شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بَيْنَ الأَدَبَيْنِ العَرَبِيِّ والإِنْجلِيزِيِّ (1)
يعيش كثير من الإنتاج الفكري والأدبي؛ لعدد من الدارسين، بمعزل عن بيئته الطبيعية؛ التي يجب أن يتأثر بها في موضوعاته التي يتناولها، وتتأثر به فيما يثير هذا الإنتاج من نقاش، ويبعثه من حوار، وينميه من قدرات على معرفة ما تزخر به الحياة من صراع حضاري وفكري؛ وهذه الأدوات العلمية هي التي تمكن الفرد، في هذه الحياة، من بناء ذاته بناءً قوياً؛ وهذا البناء ضروري لمعرفة الخيوط الدقيقة؛ التي تفصل بين ما يمكن قبوله أو رفضه؛ وخصوصاً في مجال ما يسمى بالعلوم الإنسانية؛ التي تحاول كل أمة إلباسها الأطر الخاصة بها، وتسخيرها لخدمة معتقداتها ومنطلقاتها.
ولعل إنتاج الزميل الدكتور عدنان وزّان؛ الذي يتوزع بين حقول متعددة، يأتي - في مقدمتها - الأدب المقارن (2) ، وتاريخ الاستشراق (3) ، وفنون القصة (4) ، والرواية والمسرح (5) .
هذا الإنتاج؛ على الرغم من غزارته وعمقه، يصدق عليه فكرة الإنتاج؛ الذي يتنفس في غير بيئته، ويعيش بعيداً عن سربه الأصلي، ويمكن إيعاز ذلك إلى ابتعاد الوسائل الإعلامية؛ كالصحف والمجلات عن حقل الدراسات العلمية، وتركه للدوريات المتخصصة؛ التي لا تجذب إلا اهتمام فئة معينة من القرّاء إذا ما قيس ذلك بعدد المتابعين للملاحق العلمية والصفحات الثقافية؛ التي توليها الصحف اهتماماً جيداً إلا أنه ينقص بعضها المصدر على ( ) بين أنواع الإنتاج الأدبي؛ وفنون الإبداع الثقافي والفكري.
لقد كان آخر إنتاج الدكتور الوزّان إضافة علمية هامة، في ميدان الدراسات المقارنة؛ بين الأدبين العربي والإنجليزي؛ حيث بحث الزميل الكريم موضوع الشخصية اليهودية في مسرحيات كل من الكاتب الإنجليزي ((وليام شكسبير))، والكاتب المسلم ((علي أحمد باكثير)).
فعلى الرغم من مرور قرون عديدة على بروز أديب اللغة الإنجليزية ((شكسبير)) إلا أن إنتاجه يظل مجالاً خصباً لآراء النقاد والمتخصصين في دراسات الشعر والمسرح؛ وذلك يدل على مدى اهتمام الغرب برموزه الفكرية؛ التي لا ينقطع عن التواصل معها روحاً وثقافة.
وقد وقف الدكتور الوزّان وقفات علمية فاحصة عند مسرحية ((شكسبير)) المعروفة ((تاجر البندقية)) وتأثرها في فكرتها بمسرحية الكاتب الإنجليزي ((كرستوفر مارلو)) Christopher Marlowe (6) (1564 - 1593) والمعروفة باسم ((يهودي مالطة))، وكما عمل اليهود من خلال نفوذهم السياسي والاقتصادي والإعلامي على صرف الدراسات الأدبية الحديثة عن موضوع مسرحية ((شكسبير)) لما تمثله من صورة سيئة ولكنها حقيقية، وتبعثه من أفكار منفرة، ولكنها صادقة عن المجتمعات اليهودية، وخصوصاً في علاقاتها مع المجتمعات الأخرى؛ التي تختلف عنها عقيدة وفكراً؛ فإنهم أيضاً - اليهود - أقدموا على تفسير أحداث المسرحية بما يتفق مع ميولهم ومنازعهم؛ كما تثبته المقدمة التي كتبها ((جون رسل براون)) John.R.Brown للمسرحية المذكورة، الصادرة - باللغة الإنجليزية - عام 1984م.
في هذه المقدمة - يحاول محقق المسرحية أن يوحي بأن الشخصية الرئيسية في المسرحية شخصية ((شيلوك)) Shylock؛ هي من اختراع ((شكسبير)) نفسه، ولا يمكن لأحد أن يناقش نوايا اليهود أو براعتهم؛ اعتماداً على سلوكيات هذه الشخصية (7) ؛ بينما تنبىء محاولة الكاتب المسرحية عن هدف واضح؛ يتمثل في نقل صور من أحداث المجتمع المسيحي؛ لاستخدام هذه الدماء في تحضير الفطير المقدس فيرى أنها تدخل في باب الأسطورة؛ بينما يؤكد الرحالة الإنجليزي ((سير ريتشارد بيرتن)) Sir Richard Burton (1821 - 1890م) في أحد كتبه الممنوعة - في الوقت الحاضر - من التداول حقيقة وجود هذا الطقس اليهودي، وأنه عاين - أي: بيرتن - عن طريق التجربة الشخصية الأحداث المرعبة لهذا الطقس؛ وربما كان الكتاب المحظور الذي قرأت الإشارة إليه قبل سنوات في ((مجلة الحزب القومي البريطاني)) (8) هو كتاب ((بيرتن)) المعروف باسم ((تجارب شخصية في سوريا)) Personal Experience In Syria (9) والذي كان انعكاساً لتجربة الكاتب الخاصة؛ حيث عمل قنصلاً في دمشق في الفترة 1869 - 1871م.
كثيرة هي تلك الأسئلة الحيوية المتصلة بالشخصية اليهودية، وسلوكياتها المنحرفة أو الشائنة؛ التي يطرحها هذا الكتاب، ولكنني أحسب المؤلف - كما ذكر الدكتور عبد الواحد لؤلؤة - في المقدمة، يريد من القارىء أن ينظر بعينه، ويحس بقلبه، ويعود إلى النصوص.
لذا فإنني أترك كثيراً من الأسئلة؛ التي تتشكل في ذهن القارىء عن هذه القضية إلى تجربته الذاتية في الكشف عن النصوص المتصلة بها، ومرجعيتها التاريخية وقيمتها الأدبية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :659  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 409 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.