زارَني كالربيعِ بعد انقطاعِ |
فأطال المقامَ عندي مَليَّا |
بوشاحِ العَفافِ يمْشي رُوَيْداً |
باسَمَ الثغْرِ فاحَ عَرْفاً زكِيا |
يَتَوارى إذا رآني حَياءً |
ثم يَدْنو براحَتَيْه إليّا |
ويزيحُ الخِمَارَ عن وجْنتيه |
رائعِ الحسْنَ كان سمْحاً سَخِيا |
ويْحَ كيف المنى تعالِجُ صَمْتي |
يا بَهِيَّ السَّنا وطَلْقَ المُحَيَّا؟ |
فيمَ أوْرثْتني جفاءً وسُهْداً |
بعْد أن كنتَ في لقائي وفِيا |
لا أرى في السُّهادِ صُبْحاً مُطِلاً |
أو سمعتُ المساءَ لَحْناً شَجِيا |
كيف ألقَيْتَ بي بوادٍ سَحيقٍ |
حينما عُدْتَ من نُحولي قَويا؟ |
فتمكَّنْتَ من فؤادٍ جَريحٍ |
لمْ يزَلْ في هواكِ غَضَاً نَدِيا |
حسبِيَ اللّه والغرامَ فُتُونٌ |
يتلظى معربداً عنيفاً عتيا |
هلْ تذكّرتَ والدلالُ مباحٌ |
إذْ توارثْتُه بمَهْدي صبِيَا |
فلئن عُدْت يا حبيبي قريراً |
بينَ قلبي وعِشْت بَرّاً تقيا |
فأنا في الوجود أحْيا ببُؤسٍ |
دونَ كلَّ الورى وأمضي شَقِيا |
كانَ يا ويْلتاه دمعي غزيراً |
يا لهَولي وعاد دَمْعاً عَصِيا |
أنتَ ساقيتَني كؤوسَ التمنّي |
ثم قدّمْتَها شَرَاباً هَنِيا |
كنتَ قبلَ النَّوى تسامِرُ رُوحي |
كنتَ بي مشفقاً بقلبي حَفِيا |
كيفَ أنساكَ والتذكرُ يُشْفي |
لوعةَ الصَّبِّ حينَ يبدو خفيا؟ |
يا أنيسي. وصاحبي. وخليلي |
كنت في مهجتي وداداً نقيا |
لا تذرْني لِوحْدتي وانْقِطاعِي |
بعْدَ أن فقتني مكاناً عليا |
كيف وَدَّعته وقال قريباً |
نلْتقي هاهنا وخرَّ بكيا |
يا عبوقَ النعيم حفي خطاه |
وانثري حولَه حناناً وريّا |
* * * |