شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رثاء إنسان... حسين خاشقجي
هذه كلمات متواضعة أرثي بها أحد رجالات المدينة الراحلين - الأستاذ حسين خاشقجي، وهو ينتمي لأسرة كريمة في البلد الطاهر وأدركت عدداً من رجالها المعروفين منهم حسن نزيل الكرام والد صدقة ونضر خاشقجي وإخوانهما وعبد الإله خاشقجي - والد شيخ المؤذنين - الحالي - الأستاذ عبد الرحمن خاشقجي وأخيه أنور المؤذن بمسجد الجمعة المشهور وأخوتهما وكذلك حسين إبراهيم خاشقجي والد أنس وإخوانه إضافة إلى أكبر المؤذنين الحاليين - سناً - الوالد تقي خاشقجي.
كانت قدماي تحملانني من العنبرية وقباء حيث نشأت كل صباح متأبطاً كتبي إلى مدرسة العلوم الشرعية وكان مراقب المدرسة - آنذاك - أستاذنا سليمان سمان - رحمه الله - رفيقاً بي - فيسمح لي بالصلاة في المسجد النبوي الشريف مع ارتفاع الأذان في المنارة (الرئيسية) لصلاة الظهر وكان فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح - رحمه الله - يخرج من المحكمة الشرعية - بحكم عمله رئيساً لها - ويدخل من باب السلام في أدب جم ليسلك طريقه بجوار الجدار القبلي للمسجد بعيداً عن أي ضوضاء أو جلبة وما إن يحل في المحراب حتى يرتفع صوت المؤذن من (المكبرية) لإقامة الصلاة، وكانت أصوات المؤذنين ندية وتبعث على الخشوع والطمأنينة، وقد شاهدت بعيني وسني لم يبلغ العاشرة - بعد - كيف أن الحجاج والزائرين لمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمتشرفين بالسلام على سيد الخلق وشفيع الأمم محمد بن عبد الله - عليه صلوات الله وسلامه - نعم لقد رأيت الدمع ينسكب سخياً من مآقيهم ويبلل لحاهم الطاهرة كلما ارتفع صوت المرحوم حسين بخاري بالأذان، وأزعم أنني لم أسمع صوتاً ندياً في حياتي كصوته، وجاء بعد جيل الكبار من المؤذنين جيل آخر من أبناء طيبة الطيبة ومن خيرة الجيران فيها، ومن بينهم ماجد حكيم، وحسين عفيفي، وعبد المطلب وكامل نجدي، وعبد العزيز وعصام حسين بخاري، وأسعد حمزة النجدي، ومصطفى وفؤاد النعمان الحنبلي، وحسن عبد الستار بخاري، وعبد الرحمن خاشقجي الذي اختير شيخاً لمؤذني المسجد الطاهر بعد وفاة الشيخ عبد الله رجب - والد الأستاذ حسين رجب - وغير هؤلاء من الجيل اللاحق المبارك، الملتزم في سلوكه والقائم بأداء هذه المهنة الشريفة في أدب ووقار، والجدير بالرعاية من المسؤولين.
حسين خاشقجي - عمل في الإدارات الحكومية - ومنها وزارة الصحة وتميز مع من يعملون معه بالخلق الحسن والكلمة الطيبة وعمل على بناء أسرة كريمة حملت اسمه عن جدارة، وفي مقدمتهم يأتي الأستاذ (حسام خاشقجي) الذي عمل لفترة طويلة وكيلاً لوزارة الحج و الأوقاف.
ولقد سمعت معالي الدكتور محمود بن محمد سفر - وزير الحج السابق أثناء عملي معه مستشاراً - يمتدح قدرات هذا الشاب ويقول إنه كان متميزاً بين مجايليه، مع أن الأستاذ (حسام) عمل مع معالي الأستاذ والمربي والإداري القدير عبد الوهاب أحمد عبد الواسع والذي استمر لحقبة طويلة في وزارة الحج قدم خلالها الكثير لهذه الوزارة التي تتشرف بخدمة ضيوف الرحمن.
وهناك ابنته الدكتورة (رفيدة خاشقجي) والتي ترأس قسم الطالبات بجامعة الملك عبد العزيز وهي إدارية متميزة، وأزعم أنني لم أكتب للسيدة (رفيدة) في وساطة حسنة ألا واستجابت وعملت على تحقيق مطالب الآخرين مع الحفاظ على النظام ودون إخلال بمقتضيات المنصب الذي تتبوأه.
وللتأريخ فإنني أكتب هذه السطور عن الفقيد ولم أقابل - يوماً - أحداً من أفراد أسرته ولا تربطني أي منافع شخصية بهم ولكننا أمة الوفاء والإحسان والجميل، ومن حق الآخرين علينا أن نكتب عنهم بعد رحيلهم، فلعل هذا يغطي شيئاً من جوانب القصور لدينا، فنسيناهم بعد أن اعتزلوا الحياة وأضحوا في منازلهم يعيشون على ذكريات الأمس، ذلك الأمس الجميل الذي كان يعيش فيه الناس كأسرة واحدة، لقد كانوا يزورون مريضهم، ويصلون قريبهم، ويحسنون - في تواضع - إلى فقيرهم، ولا يبخلون على قريب أو بعيد بما يملكون من جاه، ويحسنون الظن ببعضهم البعض عقيدة وسلوكاً.
تلك أمثلة حية ورائعة لرواد من جيل الأمس وما أجدرنا - نحن - جيل اليوم أن نلتفت في وعي للأمس الجميل - بل عفواً - النادر الجمال.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :3322  التعليقات :2
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 370 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.