| لِمَ تسألين عن المدجج بالبطولة من يكون؟ |
| الممتطي ظهر الخطوب يجوب أحداق العيون |
| تزهو بخطوته الدُروب وتستضيء بها السنون |
| ينقض كالإِعصارْ يهزأُ بالحواجز والحصون |
| لَمْ يعشق الفوضى ولم يرث البلادة والسكون |
| لِمَ تسألين وأنت قد أطعمته قلبَ المنون |
| وخضاب يمنى راحتيك بصدره شرفٌ مصون |
| لا لن يضلَّ ولن يحيدَ ولن يفرَّ ولن يخون |
| لا تسألي فأنا الشهيد أضاعني الزمن الحرون |
| وأنا سفير عقيدتي بين المقابر والسجون |
| * * * |
| قالت رياضٌ هذه الدنيا تضوع وتبسم |
| الشمس طلعتها ورقراق النسيم لها فم |
| والصبح ينبوع بألحان الرضا يترنم |
| والليل واحة راحةٍ فيها المشاعر تحلم |
| فأجبتها هذا حديث بالخيال منمنم |
| الأرض تنور بمحموم المطامع مضرم |
| والشر ريح عاصف بين الدروب يدمدم |
| وأنا على كف البسيطة آلة تتحطم |
| وحياتنا غابٌ يراق على جوانبه الدم |
| وحلاوة الأحلام في كأس الحقيقة علقم |
| * * * |
| قالت رحلتَ عن النعيم إلى العذاب بلا وداع |
| وكتبتَ ألف صحيفة لك في سجلاَّت الضياع |
| ولبستَ ثوب الحادثات وأنت في شرخ اليفاع |
| قلت الحديث عن السعادة في دجى الظلم ابتداع |
| فالناس من حولي وإن تخمت بطونهمُ جياع |
| وأنا وأنت من الطَّوى نجترُّ أحلام الخداع |
| خطواتنا شكوى وبسمتنا من الحزن التياع |
| وجهودنا في غابة الحرمان تأكلها السباع |
| وسفيننا غرقى محطمة الصَّواري والقلاع |
| وزماننا ليل عبوسٌ لا يُرى فيه الشعاع |
| * * * |
| بالأمس قال الأهل إنك من مواليد الخريف |
| وضعتك أمك وهي شاخصة إلى قطع الرغيف |
| وضعتك في زمن يموت به الكرام على الرصيف |
| وضعتك والدنيا تئن بقبضة الشبح المخيف |
| وضعتك والإِعصار يهدم قبة القصر المنيف |
| والموت يحضنها ويمحق ظلها الحاني الوريف |
| والحرب تركض ها هنا وهناك تلتهم الضعيف |
| والمجرم العاتي بقانون الغزاة هو الشريف |
| لا تسألي فلقد سكتُّ وليس عنديَ ما أضيف |
| ولقد نسيت تليد أحلامي وأحرقت الطريف |
| * * * |
| لا تعجبي أبداً إذا ما مات في صمتي الجواب |
| ما عدت أدرك في قُرى الأوهام منتجع الصواب |
| إني نقشت على الرمال صروح آمالي العِذاب |
| وكتبت كل قصائدي سفهاً على صدر الضباب |
| وملأت من جهلي دنان الحب من نبع السراب |
| أنا ما كرهت العيش لكني سئمت الإِغتراب |
| وأبيت أن أبقى طعاماً للصلال وللذئاب |
| ولسوف يضري في دمي نبضي ويلتهب الإِهاب |
| وأعود أهزأ بالجراح وأرتقي سحب العذاب |
| فجراً من الإِيمان يسخر بالحناجر والحراب |