شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في ذكرى استشهاد المفكر الإسلامي إسماعيل الفاروقي
إن المسلمين كانوا ضحايا الظلم والعدوان في كل ناحية، فقد ساهمت كل الأمم في تشويه صورتهم وتلطيخ سمعتهم. وقد دأبت وسائل الإعلام في أيامنا هذه على تصوير ((المسلم)) على أنه عدواني، مخرب، مخادع، مستغل، قاس، متوحش، متمرد، إرهابي، همجي، متحجر الفكر، سقيم الرأي.
تلك كلمات افتتح بها المفكر الإسلامي الراحل الدكتور ((إسماعيل راجي الفاروقي)) - رحمه الله - الفصل الأول من كتابه المعروف ((أسلمة المعرفة)) الذي تدور أبحاثه على تشخيص داء الأمة الإسلامية على جميع الصعد، ومحاولة إيجاد منهج تعليمي وثقافي أصيل يربط بين المشاكل التي تواجهها الأمة بالنظرة الإسلامية، وبذلك تتبلور تلك الرؤية الحضارية الخاصة التي تعيد لهذه الأمة تلك المكانة التي كانت تتبوأها.
والفاروقي الذي رأيناه يؤكد على الدور السلبي للإعلام العالمي في تشويه صورة الفرد المسلم أدرك في حياته أبعاد المؤامرة الصهيونية والاستعمارية الخطيرة، ولا بد أن إدراكه - رحمه الله - لتلك المؤامرة كان نتيجة لمعايشته - كفلسطيني - للوجود الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، ومقاومته لذلك الوجود عن طريق الفكر العلمي المنظم الذي ترتكز أسسه على العقيدة الإسلامية السمحاء التي ترفض كل أساليب العدوان، والتطرف والعنصرية وتدعو من غير ادعاء للمساواة والسلام والمحبة.
ولهذا سعى - رحمه الله - في أن تتحول تلك المنطلقات الفكرية الإسلامية إلى واقع يمارس وسلوك يتجسد، فكان إنشاء المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1981م تتويجاً لتلك الجهود الخيرة التي بذلها - رحمه الله - مع زمرة من المفكرين المسلمين الذين تعتبر جهودهم في هذا الميدان جهاداً سوف يثيبهم الله عليه، ولقد استطاع المعهد في مدة وجيزة أن يكشف لأولئك الذين يتصلون به من غير المسلمين عن الوجه الحقيقي للإسلام وحضارته وأمته، كما شارك في عدد من الندوات التي تهتم بدراسة علم الأديان المقارن.
وكان من أبرز نشاط المركز العلمي هو نشره - باللغة الإنجليزية - لعدد من البحوث العلمية المقارنة التي قدمت لزمرة الدراسات الإسلامية التابعة للأكاديمية العلمية الأمريكية، ولعل في إيراد بعض عناوين موضوعات بعض البحوث ما يدل على أهمية نشرها في مجتمع كالمجتمع الأمريكي، فهناك بحث يتصل بالإسلام والقانون، وآخر عن ((ابن تيمية والحملة الصليبية)) وهناك - أيضاً - البحوث التي تتعرض للإضافات الإسلامية في ميداني التاريخ والأدب، كما تخصصت بعض الدراسات في تحليل بعض آثار المفكرين الإسلاميين ((كالأمير أسامة بن منقذ)) و الفيلسوف ((ابن رشد)).
تلك الجهود العلمية المخلصة لنشر الإسلام والتعريف بحضارته بأسلوب علمي متجرد، دفعت أعداء الخير والحق والسلام أن يخططوا بكل حقد وكراهية للقضاء على نشاط تلك المؤسسة التي ارتفع صوتها الإنساني في خضم الحياة الأمريكية المادية، فكان الداعية المسلم ((إسماعيل الفاروقي)) وزوجته المجاهدة ((لمياء الفاروقي)) ضحية لذلك الحقد الدفين وتلك الكراهية المأفونة لقد سعوا لاستئصال أسرة ((الفاروقي)) - جميعها - من هذه الأرض ظناً منهم أنهم سوف يطفئون ذلك النور الذي أضاء دروب السالكين في ليل معتم طويل، وأخذ بأيديهم إلى جنة المعرفة فكانوا غرساً طيباً يسر المؤمنين ويغيظ الكافرين، ولكنهم نسوا أن نور الله باق يتحدى كيد الكائدين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :649  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 410 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.