شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ عبد الله بوقس ))
ثم أعطيت الكلمة للأستاذ المربي عبد الله بوقس، فقال:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحمد الله سبحانه وتعالى، ونصلي ونسلم على إمام الهدى والمتقين، سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم. في البداية أود أن أشكر الصديق الأستاذ عبد المقصود خوجه، الذي كان له الفضل في تكريم العديد من الرواد الأدباء والعلماء، والمفكرين. والأستاذ أحمد المبارك في الواقع من الرواد الأدباء والعلماء، فهو رجل فكر، وعلم، وثقافة وأدب.
- أغناني أستاذنا محمد حسين زيدان عن الحديث عن أسرة آل مبارك، وكنت أود بحكم صداقتي للأستاذ أحمد المبارك التي امتدت لما يربو على خمسة وثلاثين عاماً، لكني سوف أتحدث عن بعض الجوانب التي قد لا يعرفها الكثير عن أخي وصديقي الأستاذ أحمد المبارك.
 
- كان أول معرفتي به في دار البعثات العلمية السعودية بمنيل الروضة، وكنا في ذلك الوقت أكبر فوج يذهب إلى مصر في بعثاتها كنا حوالي 24 عضواً من مدرسة تحضير البعثات، ومن المعهد العلمي السعودي، وقد كان يومها نصيبنا في كلية الآداب ولكننا بحكم تقاليدنا التي ورثناها ولم نكن نعرف في ذلك الوقت الحياة في مصر، أو الحياة في أوربا كما هو الحال الآن، فعندما ذهبنا إلى كلية الآداب في الواقع لم ترق لنا لأنها خليط من الشباب ومن الفتيات، فالتقينا بالصديق الأستاذ أحمد المبارك وهوَّن علينا بعض الشيء، وقال لعلكم درستم على أساتذة من الأزهر في المعهد العلمي السعودي، فأجبناه بنعم، فكان جوابه لماذا لا تلتحقون بالجامعة الأزهرية وبكلية اللغة العربية؟
 
- وكان في ذلك الوقت يدرس بكلية اللغة العربية الأستاذ السيد محسن باروم في السنة الرابعة على ما أذكر أو السنة الثالثة، وكذلك أخي وصديقي الأستاذ أحمد المبارك، طلب منا أن نجلس معه لأن هناك امتحاناً للمقابلة، وبدأ يوجه لنا بعض الأسئلة التي قد مرت عليه عند امتحانه للمقابلة. فسره أننا كنا نجيب على بعض الأسئلة وخاصة فيما يتعلق بالنحو والبلاغة وقال: إذن سأرتب المقابلة. وفعلاً رتبت ونجحنا وقبلنا في كلية اللغة العربية. كنا في دار البعثة العلمية السعودية مجموعة في شقة واحدة كانت تجمع الأخ زكي يماني، والشريف غالب في حجرة، والأخ الصديق عصام خوقير مع أخيه في حجرة أخرى، وفي مقابلها حجرة بها أنا والأستاذ الصديق جميل أبو سليمان، والأخ حبيب بخش، وفي المطبخ كانت غرفة أستاذنا وصديقنا الشيخ أحمد المبارك. فقد حول المطبخ إلى غرفة لأنه يريد أن يكون وحيداً في غرفته حتى يتسنى له القراءة والاطلاع ولا يزعج أحداً من زملائه إذا ما جاوره في غرفة واحدة. الأستاذ أحمد المبارك كانت لنا لقاءات معه، وكان لي الشرف أن أسجل معه بخطي تاريخ الأحساء. وهذا الكلام يربو على 35 عاماً، وقد نسخت الجزء الأكبر منه وعرفت الكثير عن تاريخ الأحساء. عن أدبها وعن علمائها وعن مشاهيرها، وعن أسرة آل مبارك بالذات، ولا أدري لماذا يضن علينا الأستاذ أحمد المبارك بهذا السفر القيم الذي أعتقد أنه لم يُكْتَبْ عن الأحساء كتاب مثله، وقد شرفني أن يكون الجزء الأكبر من هذا الكتاب بخط يدي. الأستاذ أحمد المبارك كما قلت: رجل علم وثقافة وخبرة بالحياة، كان يعجبني فيه أنه كان يسجل في مذكرة خاصة به كلمات هي عبارة عن حكم عن الحياة، وإن كنت في الواقع لا أذكر شيئاً منها الآن، لكنها على ما أعتقد مسجلة لديه، وأرجو أن يضمها كتاب.
- أما فيما يختص برسائل الود والعتاب، فقد كانت مع صديقنا وحبيبنا الأستاذ أحمد المبارك جولات وصولات في هذا المجال، وقد كنت أبحث في مكتبتي اليوم عن رسالة كتبت منذ سبعة وثلاثين عاماً حينما انتقل من دار البعثات إلى شقة خاصة في الزمالك فزرناه ولعلنا أزعجناه بالجرس الذي وضع صديقي الأخ جميل أبو سليمان يده عليه ولم يتركه. حتى فوجئنا بأخي وصديقي الأستاذ أحمد المبارك وقد استيقظ من نومه، ولكنه كما قال الأخ محمد العلاقي عن الأخ أحمد المبارك أنَّه لا يعرف المجاملة، فكان عتابه قاسياً وشديداً علينا، رغم صداقتنا الوطيدة به، مما جعلنا نحرر له رسالة عتاب رقيقة على إزعاجه، فما كان منه إلاَّ أن رد علينا برسالة أدبية قيمة، تنم عن الحب، وتنم عن الوفاء، وتنم عن الصداقة الحقة.
- الأستاذ أحمد المبارك لم يكن زميلاً وصديقاً، بل كان أيضاً أستاذاً لنا. كنا نلجأ إليه عندما نعجز عن شرح بيت في البلاغة، أو عن مسألة نحوية. فقد كان الأزهر يهتم بالنحو فكنا نلجأ إليه وكان يفك لنا الرموز والطلاسم في النحو وفي البلاغة.
- ثم بعد ذلك عندما انتهينا من دراستنا في كلية اللغة العربية، قال لنا الأستاذ أحمد المبارك أنتم سوف تعودون إلى المملكة ولكن أنصحكم بأن تكونوا رسلاً في التربية والتعليم. قلنا له: كيف؟ قال: فالتحقوا بالمعهد العالي للتربية للمعلمين، وكان يتبع جامعة عين شمس وقد التحقت به وأنا أحب أيضاً أن تكملوا دراستكم.
- ولكن كان أمامنا مشكلة كبرى وهو أن أي متخرج من الكليات لا بد أن يعود إلى المملكة. فقال: ضحوا ولا بد أن تواصلوا دراسة التربية والتعليم حتى يمكنكم إذا عدتم إلى بلادكم أن تسهموا في التعليم لأن التعليم في الواقع هو خير ما يمكن أن نقدمه لبلادنا بعد عودتنا من دراستنا الجامعية. وفعلاً استمعنا إلى نصيحته، وأكملنا دراستنا التربوية في علم النفس، وفي التربية. وعدنا واشتغلنا فعلاً في التعليم، ثم التقينا به أيضاً في إدارة التعليم، عندما كان معتمداً للمعارف في جدة، وكنا نزوره أيضاً بين الفنية والأخرى. ولقد واجه الأستاذ أحمد المبارك صعوبة كبيرة جداً في عمله كمعتمد للمعارف في جدة لأنه لم يكن لديه من الموظفين أكثر من ثلاثة أو أربعة موظفين محاسب، وسكرتير، وناسخ آلة، فكان أستاذنا أحمد المبارك يقوم بكل شيء في التعليم. ولقد كان لي الشرف في أن أحظى بالعمل في إدارة التعليم عقب أستاذنا أحمد المبارك بعد انتقاله للعمل بوزارة الخارجية، وطبعاً لما جرى به العرف في مثل هذه الواقعة أن يقوم المستلم بإعطاء المسلم ورقة تصفية تفيد خلو ذمته من أي التزام مالي أو غيره في نطاق الوظيفة التي كان يشغلها، فأعطيته تلك الورقة.. لكنني فوجئت بعد أسبوعين أو ثلاثة بأخي الأستاذ أحمد المبارك وهو يحضر لي مبلغ 35 ألف ريال يحملها في سيارته فسألته عن مصدرها فأجابني قائلاً: والله أنا لا أدري، أنا وجدت هذا المبلغ في خزانتي ولا أدري مصدره، وأردتُ أن أبرئ ذمتي فجئت به إليك لاستلامه. فوقعنا في حيرة ماذا نفعل وقد أعطيت له براءة ذمة، وأخيراً قررنا التصرف به في شراء بعض الأشياء التي كنا في حاجة إليها في إدارة التعليم، فأمنّا بعض المكاتب، وبعض المقاعد، وبعض الأشياء الأخرى. واعتبرناها مقدمة من فاعل خير مساهمة منه في نشر العلم ومساعدة المتعلمين.
- الواقع أنني لا أريد أن أطيل في الحديث لأترك الفرصة لبعض الإِخوة وللمحتفى به لأننا نريد أن نسمع شيئاً من حكمه ومن شعره الذي استمتعنا به كثيراً حينما زاملناه وصادقناه، ولا تزال تمتد صداقتنا به إن شاء الله أبد الدهر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :635  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 84 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج