كل شكوى من جحيم الألمِ |
تنتهي في عمرنا المنصرمِ |
ومعار العيش يسترجعه |
جدث الأرض وصمت العدمِ |
وإذا الأمس وأحلام غد |
خاشعات الطرف بين الرممِ |
غير ذكرى من حديث طيب |
عاطر يسري رقيق النغم |
* * * |
أين ابتسامك يا منى أحلامي |
والشاطئ الممراح مهد غرامي |
رقصت على يأس اللقاء حمائم |
جذلى بطول تأوهي ومقامي |
وإذا بها سخرت بدمعة عاشقٍ |
فاستنفرت صمتي وضعف كلامي |
خافى إلهك فالحروف تناثرت |
في مهجتي أشلاؤها وعظامي |
* * * |
تعالَى إلى روضك الناضر |
إلى الصفو في ليلك العاطر |
كفى ما مضى من عتابٍ مريرٍ |
وعمر يقيم بلا حاضر |
ومرَّ الخريفُ وأشواقنا |
رحيلٌ إلى الموعدِ الحَائرِ |
وهذا السكون العنيف القويُّ |
أليسَ لَهُ بعدُ مِنْ آخرِ |
* * * |
كم سهرنا فيما مضى من قديم |
وبلونا الكرى بأنس عظيم |
واستبقنا بوح الغرام بعطر |
من وفاء إلى لقاء كريم |
بينما لا نرى فتوناً وحسناً |
غير تهيامنا بحب عظيم |
فنرى الكون أريحياً ضحوكاً |
هكذا نحن في إخاء حميم |
* * * |
ولي خافقٌ من حبها لا يقنعُ |
ومدامعٌ في بعدها لا تهجعُ |
ما هز تذكار الحديث مشاعري |
إلاَّ وترديد الصدى يتقطعُ |
فحروفها ثكلى بقرب رواحلي |
وأنينها عند التفرق مُترعُ |
سأمٌ هي الدنيا وفي طياتها |
صوت الأسى لكنه لا يُسمعُ |
* * * |
من بعد أن ولى ربيع شبابي |
واستأنست عين الرضا بعذابي |
ما زلت أحفل بالأماني في غدي |
فلربما رقّ الهوى لعتابي |
فيعيدني الأمل الجديد إلى الصبا |
أيام أفراحٍ بغير حساب |
فمتى يعود بنا الحديث ونلتقي |
بالصفو في حشد من الأحباب |
* * * |
وأَرَى الظَنَّ في تَجنِّيكَ حِلْماًً |
فادخر ما تشاء بؤساً وظلماً |
أنت مني على صراعي نقيض |
شئت حرباً وأرتجي فيك سِلْمَاً |
هكذا الشرُّ شيمةٌ في لئيمٍ |
يتحداك بين إما..وإما |
أن تجاريه في هزيمة حقٍ |
أو ترى الحبّ والفضيلة إثماً |
* * * |
ومن عجب تبلغني السّلاما |
وتُروِّي لي التَّحيَّةَ والكَلاما |
أثار سلامها عندي سؤالا |
لماذا الهجر وانقطعت على ما؟ |
وأستافُ الرحيل بلا ثبات |
لرؤياه فما عرف المقاما |
حلال أن تجور على محبّ |
أيُصبحُ عِندَها وَصلي حراما |
* * * |
وأَرَى الدهر شره مستطيرا |
مستبد الخطى كئيبا مثيرا |
بعض ما أرتجي وفاء كريما |
في ظلال الهوى وأنساً وفيرا |
فأرى الحبّ والطيور نشاوى |
والأماني تهتز عندي سرورا |
كل همّ أراه محض ادعاء |
وبه قد نعيش عمراً قصيرا |
* * * |
بوح المدامع تسويفٌ وبهتانُ |
وخفقُ جفنيكِ إغراءٌ ونسيانُ |
أين النجوم وأين البدر في زمنٍ |
ما عاد فيه موداتً وتحنانَ |
مالي أرى الصمت يردي كل عاطفةٍ |
وصوت شكواه آلامٌ وأحزانُ |
حسبي أقيم على يأس يعذبني |
والعمر أيامه طي ونقصانُ |
* * * |
تبسمت عن صباح ناضر عطر |
حدق العيون فأغرتني معانيها |
وقدمت في إناء بارد عذب |
ماء الغدير وأحلامي تناجيها |
فكان للحسن تأثير وسيطرة |
فيمن يخاف رحيلاً عن بواديها |
من للمطايا إذا ضلت منازلها |
بين الصحاري وهل لي في تلاقيها |
* * * |
كان حظي من المودة غدراً |
بجفاءٍ يزيد عنفاً وكِبرا |
وهواناً قد كان مِنكِ انتقاماً |
بفؤادٍ أولاكِ شأناً وقدرا |
كان خوفي عليكِ خوف محبٍّ |
يُحسن الظنَّ مرةً بعد أُخرى |
سئم الصبر واستراح انْتِظارا |
وانتهى أمسنا أليماً. فشكراً !.. |
* * * |
واستمطرتني أريجاً من خمائلها |
واستودعتني بسرّ الغيب نجواهَا |
قالت وأشواقها لمَّا تزل ألقاً |
روحي لديك فهل أكرمتَ مثواهَا |
كأنها وهي لا تخشى على كَلِفٍ |
بوح الوشاة على حبي وريّاهَا |
أستغفر الله ما آثرت عاقبةً |
غير المكارم في نفسي وتقواهَا |
* * * |