شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
النموذج الأمريكي وكتابة المذكرات الشخصية
حفلت الصحافة البريطانية في الأشهر الماضية باستعراض لعدد من مذكرات الشخصيات السياسية والفكرية من أهمها مذكرات وزيرة الصحة السابقة في حكومة جون ميجور. والذي خلف تاتشر في زعامة حزب المحافظين - وكشفت الوزيرة ذات الجذور اليهودية عن علاقة خاصة وغير شرعية مع رئيس الوزراء - آنذاك - ميجور، مما تسبب في أزمة عائلية بين ميجور والمرأة التي شاطرته حياة الشظف والشدة قبل أن يصعد السلم في حكومة تاتشر ويصبح وزير خارجية ثم وزيراً للمالية، وكانت تاتشر تدفع دوماً بالأسماء المغمورة أو المهملة لتكون في الواجهة ويفسر البعض ذلك بأنه انتقام من الطبقة الارستقراطية في الحزب والتي كانت تعتبر ((تاتشر)) دخيلة على الحزب وتدعوها بابنة البقال.
ثم أخرج لورد ((تيبيت)) مذكراته - وقد قامت الصحافة البريطانية بعرض موجز لها قبل خروجها للأسواق، فتفاجأ الوسط السياسي والفكري برفع دعوى قضائية ضد ((تيبيت)) Tepit المعروف بانتمائه لليمين المحافظ في حزب المحافظين وكان أحد المقربين من تاتشر والمرشحين لخلافتها، وكان رفع الدعوى ضد ((تيبيت)) على خلفية تعرضه للعلاقة غير الشرعية بين وزير الطاقة السابق سيسيل باركنسون وسكرتيرته ((سارة كييز)) Sara Keays فهذه الأخيرة طلبت من المحكمة أن يقوم المؤلف بحذف الجزئية الخاصة بهذه القضية والتي تسببت في عزوف تاتشر عن ترشيحه لمنصب وزير خارجية في حكومتها الثانية 1983م ثم اضطراره للاستقالة بعد أن تعرضت الصحافة للتفاصيل الدقيقة في هذه القضية، وكانت حجة ((كييز)) في طلب الحذف بأن ذلك سوف يتسبب في متاعب نفسية لابنتها والتي اعترف باركنسون بأبوته لها لاحقاً.
وكان مسلسل هذه الفضائح بدأ مع استقالة وزير الحربية في حكومة هارولد مكميلاني المحافظة 1963م ((جون بروفيومو)) John Profumo، لتورطه في علاقة مشبوهة مع كريستين Christine Keeler والتي كانت في نفس الوقت على علاقة مماثلة مع مساعد الملحق السوفيتي العسكري في بريطانيا مما يوحي باختراق الأجهزة السوفيتية المخابراتية وتغلغلها داخل بريطانيا أثناء الحرب الباردة، ليست العلاقة، وحدها - هي التي أدت إلى استقالة ((بروفيومو)) والذي عمل نجاراً بعد فقدانه لمنصبه، إلا أنه اعتبر نفيه للعلاقة مع ((كييلر)) بمثابة كذبة على أعضاء مجلس العموم وإن أشد الأسلحة فتكاً ضد النواب الإنجليز هو اتهامهم بالكذب على زملائهم واعتبار ذلك سلوكاً شائناً في حق الوطن.
وأدت حملة صحافية على زعيم حزب الأحرار في السبعينيات الميلادية 1976م إلى استقالة ((جيرمي ثورب)) Jermy - Thorpe وكانت الحملة تتعرض لبعض سلوكيات ((ثورب)) الشخصية واقتران اسمه بمحاولة قتل لشخص ما والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا حفل شارع الصحافة البريطاني على مدى شهور عدة بعدد من المذكرات بينما كانت مذكرات الشخصيات السياسية والفكرية الغربية تتباعد في صدورها وكانت هذه الشخصيات في الماضي تتخوف من إفشاء الأسرار الخاصة بالمؤسسات التي تنتمي إليها فكرياً وأيديولوجياً ولا تنشر ما يدخل في باب مصالح الدولة العليا؟ وهل يمكن إرجاع ذلك إلى أن بريطانيا تحاول تقليد أمريكا في كل شيء حتى في قضايا الكشف عن الأسرار الخاصة، وكانت آخر الصيحات الصحافية هو تطلع الوسط الصحافي الأمريكي بكثير من الوله والشغف لخروج مذكرات عضوة الكونجرس الأمريكي عن مدينة نيويورك ((هيلاري كلينتون)) وخصوصاً أن هيلاري ظلت وفية لوالد ابنتها - شيلسي الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في ظل الظروف التي أحاطت بحياته الخاصة.
أم أن العامل المادي والذي يعتبر جزءاً هاماً من الحضارة الغربية المادية هو السبب وراء نشر المذكرات والتي يجني من ورائها أصحابها مبالغ طائلة حتى ولو تسببت في إحراج شخصيات ورموز في الحياة العامة وربما لتفكك أسري؟
ولقد كانت المذكرات في الماضي تمتلىء بالمعلومات التاريخية الهامة ولكنها اليوم تركز على الإثارة، فهل هذا جزء من ثقافة ((الهامبورغر)) والتي تسعى أمريكا لتسويقها في معقل الأوساط الأوروبية المحافظة نسبياً وفي مقدمتها بريطانيا والتي يتجاذبها تياران أحدهما أوروبي والآخر أمريكي؟؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :767  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 404 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج