التنبيهات في إثبات الاحتجاج إلى البعثة والحشر
(1)
|
إن أكثر أبناء هذا الزمان مالوا في إنكار الاحتجاج إلى البعثة إلى رأي جمهور البراهمة والصابئة والتناسيخية؛ فاعتقدوا بأن العقل البشري كاف في تمييز الأشياء النافعة عن المضرة. |
فالفعل الذي يحكم العقل بحسنه يفعل، والذي يحكم العقل بقبحه يترك، والذي لا يحكم العقل بحسنه، ولا بقبحه يفعل عند الحاجة إليه، ويترك عند عدمها، ومالوا في إنكار الحشر مطلقاً؛ جسمانياً كان، أو روحانياً، إلى رأي القدماء من الفلاسفة الطبيعيين. |
وإذا ترسخ هذان الرأيان في أذهانهم - صار عقل كل بمنزلة رسول له؛ بل صار إلهه هواه، ولا شبهة أن هذين الرأيين في نفس الأمر ذريعتان لوصول صاحبهما إلى النكال المؤبد، والعذاب المخلد. |
فأردت أن أكتب رسالة وجيزة؛ تنبه الناظر على بطلانهما عقلاً، والاحتياج إلى البعثة والحشر. |
والمؤلف هو الشيخ رحمه الله ابن خليل العثماني، ويتصل نسبه بسيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وترجع أسباب هجرة جده الأعلى إلى الهند - أنه كان قاضياً في جيش السلطان (محمود الغزنوي): فاتح الهند، والمتوفى عام 421هـ. وتلقى الشيخ رحمه الله العلوم العقلية والنقلية عن أشهر علماء الهند في عصره، كما تعلم اللغة الفارسية، وعلم الطب - عليهم. |
وفي عام 1270هـ عقد الشيخ (رحمه الله) اجتماعاً؛ حضره كبار علماء الهند والمسيحيين لمناظرة أكبر قسيس؛ وهو (فندر)؛ رئيس البعثة التبشيرية بالهند، فما زال يناظره بالبراهين العقلية، والحجج النقلية، حتى أفحمه؛ فسر المسلمون لنصره، وغضب الإنجليز على (فندر)؛ فأقالوه من رئاسته. |
هاجر الشيخ رحمه الله إلى مكة المكرمة عام 1274هـ بعد أن صادرت الحكومة الإنجليزية أمواله، وعقاره، وخصصت ألف روبية جائزة لمن يأتي برأسه. |
وفي عام 1292هـ أنعم عليه السلطان العثماني بالخلعة السلطانية، ووسام المجيدي، ورتبة (ركن الحرمين)؛ باقتراح شيخ الإسلام. |
في عام 1304هـ بلغ السلطان (عبد الحميد) مواقف الشيخ - رحمه الله - وجهاده لنشر الدين، والدفاع عن حوزته؛ فطلب من شريف مكة ابتعاثه على (استانبول)، فلما وصل أكرمه، وطلب منه ترجمة مناظرته (إظهار الحق): وترجمت إلى عدة لغات، ثم عاد إلى مكة، ثم أعلن الثورة العربية عام 1334هـ، والشيخ أحمد أبو الخير مرداد، والشيخ عبد الله أبو الخير مرداد، والشيخ عبد الرحمن دهان، والشيخ عابدين حسين مالكي، والشيخ محمد سعيد بابصيل. |
من مؤلفاته: |
1 - إظهار الحق، وترجم باسم (إبراز الحق) إلى معظم اللغات في عام 1280هـ. |
2 - إزالة الأوهام في الرد على المسيحيين باللغة الفارسية، وطبع عام 1269هـ. |
3 - إزالة الشكوك، في مجلدين، باللغة الأوردية. |
4 - الإعجاز في تحريف الإنجيل، وطبع عام 1269هـ. |
5 - أحسن الأحاديث في إبطال التثليث، وطبع عام 1292هـ. |
6 - البروق اللامعة في إثبات الرسالة المحمدية. |
7 - البحث الشريف في إثبات النسخ والتحريف، وطبع عام 1270هـ. |
8 - إعوجاج الميزان في الرد على كتاب (ميزان الحق) للقسيس فندر. |
9 - التحفة الإثنا عشرية في الرد على الروافض، للعلامة الشيخ عبد العزيز ولي الله الدهلوي (ترجمه إلى الفارسية). |
توفي رحمه الله بمكة في 22 من رمضان 1308هـ: الموافق أول مايو سنة 1891م، والكتاب الذي نحن بصدده يشتمل على اثني عشر تنبيهاً: |
التنبيه الأول: في إثبات الاحتياج إلى البعثة والنبوة على رأي المحققين من الفلاسفة. |
التنبيه الثاني: إن الغفل لا يستقل في معرفة كثير من الأمور: مثل المعاد الجسماني، وأكثر أحوال الآخرة، وبعض صفات الله، ووظائف العبادات، وغيرها. |
التنبيه الثالث: في أن البعثة ليست بمستحيلة لذاتها، ولا لاقتناع لازمها الذي هو التكليف. |
التنبيه الرابع: في أنه قد توجد في الشرائع أحكام تعبدية لا تظهر حكمة مشروعيتها للعقول. |
التنبيه الخامس: إن حصول الاطلاع على المغيبات الماضية والآتية للنبي لا تستنكره الفلاسفة. |
التنبيه السادس: إن ظهور الأفعال الخارقة للعادة من النبي ليس بمستنكر أيضاً عند الفلاسفة. |
التنبيه السابع: إن المعجزة إذا ظهرت على يد مدعي النبوة خلق الله العلم الضروري بصدقه قطعاً. |
التنبيه الثامن: إن التواتر إذا كان جامعاً للشروط المفصلة في علم الأصول، فلا شك أنه يفيد العلم. |
التنبيه التاسع: إن نزول الوحي بواسطة الملك المصور بصورة المحسوس وسماع الكلام فيه لا يستنكر. |
التنبيه العاشر: وجوه إبطال إنكار القدماء من الفلاسفة الطبيعيين الذي لا يعتد بهم في الفلسفة الحشر مطلقاً جسمانياً كان أو روحانياً. |
التنبيه الحادي عشر: اتفاق كافة أهل الملل، وجمهور المحققين، على حقيقة المعاد، لكنهم اختلفوا في كيفيته. |
التنبيه الثاني عشر: على أن قول الطبيعيين ضعيف جداً، وكذلك إنكار جمهور الفلاسفة للحشر الجسماني ليس بسديد، ولا استحالة في هذا الحشر عقلاً. |
وأما القسم الثاني من الكتاب ـ فهو من وضع محقق الكتاب الدكتور بركات عبد الفتاح دويدار: وهو عن الإسلام والحاجة إليه، ويضم هذا القسم فصولاً عن معنى الإسلام، وكتاب الإسلام، والقرآن الكريم، وعن السنة النبوية، وشرح لبعض الاصطلاحات: كالصابئة، والبراهمانية، والتناسخ، ثم عن الصليبية، والإسلام. |
|