شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إلى زياد الدريس... وللبيت رب يحميه
قرأت بإعجاب شديد ما كتبه الزميل الكريم الأستاذ زياد الدريس في صحيفة الوطن، 26 جمادى الآخرة 1423هـ موجهاً خطابه في تلك المقالة إلى سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز، وسعى في ذكاء منه بأن يكون هناك عنوان فرعي وهو (للنفط رب يحميه) وتدور تلك المقالة حول إمكانية التعامل مع روسيا بصورة أكبر وذلك لأننا وضعنا بيضنا كله في سلة أمريكا، وهو مهدد بخربشة القط الأمريكي/ الشاروني - بحسب ما ورد في خطاب الزميل الكريم، إلا أن الأستاذ الدريس كان متفائلاً بحجم الاستفادة التي يمكن أن تعود إلينا في حالة الانفتاح الأكبر على روسيا التي وصفها كاتب المقال بأنها دولة سلخت جلدها وما زال جسدها ينبض بالحياة، ولا أعلم إذا ما كان الأستاذ الدريس حاول قراءة الماضي المأساوي للعلاقة التي قامت بين الاتحاد السوفيتي - آنذاك - وبعض دول المواجهة العربية.
لا أريد يا أخي أن أعيد على الأسماع قراءة ملفات اجتماع الهيئة الأممية، ففي كتاب (تاريخ السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي) والذي صدر تحت إشراف كل من بونو ماريف، وأندريه جرومكو وخفوستوف، حيث ورد في ذلك الكتاب أن الاتحاد السوفيتي يحترم كل الشعوب كبيرها وصغيرها، لكل شعب الحق في تأسيس دولته القومية المستقلة وهذا بعينه هو الذي حدد موقف الاتحاد السوفيتي تجاه دولة إسرائيل في سنة 1947م حينما صوت لصالح قرار هيئة الأمم المتحدة القاضي بأن تنشأ دولتان مستقلتان، وإخلاصاً لهذا الموقف المبدئي أقام الاتحاد السوفيتي بعد ذلك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل). إلا أن الذي لم يذكره صناع السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي هو هرولة الاتحاد السوفيتي للاعتراف بالكيان العنصري، وإذا كانت الولايات المتحدة قبل وأثناء حرب حزيران قد كشفت عن وجهها القبيح وذلك في عهد الرئيس الأمريكي (جونسون) وانحازت لإسرائيل، فإن الدور الذي لعبه الاتحاد السوفيتي كان قذراً إلى حد كبير، فهو الذي أخبر مصر وسوريا على لسان جروميكو نفسه بأن إسرائيل تستعد للقيام بهجوم عسكري وشيك على سوريا، ويبدو أن العامل وراء هذه المقولة التي أثبتت الأحداث كذبها هو أن روسيا كانت تعلم أن إسرائيل هي الأقوى، وبالتالي فإن مصر سوف تصاب بهزيمة كبيرة سوف تؤدي بمصر إلى الاعتماد الكلي على الاتحاد السوفيتي، وذكر أمين هويدي وكان يشغل منصب وزير الحربية في تلك الحقبة أن روسيا طلبت من مصر ألا تكون بادئة بالهجوم، وهي خديعة انطلت على صناع القرار - آنذاك - وكان المضحك والمبكي - معاً - هو أن القيادة العسكرية المصرية وجهت سؤالاً محدداً للاتحاد السوفيتي وهو: ماذا سوف يكون حجم الخسائر؟ في حالة قيام إسرائيل بالضربة الأولى فكان الجواب: القضاء على ثلث الطيران المصري، وزادوا بأن بإمكان (مصر) تحمل عبء الضربة الأولى وسوف يلحق العرب بعد ذلك خسائر فادحة بإسرائيل والتي كان يقوم بوزارة دفاعها شخص في غاية الذكاء وهو الإرهابي موشيه ديان، وشرب العرب المقلب السوفيتي، وكانت النتيجة القضاء على جميع السلاح الجوي وبالتالي الاستيلاء في بضعة أيام على الضفة والقدس، وسيناء والجولان، ولم يتحرك الاتحاد السوفيتي كما كنا نحلم، وكانت النتيجة المأساوية لقصور في فهمنا وسذاجة بالغة في تصوراتنا، هو تلك الهزيمة الكبرى والتي ما زالت تلاحقنا وتسببت في ضياع مواردنا البشرية وقوانا العسكرية. لقد شيع جورباتشوف الاتحاد السوفيتي إلى مثواه الأخير، وكان الثنائي ريجان - وتاتشر من الذكاء بحيث جعلا نهاية الإمبراطورية السوفيتية الحتمية على يد أحد رجالها، وكانت الهجرة الجماعية ليهود الاتحاد السوفيتي هو ثمن بقاء جورباتشوف في الأمانة العامة للحزب الشيوعي المنهار لسنوات عديدة ثم تم استبداله بشخص آخر وهو (يلتسين) والذي فتح الباب على مصراعيه لسيطرة اليهود على مقدرات روسيا اقتصادياً وإعلامياً، وعندما انتهى دور (يلتسين)، جاء الرجل الذي وقع للولايات المتحدة على ورق أبيض متنازلاً عما تبقى من معارضة لتوسع حلف (النيتو)، ومصدراً أوامره بإخلاء ما تبقى من قواعد عسكرية في كوبا وغيرها نظير حفنة من دولارات أمريكا.
ولا يفهم من كلامي هذا بأنني من المؤيدين لبقاء البيض العربي في السلة الوحيدة، بل أريد القول ماذا فعلنا منذ أحداث 11 سبتمبر إلى الآن كأفراد، كدعاة، كوعاظ، كمفكرين وكتّاب؟.
إنه من المفترض أن نحافظ على وحدة هذا الكيان الذي كان من أعظم إنجازات العصر الحديث على مستوى عالمنا العربي وتأكيداً على أهمية الدور الوطني لمثقفي هذا البلد ومفكريه وأهل العلم وطلابه أن نتعلم الدرس الذي واجهته الأمة العربية والإسلامية في نكباتها المتعددة وهو خلافاتها البيزنطية على غرار هل الدجاجة أولاً أم البيضة؟ فنحن ندور العالم بأسره لنقول إننا نؤمن بالحوار مع الآخر، ولكن ماذا عن حوارنا مع بعضنا البعض؟ فما زالت بعض الحناجر تلقي بما هو أشد من الحمم فهذا سلفي والآخر صوفي، وهي الحناجر التي تحدد للسني المسلم كيفية تعامله مع أخيه في العقيدة والولاء للوطن! وهل من الجائز أن يلقي السلام عليه أم لا؟! وهناك مسجد أو أثر منذ عصر المصطفى صلى الله عليه وسلم فبدلاً من أن نحافظ عليه كأفراد فإذا بنا نجهز عليه ونسويه بالأرض تماماً، وإننا بذلك نهدم معالم حضارتنا وننبش شواهدنا ونقوض تاريخنا بأيدينا وفوق هذا كله هو جهلنا المطبق بأن ما نقوله ونفعله سوف يصب في خدمة أعداء هذا البلد، وإذا كان المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود قد أقام هذا الكيان ورعاه من بعد أبناؤه وحفدته ورجاله فإنه من الخطر أن نترك للتشنج والعصبية والتشدد إصابته بدائها الفتاك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1015  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 371 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج