شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
القضية الفلسطينية والإعلام الغربي (1)
لا يمكن أن نفصل بين الإعلام الغربي وانحيازه للحركة الصهيونية منذ نشوء الكيان الصهيوني حتى الوقت الحاضر عن جملة المعطيات الدينية والفكرية والثقافية في المجتمع الغربي واعتباره اليهودي شخصاً منزهاً عن اقتراف الخطيئة - وذلك لتأثير العهد القديم - على العهد الجديد، لتصبح الرؤى اليهودية هي المسيطرة والغالبة على التفكير المسيحي ويضحى المسيحي ناظراً إلى الشخصية اليهودية نظرة فيها الكثير من التقديس والتبجيل، وهذه الرؤية المنبثقة من الترهات والأساطير التلمودية هي التي تكون من خلالها التيار المسيحي المتطرف وهو التيار الذي أوصل الممثل رونالد ريجان إلى السلطة ومن بعده جورج بوش الابن، وهو التيار الذي يحرك المؤسسة السياسية في الولايات المتحدة وفي بعض البلدان الغربية الأخرى ولهذا لا يمكن تفسير الحظوة التي يتمتع بها السفاح آريل شارون داخل هذه المؤسسات إلا عن طريق الربط بين هذه النظرة الدينية المغلفة بقشرة علمانية رقيقة وبين اعتبار (شارون) الملك اليهودي المتوج.
ثم يأتي بعد ذلك عامل هام في تغذية هذه الرؤية المنحازة ضد العالم العربي عامة والفلسطينيين - خاصة - وهي الشعور الذي أفلحت الصهيونية في ترسيخه داخل العقلية الغربية - وهو الإحساس بالذنب - ضد جرائم الهولوكوست التي بالغت الحركة الصهيونية في تضخيم أعداد ضحاياها وقصرها على اليهود، مع أن أمماً أخرى ومن بينها الأمة العربية عانت مما أطلق عليه في القاموس السياسي الحديث بمصطلح (أعداء السامية).
لكن لا بد من الإقرار بأن أجيالاً حديثة تخلصت من هذه العقدة واستطاعت أن ترى بوضوح المأساة الفلسطينية، ولهذا نجد أصواتاً تتحدث بكل حرية في الوسط الإعلامي الغربي - والبريطاني - خاصة منه، مثل روبرت فيسك، وروجيه جارودي وباتريك سييل ومن قبل مايكل آدمز، وديفيد هيرست، وإن ظلت مجلة الإيكونومست The Economist الشهيرة منذ عام 1972م وهي الحقبة التي كان فيها الصحافي المعروف Alastair Burnet مسؤولاً عن تحرير هذه المجلة. لقد ظلت هذه المجلة الكثيرة الانتشار حبيسة النظرة الآحادية للصراع العربي - الإسرائيلي - ولم تستطع أن تتجاوز هاجس الخوف الذي سكن عقول كتابها في الخوف من اللوبي اليهودي ومحاولة استرضائه على حساب الحقيقة، وقد أخذت (الإيكونومست) دور المجلة التي كانت الموافقة القوية عن الحركة الصهيونية في بريطانيا، وهي المعروفة باسم New Statesma والتي تحولت على يد الصحافي القدير (أنتوني هاورد) Anthony Howaerd إلى مطبوعة محايدة بعد أن عاث فيها فساداً المنظر العمالي المعروف بولائه المزدوج لإسرائيل ريتشارد كراسمان Richard crassman.
هناك عامل هام يغيب عن ذهن بعض الباحثين في أسباب الانحياز الغربي لإسرائيل هذا العامل يتصل بمكونات الحضارة الغربية المعاصرة واليهود عاشوا في العصر الحديث في ظل هذه الحضارة وإن كانت حقبتهم الذهبية كما يعترف الوزير الإسرائيلي المعروف (أبايبان) في مذكراته - هي الحقبة التي عاشوها في ظل الدولة العربية في الأندلس، والدولة العثمانية الإسلامية، وهذه الأخيرة أوتهم بعد أن تعرضوا لظلم محاكم التفتيش المسيحي على حد سواء مع المسلمين واضطر المسلمون في الأندلس للهجرة لبلاد المغرب العربي، ويمكن رؤية تأثير هذا العامل المادي في العقلية الغربية في احترامه للسفاحين الإسرائيليين من أمثال بيجين وشامير وشارون فهؤلاء أقرب إلى العقلية الغربية من ديفيد بن جوريون وموشي ديان، وإسحاق رابين، لأن العصابات الإرهابية (الهاغاناة) وو(شينزن) هي الأقدر على سفح الدم العربي ويحاول الغرب على الحفاظ - بطرق عدة - على ما تبقى من رموز هذه الحركة وهو (شارون) فقتل (شارون) و(موفاز) وجنودهم للطفل جمال الدرة، والطفلة إيمان حجو، والتعرض للأطفال الفلسطينيين وهم ذاهبون لمدارسهم كل صباح وزرع الألغام في طريقهم ثم رؤية جثثهم البريئة تتطاير، هذه المناظر الوحشية والنازية لن تثير شفقة الغربي، فهو من جهة معجب بالقوة الإسرائيلية بكل أشكالها ومظاهرها، ومن جهة أخرى هو اعتقاده في السفاحين الإسرائيليين بأنهم (الأولياء) الذين يباركون الآخرين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :671  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 431 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.