شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
العالم الموسوعي أحمد عبد الغفور عطار (1)
بموت الأديب الأستاذ أحمد عطار، وانتقاله إلى جوار ربه - يفقد العالم العربي والإسلامي واحداً من العلماء الموسوعيين الذين كتبوا في فنون متعددة ولكن عن معرفة وبعمق بدءاً بالشعر الذي تأثر فيه بالتيار المهجري أسوة برصفائه من الأجيال الأولى من شعراء هذه البلاد كمحمد حسن عوّاد، ومحمد عمر عرب، والترجمة التي نقل - من خلالها - روائع من إبداعات الشاعر الهندي ((طاغور)) والتاريخ الذي دوّن فيه سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وموحد الجزيرة جلالة الملك عبد العزيز - رحمهما الله - وانتهاءً باللغة التي حقق فيها بعضاً من المصادر الهامة كمعجم الصحاح والنقد الذي استطاع أن يتمكن من مناهجه وأدواته فيخرج لنا دراسات جادّة عن المذاهب الفكرية المنحرفة كالشيوعية، والماسونية، والقاديانيّة.
ثمّ هو - بعد ذلك - محاور فذّ وكثيراً ما يخرج من حلبة النقاش منتصراً كما تكشف عنه دراسته العلميّة ((إيه ليتك تؤمن)) في نقد الشيخ ناصر الدين الألباني، حول موضوع هامّ وهو وجوب التأدّب مع المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وزوجاته - رضي الله عنهن - فسوء الأدب قد يتسبّب في شطحات ما أغنانا عنها وما أجدرنا بتجنّبها.
لقد كان العطار - رحمه الله - علامة مضيئة وبارزة في تاريخنا الفكريّ والأدبيّ؛ فهو بقيّة جيل أعطى كل ما يملك للكلمة الهادفة، والرأي المستنير، والفكر المستقيم مثله في ذلك مثل: حمد الجاسر، وعبد القدّوس الأنصاري، وأمين مدنيّ، وعبد الله بن خميس.
وعندما نقول إنهم أعطوا كل ما يملكون أو جله، فإننا لا نتزيد في قول، أو نزيف تاريخاً، أو نغالي في مكانة فلقد شارك هؤلاء في إصدار عدد من الصحف والمجلات التي لا تزال إلى اليوم تحقق لأبناء الجزيرة العربية عطاءً ثقافياً متميزاً ينبع من تراث هذه الأمة ويحترم ثوابتها ومنطلقاتها ويعمل على تطويرها.
لقد شاركت هذه الفئة الطيبة بأموالها وأقلامها ولم تقف هذه المشاركة الصحافية الرائدة في طريق عطائها الأكثر تخصصاً فكان منهم الباحثون في اللغة والأدب والتاريخ والتحقيق العلمي، وقد أتاح لهم هذا العطاء مكانة في البلاد العربية والإسلامية الأخرى فالعطار يقر بمنزلته العلمية مفكر كعباس العقاد، والجاسر يشهد له بسعة المعرفة أديب كطه حسين والأنصاري تملك الدهشة من عمق معرفته بمصادر التشريع الإسلامي عالماً كالشيخ محمد المنتصر الكتاني ويبقى كتاب السيد أمين مدني في ((تاريخ العرب)) مرجعاً هاماً في كثير من المؤسسات العلمية المعروفة.
ومع هذا العلم الواسع، وذلك العطاء الفكري الذي ظلّ متواصلاً على الرغم من التقدم في العمر وما يترتب عليه من ارتباطات وأعباء فإن هذه الفئة تتميز بالتواضع الجم المتمثل في حوارهم العلمي المفطر بالأدب، وتشجيعهم لشداة الأدب، وطالبي المعرفة دون أستاذية مصطنعة أو ترفع ممقوت.
ولعل هذا الخلق الرفيع في التعامل وذلك المسلك المرتفق في التوجيه هو ما جعل هذه الصفوة من الرجال تحفر على هذه الأرض الطيبة، تاريخاً مضيئاً نجد أثره في هذا الحب الذي يتبدى لهم في حياتهم وبعدها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :571  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 442 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.