لمّا هجرتك واستعليت في حذري |
وصرت أسرف في ظنّي وفي فِكَري |
قد كنتَ لي مورداً عذباً وتغمرني |
بصادق الحب. لا تقوى على كدري |
هلاّ أرى في حماك اليوم ملتجأً |
فيما أتيت وما قد كان من خبري |
فقد كفاني بأني جئت ملتمساً |
منك السماح وفي إذعان معتذرِ |
لا شيء يعدل بالإحسان عن نزقٍ |
وليس يجزل فيه غير مقتدرِ |
ما أنت فظٌ وعفو منك آمله |
لأنّها الروح في شيءٍ من الخطرِ |
كم حذرتني ولكنّي ويا أسفي |
مضيت عن غايتي في مطمحٍ عسِرِ |
قد كان أمرٌ مع الأحلام أحسبه |
بخاطري رحلةً تمضي بمنتصِرِ |
من شفه الوجدُ أوْ مَنْ بات في ألمٍ |
فكيف يرجع عن ليلاه بالسهرِ؟ |
يا من به تزدهي الدنيا ويؤنسها |
متى اللقاء فأحظى منك بالنظر؟ |
وأحور الطرف فتانٌ لعاشقه |
يموج منه الهوى في ثوبه العِطرِ |
وهمسه دفق ألحانٍ ترددها |
سواجعُ الطير أو ترنيمةُ الوتَرِ |
قد همْتُ في حسنِهِ حيناً وسامرني |
من مغرب الشمس حتى هدأةُ السحَرِ |
وجاءني مسبلاً كالليل غرته |
ونوره ساطعٌ عن وهجةِ القمرِ |
متى وفي ظله ألقاه يسعدني |
ونلتقي والمُنى في روضه النضِرِ |
وغيمة الحب والنجوى تظللنا |
ويورق الزهر من هتانة المطرِ |
ويرقص البانُ ميّاساً ومبتهجاً |
يميل بالعِطف بين الدّلّ والخفرِ |
يا نفسُ إنْ لم يعد صفوى كعادته |
فقد رميتكِ بعد اليوم للضجرِ |
حتى أعالجَ آهاتي وأمهلها |
وكيف يا ليت. لا تغني عن الحذرِِ |
ناشدتك الله لا تدرين ما وجلي |
ألا تقصّيه بين الناس بالأثرِ |
ولتسألي عنه من تلقَين في دأبٍ |
في كلّ فجٍّ وفي بدوٍ وفي حضِرِ |
وحاولي موعدي لكن إلى أجلٍ |
أو لا فعودي لقلبٍ جِدَّ منكسِرِ |
* * * |