شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الفرنسيون يتسابقون نحو اللغة الفصحى (1)
(في العالم 120 دولة سنت قوانين دستورية لما يتعلق بشؤون اللغة... واللغة عنصر حياة الأمة، ومن واجبنا المحافظة على لغتنا حية لأنها تراث فرنسا الأغلى).
هذا جزء من خطاب وزير الثقافة الفرنسي الذي افتتح جلسة مجلس الشيوخ المخصصة للبحث في موضوع اللغة الفرنسية وحمايتها من الدخيل من الألفاظ والإبقاء عليها فصيحة لا رطين فيها ولا غموض، وإذا كان الفرنسيون يخشون من مزاحمة لغة شكسبير للغتهم ويرون أن أدبهم وفكرهم لا يقل شأواً ومنزلة عن أدب الإنجليز وفكرهم، إلا أن الذي يثير الانتباه هو أن موضوع اللغة يشكل أهمية كبيرة لدى الساسة الفرنسيين فيعقدون له جلسة خاصة في برلمانهم، ومعلوم أن الجلسات الخاصة في البرلمانات الغربية لا تعقد إلا للقضايا ذات الأهمية البالغة، ولكن حماس الغربيين للغتهم الأم معلوم، فالرئيس الفرنسي الذي يجيد الإنجليزية إجادته للغته لا يتحدث على باب (دواننغ ستريت) إلا باللغة الفرنسية، ويرفض الإجابة باللغة الإنجليزية، والحال نفسه مع رئيس الوزراء الإنجليزي الذي إذا حل ضيفاً على قصر (الأليزيه) أجاب عن أسئلة الصحافيين بلغته الإنجليزية الكلاسيكية، ويفعل هذا الإنجليز والفرنسيون والألمان مع أن تراثاً كبيراً يجمعهم وروابط عديدة تصل بينهم، ولكن اللغة في نظر كل دولة من الدول الغربية تشكل روح الأمة وتدل على هويتها الخاصة بها فلا يمكن المجاملة في هذا الشأن ولا داعي لإرضاء الآخرين على حساب ضياع الهوية الذاتية، بل إن الفترة الحالية التي يمر بها العالم هي فترة تحديد الهويات والاحتفاظ بالثقافات الخاصة ورفض الذوبان في الآخرين بأي شكل من الأشكال.
وبينما يفعل الأوروبيون هذا من منطلق قومي خالص تتعرض اللغة العربية - لغة كتاب الله المنزل على خاتم الرسل والأنبياء - عليه صلوات الله وسلامه لهجمة شرسة من دعاة التحديث الذين لا يفقهون في لغتهم شيئاً ويجهلون نحوها وصرفها واستعمال مفرداتها، وهم أيضاً أجهل الناس باللغات الأخرى وفكرها وأدبها بل هم يقرأون ما يترجم من هذه اللغات إلى اللغة العربية فقط، ولكنهم يشعرون بدونية عجيبة ويتملكهم إحساس غريب بالضعة ولهذا فهم يسعون إلى تحويل لغة الكتابة في اللغة العربية - قصيدة أو قصة أو مقالة - إلى ما يشبه الرطانة بل أقرب - كما وصفها الشاعر نزار قباني - إلى اللغة الهيروغلوفية التي اندثرت ومضت عليها عشرات القرون، وهم يظنون بتحويل اللغة إلى هذه الرطانة الشاذة أنهم استطاعوا اللحاق بركب الحضارة، وما علموا أن مفهوم الحضارة لا يتحقق بالأشكال وأن مستقبل الأمة لا ينبني بالتعلق بالأنماط الغربية وأن الأمة التي لا تنطلق من ثوابتها وتحافظ على هويتها هي أمة ضائعة في خضم الحضارات المعاصرة التي تحاول أن تقف على قدميها ولكن على أرض صلبة من فكرها وثقافتها وتاريخها ولا مانع من أن تمد رأسها فتلتقط من ثمار الحضارات الأخرى ما يلائم تكوينها ولا يتعارض مع أسسها ولا يجعلها غريبة الروح والشكل بين الآخرين فلا هي التي استطاعت أن تفيد الإفادة المرجوة من تراث الآخرين، ولا هي التي احتفظت بمكوناتها وخصائصها وهذا للأسف ما يفعله بعض دعاة التجديد غير الواعي والتحديث الذي يسعى لهدم تراث الأمة وليس الانطلاق منه نحو آفاق فعالة من المعرفة والفكر والثقافة التي تحتاجها الأمة وتدعم بها مسيرتها الحضارية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :715  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 460 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الأول - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج