شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رسالة إلى الكاتب إدوارد ووكر
كتب أدوارد س. ووكر، رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن رسالة إلى أصدقائه العرب على صفحات جريدة الحياة الدولية بعد حوادث 11 سبتمبر التخريبية والتي دانها العرب إدانة صادقة في جميع أنحاء العالمين العربي والإسلامي من منطلق تعاليم دينهم الإسلامي الحنيف وموروثهم الحضاري والفكري الحقيقي الذي يحرم قتل النفس البريئة،ويحظر على أتباعه حتى في ميدان معركة الدفاع عن النفس قتل الشيوخ والأطفال والنساء والمتعبدين في صوامعهم - إشارة إلى أتباع الديانات الأخرى من مسيحيين ويهود - وبحكم أنه دين عمارة الأرض فهو يحرم إحراق الأرض وهدم المعابد، ويعرف الباحثون الغربيون أن الإسلام دخل الأندلس وجزيرة صقلية وغيرهما من البقاع دون أن يمس كنيساً أو يهدم كنيسة وموقف سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي رفض الصلاة في كنيسة القيامة عند دخول المسلمين لأرض فلسطين - خوفاً - من مضايقة المسلمين لأخوانهم المسيحيين واختط مكاناً خاصاً للصلاة فيه سمي باسمه وهو شاهد حي على التسامح الكبير وغير المسبوق في تاريخ الحضارات العالمية، وبينما تهدم المساجد أو تقصف - اليوم - من قبل الآخرين وبينما يحرق المسجد الأقصى وتحفر الأنفاق تحته بقصد هدمه وبينما يدخل المتطرفون إلى الحرم الإبراهيمي في الخليل ويقتلون الناس وهم يصلون لبارئهم، فإننا لم نسمع إدانة واحدة من الفاتيكان أو مجلس الكنائس العالمي فضلاً عن المؤسسات الغربية المسؤولة والتي لا تجد في الاعتداء اليهودي على حرمات المسلمين ما يمكن اعتباره بكل المقاييس سلوكاً بربرياً ووحشياً ويحظى السفاحون من أمثال (بيجن) و(شامير) و(شارون) بمنزلة رفيعة في الغرب الذي يدعي الحفاظ على حرية الإنسان ومعتقده، بينما يفعل العكس من ذلك كله.
(ووكر) حاول أن يخاطب العرب بأنهم أصدقاؤه وأزعم أن الكاتب لم يكن صادقاً مع نفسه فهو يعلم أن الغرب لا يعرف شيئاً اسمه الصداقة بل هو يقدس شيئاً اسمه المصلحة، وبمقدار ما يحقق مصالحه حتى وإن تعارضت تلك المصالح مع مصالح الآخرين يكون الآخرون أصدقاء له.
أخذ (ووكر) على العرب أن مظاهر للفرح بدت في بعض المدن العربية - وهو شيء عملت إسرائيل وعملاؤها في المؤسسات الإعلامية الغربية على تضخيمه - وإن كان بعض تلك الصور التي نشرتها القنوات الإسرائيلية في مناسبات سابقة على يوم الأحداث التخريبي.
ولكن (ووكر) لم يكن شجاعاً في مخاطبة اليهود بمقدار الشجاعة التي أبداها إزاء العرب والذين دعاهم بأصدقائه وإذا سلمنا بأن العرب أصدقاؤه فاليهود هم أشقاؤه في كل شيء وفعل الأخ والشقيق المتشمت هو أعظم وأشد نكاية (فووكر) يعلم أولئك اليهود الذين كانوا يلتقطون الصور للحادث المؤسف من فوق بعض أسطح المنازل وكان وجودهم في ذلك المرتفع قبل اشتعال الأبراج وسقوطها، وهو سؤال لم تلجأ المؤسسات الأمريكية إلى طرحه في سياق بحثها عن المجرم الحقيقي.
لقد كانت الثلة اليهودية ترقص في الشارع فرحاً بهذا الحادث المأساوي الذي خرج أطفال فلسطين يبكون ضحاياه مع أن الغرب - جميعه - ولا أقول بعضه لم يبك جمال الدرة ولا إيمان حجو وغيرهما من عشرات الأطفال الفلسطينيين الذين كانوا يقتلون بأرقى أنواع الأسلحة الغربية الفتاكة والتي حصدت المئات من الفلسطينيين الذين يرزحون تحت الاحتلال الإسرائيلي العسكري منذ أكثر من نصف قرن من الزمن.
تساءل (ووكر) في رسالته الأولى (هل نبتهج نحن الأمريكيين في الشوارع عندما يقتل فلسطينيون أو غيرهم من العرب؟) ويجيب عن سؤاله هذا بالنفي، ومع أننا نستنكر فعل ذلك النفر المحدود من العرب الذي أبدى فرحة وابتهاجه إلا أن (ووكر) نسي أو تناسى مظاهر الفرح والتي عمت بعض المدن الأمريكية وخصوصاً واشنطن عند احتلال إسرائيل للضفة والجولان وسيناء في حرب 1967م ولم يقتصر الأمر على أمريكا فلقد كتب حسين أحمد أمين في صحيفة الحياة بمناسبة مرور 30 عاماً على حرب حزيران بأن الروس - آنذاك - وكان البعض يتوهم أنهم أصدقاء العرب وحلفاؤهم خرجوا في ميادين موسكو فرحاً بالهزيمة العربية.
أما في بريطانيا فإنني أحيل (ووكر) إلى مذكرات السياسي الإنجليزي المعروف وأحد أعمدة حزب العمال الحاكم في بريطانيا - أثناء حرب 1967م وهو ريتشارد كروس مان والتي يذكر فيها أنه وكثيراً من أعضاء حكومته كانوا مغتبطين لذلك الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، ويذكر في مدوناته الخاصة بـ 5 يونيو 1967م أنه عاد - أي كروس مان - من مجلس العموم لغرفته في دواننغ ستريت، ليجد السفير الإسرائيلي فكاد أن يطير من الفرح وأن السفير الإسرائيلي ظل يتردد عليه بين الحين والآخر، وهو دليل على خيانة (كروس مان) لوطنه، فهل كان بإمكانه استقبال سفير عربي وافتخاره بتقديم الدعم له؟
ولقد أخبرني أستاذنا الدكتور حسن باجودة - وكان طالباً في جامعة لندن أثناء الحرب - أنه لم يصدق أنه كان في لندن فمظاهر الفرح والنشوة في الإعلام والشارع البريطاني أوحت إليه بأنه كان في مدينة إسرائيلية وليست مدينة إنجليزية ولقد كنت - شخصياً - في بريطانيا أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبلد العربي (لبنان) و ارتكابه مجزرة صبرا وشاتيلا على يد السفاح - شارون - فلم أسمع من أصوات السياسيين من يدين ذلك العمل البربري والفاشي سوى وزير خارجية الظل العمال (دينيس هييلي) ولقد غضب بعض أعضاء البرلمان البريطاني والمؤسسات الأمريكية لمجرد دفاع (هييلي) وشجبه للفعل الإسرائيلي الشنيع والسلوك الأحمق وكانت تلك بداية النهاية لذلك السياسي العريق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :629  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 383 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج