شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
خطابُنا الديني بين التشدد والتسامح
يسجل لأجهزتنا الأمنية جهدها الفاعل في مقاومة كل ما يمس أمن هذا الوطن أو ترويع الآمنين فيه، وكيف يُروّع من كانت الكعبة بين عينيه ومثوى سيد الخلق ومسجده الطاهر - عليه صلاة الله وسلامه - في قلبه ووجدانه، حيث كتاب الله الحكيم يُتلى ونداء الحق قوياً وشجياً يُرفع، ولا شك أن رجل الأمن والحكمة والاتزان في بلادنا سمو الأمير نايف بن عبد العزيز - وزير الداخلية - يثبت هو ورجال حوله على هذا الأداء الأمني الفاعل في زمن يتعرض فيه العالم كله لموجات من التشدد والتطرف والإرهاب.
وتعاملت صحافتنا مع الحدث وأشارت إلى أيد خارجية تريد المساس بأمن هذه البلاد التي تحتضن مقدسات الإسلام وآثار حضارته التي عمت الكون بقيمها وتقاليدها الرفيعة.
إلا أنه يفترض الحديث عن المسكوت من القضايا فنحن أمة كبقية أمم الأرض ولا يضيرنا القول بأن مظاهر التشدد قد غرّت بعض قطاعاتنا التوعوية، وأن هذا الأمر تعود جذوره إلى حوالي ربع قرن من الزمن عندما أطلت جماعة (جهيمان) المتشددة بتنظير فكري بداية وأصدرت رسائل من مثل (الدولة الإسلامية).
ثم تبع ذلك التنظير محاولة للتطبيق بالعنف والقوة، ولم تجد تلك الشرذمة مكاناً تفرّغ فيه شحنة غضبها وحقدهم سوى بيت الله، فإذا الذين نظروا يتبرأون مما كتبت أيديهم وينقطعون لفترة عن وعظٍ لا نعرف من قاموسه إلا مفردات التكفير والتفسيق والتبديع، وكأن جماعة بعينها هي الناجية وما سواها خارج دائرة الرحمة والقبول، وبسبب هذا التفكير الوعظي إلى بذر أو نشر الشحناء والبغضاء بين أفراد المجتمع الواحد، بل بين أفراد البيت الواحد، وربما قاطع الابن أباه بحجة أو ذريعة أن في أقوال أبيه شبهة من الألفاظ الشركية متناسياً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر سيدنا أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - بمواصلة أبيه الكافر، وهذا أب مسلم وأم مؤمنة ودار مباركة، وأعرف قصصاً عديدة كيف قاطع بعض هؤلاء المتشددين أصهاراً لهم وأنساباً، وكيف أن بعضهم يقاطع عزاءً لميت لأن عقداً من الكهرباء قد وضع لإرشاد الناس لمكان العزاء،وكيف تنصب المقاعد لهذا الأمر، والمسألة - جميعها - لا تدخل من قريب أو بعيد في قضايا العقيدة وتخليصها من شوائب الشرك كما يزعمون.
وما إن تحل أشهر معينة مثل ربيع ورجب وشعبان إلا ونسمع في كل مسجد ندخله حديثاً مسهباً كيف أن الناس في بعض قطاعات العالم العربي والإسلامي قد وقعوا في الشرك بحكم احتفائهم بهذه المناسبات - وهي قضايا فرعية يمكن الاختلاف حولها - ولكن يفترض ألا يصل إلى حد الرّمي في العقائد والتشهير بإخواننا المسلمين والذين أضحوا ينعون علينا في خطبهم كذلك هذا الأسلوب المتشدد وهذا يعني بالضرورة وجوب إصلاح الخطاب الديني في مساجدنا وجامعاتنا ومنتدياتنا الدعوية و الإرشادية ووجوب نشر ثقافة التسامح والاعتدال والوسطية - عارفين وموقنين أن الإسلام هو قدرنا ولن نرضى بغيره بديلاً، ولكن استمراء أساليب التشدد والتنطّع والقسوة والجفوة والغلظة سوف تعود على مجتمعاتنا بشيء لا تحمد عقباه أو تعرف نتائجه.
إن ثقافة سوء الظن يجب أن تزول وتحل محلها ثقافة حسن الظن بعقائد المسلمين ودواخلهم متذكرين في ذلك قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - من دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدوّ الله وليس كذلك، إلا صار عليه أي رجع وفي لفظ من الصحيح (فقد كفر أحدهما.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :596  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 378 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج