السعي |
ففي الفقر سبة الأغنياء |
* * * |
غاية العيش أن تعيش كريما |
فإذا كنت بلغت المراما |
غير مجد - يا صاح - أن تجمع المال |
على حبه ركاماً ركاما |
قيمة المال حين تستعمل المال |
وإلا فقد جمعت الرغاما! |
* * * |
حسبي من العيش ما استبقى الحياة وما |
يكفي لذلك من.. رَيّ وإشباع |
فليس غيرهما حظى بمائدتي |
حفيلة ذات ألوان وأنواع |
* * * |
وحسب نفسي من دنياي أن له |
من الزهادة فيها خير إمتاع |
فما تنال من الدنيا وزينتها |
وعيشة رغد فيها وإمراع |
من رؤى ذات إشراق وإشعاع |
وزخرف كسراب الدَّو خَدَّاع |
* * * |
فإن يكن غاية الدنيا السرور بها |
وفرحة تتمشى بين أضلاع |
فإن في الزهد فيها غاي طالبها |
من أقصر السبل لوقد أدرك الساعي |
* * * |
يومان.. يوم مشرق متدفق |
بشراً ويوم قاتم ديجور |
هذه هي الدنيا وذي أيامنا |
فيها وهذا الواقع المقدور |
فإذا أمضك حاضر متجهم |
فلقد يسر محجب مستور |
وإذا تلقاك الزمان بوجهه |
فاقصد فدهرك قُلَّبٌ وغدور |
* * * |
بدا الشيب يغزو لحية طال صبرها |
على المر فابيضت وقد نضب الصبرُ |
وما ضرني أني صبرت على الأذى |
فربَّ أمر فيه يستعذب المرُّ |
ولكن ما أخشاه عاقبة المدى |
وقد طال حتى كاد أن ينفد العمرُ |
إذا خيم الليل البهيم على الأسى |
عذرت الذي قد ظن ليس له فجرُ |
* * * |
ضل من يحبُ الحياة شكولاً |
تتنزى بها الرجال وتسعدُ |
فالكراسي هي الكراسي |
بفريق تهوى وآخر تصدُ |
* * * |
إذا ما تطلعت نحو السما |
ء وغُم على العين مرأى القمر |
اذلك يعني انعدام الهلا |
ل؟ ألا لا.. ولكنه مستتر |
وإذا لم تجد منفذاً للرجا |
ء فلا يأْس مما حواه القدر |
ورب أمر بعيد الوقو |
ع فجئت به حين لا ينتظر |
* * * |
أوشك النور أن يعم فيمحو |
ظلمات الشباب في مفرقيا |
وإذا ما فاخر الشباب بعزم |
فاخز الحزم بالمشيب وحيا |
* * * |
كنت يا بدر للعيون جمالاً |
ذا أنت للعقول مجالا |
كنت شغل القلوب تغزل مِنْ |
مرآك أحلامها وتروى الخيالا |
فغدوت الشغل الملح على الألـ |
ـباب شدت إلى حماك الرحالا |
وانبهار العقول أروع في الأنفـ |
ـس من بهرة العيون حيالا |
وصلوا للحبيب بعد عناء |
لا أظن الوصول يعني الوصالا |
ربما هان بالوصال حبيب |
وحبيب يزيده إجلالا |
* * * |
لا تشكُ للناس همك |
فتلهم الناس ذمك |
واكتم عن الناس شأنك |
يعظم الناس عزمك |
وارفع إلى الله أمرك |
ليكشف الله غمك |
فالحب عشق لا قوى |
لمصدر الحب أم لك |
والاحترام أساس |
فمن أحب أجلَّك |
وما سواه فشيء |
لا ترضى عنه محلك |
* * * |
ومن نكد الدنيا عليك وسخفها |
إذا قادك الأعمى وأنت بصيرُ |
وعطل من معنى الحياة مثقف |
وشيدت القدم حلة وقصور |
وأن يرد الماء النمير مضمر |
ويورده الأفذاذ وهو كدور |
ويعطي عطاء السافهين مرفه |
ويحرم من قوت الفقير فقير |
ويمنع ذو حق صراح ويرتوي |
سفيه جهول في الورى ونمير |
إذا أفضل الفضل الأصم محنكاً |
وغر حصيفاً فالفضائل زور |
فيا رب عجل بالفناء وبعثنا |
إليك فدنيانا هوى وفجور |
* * * |
قد يفعل الرأي ما لا يفعل الذهب |
ويفعل الرأي ما لا تفعل القضب |
فالمال والسيف حدا الرأي ليس له |
عنه غنى حين يغنى وينتصب |
فلا تضنن بالفكر إذا عطل |
عن التصرف كفُ طبعها الحب |
فقد تجود برأي لست تحسبه |
معنى العطاء وفيه الكسب والأرب |
* * * |