هتف الهوى في حبِّه يا مرحبا |
وتسابقَ الأحبابُ والسمَّارُ |
يا صاحبَ الأدبِ الرفيع المنتقى |
رقصتْ لعزفِ حروفه الأبكارُ |
أدبُ يحاكي الشرقَ في تاريخه |
وتفاخرتْ بحديثِه الأقطارُ |
إن الحجازَ يتيه في وشْي التقى |
"أهل الفضول" ويحسُنُ التكرارُ |
درعُ السماحة والمروءة والنهى |
مسرى الرسولِ تحفُّه الأنْوارُ |
دارُ السلامة والأمانِ سخيّةٌ |
يهفو لها الحجاجُ والزوّارُ |
وظباءُ مكةَ بالصبابةِ ثرةٌ |
وصفاتُها الإكرامُ والإيثارُ |
جَذْلى وبين المروتين حصينةٌ |
ولكم تجيرُ دخيلَها.. فيُجارُ |
وتطوفُ بالبيت العتيق وثوبُها |
طهرٌ وفيه سكينةٌ ووقارُ |
تشتاقُ فاتنةَ القلوبِ ونيلَها |
وبعطرها يتجددُ التَّذْكارُ |
يا مصرُ. ما كان الهوى لك خافياً |
فالحبُّ فيك النبلُ والإقدارُ |
يا كمْ تساقينا التصافِيَ من يَدٍ |
والراحُ زمزمُ والوفاءُ إزارُ |
شِيَمُ السماحِ كريمةٌ صفحاتُها |
طابتْ بها الأنداءُ والأزهارُ |
واليومَ هبَّاتُ الخريف عنيدةٌ |
فمتى يزولُ النوءُ والإعصارُ؟ |
ويعود للبستان صفو رحيقه |
ويعودُ فيه الظِلُّ والأثمارُ؟ |
يا قلبُ.. إني للكنانة عاشقٌ |
ويشوقُني التّرحالُ والتسيارُ |
أشتاق ليلَ المغرمين بظلِّها |
ويشوقني في دلها الأنهارُ |
فكأنما في كل صوبٍ جنّةٌ |
فالحورُ والغزلان والأشجارُ |
يا همسةَ الباكي وألحانَ الصِّبا |
يا حبُّ كم سهرتْ له الأقمارُ |
سكنَ الفؤادُ وقد ملكتِ عِنانَه |
فمضتْ بسرّ شجونِه الأخبارُ |
حبي لمصرَ وللعروبةِ دائمٌ |
وعن المحبةِ تُرفعُ الأسْتارُ |
هذا مقامُ العائذين من النَّوى |
وبظلِّه تَتعارفُ الأفكارُ |
لا نقتفي غيرَ المكارمِ وجهةً |
يُنبي بها الإعلانُ والأسرارُ |
في حُسْنِ ظنِّي قد وقفتُ بروضةٍ |
نعْمَ الحفي بها ونعْمَ الدارُ |
يا دارَ "خوجة" والعبيرُ مناهلٌ |
وبكل ركنٍ نخوةٌ وفخارُ |
دامت لك الأيام في بسماتها |
أنْساً ولا وقفتْ لك الأخطارُ |
وتحيةً للضيفِ في حَرَمِ الرِّضا |
ويزفُه الإجلالُ والإكبارُ |
* * * |