شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مذهب أهل السنة والجماعة ووسطيته
أنفقت هذه الدولة السنية على تعمير الحرمين الشريفين وصيانتهما وكذلك على المشاعر المقدسة ما هو جدير بأن يدوّن في التاريخ الإسلامي بالإعزاز والافتخار وأنه ليجب على بعض طلبة العلم الابتعاد عما يشوّه هذه الصورة الرائعة التي استقرت في أذهان المسلمين عن بلادنا كمهبط للوحي، وموئل للرسالة، وبها بيته المطهر، ومسجد نبيه صلى الله عليه وسلم ومثواه الشريف، ويجتهد بعض طلاب العلم أو المتشددون منهم - هداهم الله - اجتهادات خاطئة تصب في خدمة أولئك الذين تمتلىء قلوبهم بالغيظ والحسد على ما أكرمنا الله به من رعاية للمدينتين المقدستين.
نعم: إن هذا البعض يجتهد في هذه الأيام الحساسة اجتهاداً خاطئاً، إن لم يكن - خطيراً - وهو صرف الناس عن زيارة سيدنا وشفيعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت غطاء واه، وذريعة تجاوزها الزمن وهو الوقوع في الشرك عند الزيارة الشريفة، فلقد منّ الله على المسلمين بالعلم والمعرفة الدينية الصحيحة والشرعية في بلادهم. وعلينا وفقاً لحسن الظن بالمسلم وعقيدته - أن نبتعد - وخصوصاً أننا في موقع القدوة الحسنة للآخرين في عقائدهم لأنهم يزورون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المشروع في ذلك - ثم السلام عليه، وسوف أنقل لهذا البعض الذي ضاقت عليه الدنيا فخصص جميع خطبه لهذا الشأن وهو لا يعلم أن ولاة أمرنا الذين وحدوا هذه البلاد، وطبقوا شرع الله فيها، زاروا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم - ووقفوا متأدبين ومطمئنين أمام قبره الشريف للسلام عليه وعلى صاحبه - رضي الله عنهما - سلاماً شرعياً.
ولقد رأيت بنفسي - خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - حفظه الله وإخوانه البررة كسمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز، وسمو الأمير سلطان ابن عبد العزيز والبقية المباركة وهم يؤدون السلام على المصطفى صلى الله عليه وسلم مع فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح - رحمه الله - في أوقات مختلفة، إنهم ولاة الأمر - حقاً - والذين هيأوا المسجد النبوي الشريف للصلاة عليه، واهتموا اهتماماً كبيراً بمثواه المبارك وجعلوا المرشدين أمام الحضرة الشريفة لتسهيل الزيارة الشرعية.
لذا فإنني أسأل هذا البعض ألا تصب أقوالهم المتشددة والمتشنجة المغالية ضد هذا التوجه الكريم والسلوك السلفي الناصع لولاة الأمر وحكام المسلمين.
لقد نقل عن الإمام الحنفي ملا علي قاري في شرحه لكتاب (الشفا) للإمام القاضي عياض ما نصه: (وزيارة قبره عليه السلام سنة من سنن المسلمين مجمع عليها، وممن ادعى الإجماع النووي وابن الهمام بل قيل إنها واجبة وفضيلة مرغب فيها).
وأنقل هنا قولاً للعالم السلفي والفقيه المالكي الشيخ عطية محمد سالم الذي وفقه الله لإتمام عمل شيخه السلفي العلامة محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي في الجزء الثامن من كتاب (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن) ج8 والأول من التتمة ص 576 - 605).
وقال الشيخ السلفي التوجه - حقاً - المرحوم عطية محمد سالم - رحمه الله - والذي كان مدرساً بالجامعة الإسلامية بالمدينة، ثم قاضياً بالمحكمة الشرعية الكبرى، ومدرساً بالحرم النبوي الشريف لمدة تزيد على أربعة عقود من الزمن، وكان موضع الثقة من علمائنا الأفاضل من أمثال: سماحة المشائخ محمد بن إبراهيم، عبد العزيز بن باز، عبد العزيز بن صالح، محمد بن عثيمين، محمد الحركان، رحمهم الله رحمة الأبرار وغيرهم من علماء السلف الصالح داخل بلادنا وخارجها.
قال - بعد أن تحدث بالأدلة الشرعية عن زيارة القبر الشريف لشفيع الناس أجمعين وسيدهم - عليه صلوات الله وسلامه: (وتحقيق ذلك كالآتي، وهو ما داموا متفقين على شد الرحال للمسجد النبوي للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومتفقين على السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون شد الرحال، فلن يتأتى لإنسان أن يشد الرحال للسلام دون المسجد، ولا يخطر ذلك على بال إنسان وكذلك شد الرحل للصلاة في المسجد النبوي دون أن يسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يخطر على بال إنسان، وعليه: فلا انفكاك لأحدهما عن الآخر، لأن المسجد النبوي ما هو إلا بيته صلى الله عليه وسلم، وهل بيته إلا جزء من المسجد كما في حديث الروضة: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة فهذا قوة ربط بين بيته ومنبره في مسجده) انتهى كلام الشيخ السلفي، والصافي العقيدة (عطية محمد سالم) رحمه الله رحمة الأبرار وبقية علماء الأمة.
وقال الشيخ شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن قدامة الحنبلي في كتابه (الشرع الكبير) فإذا فرغ من الحج استحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما (انظر الشرح الكبير لأبي الفرج ابن قدامة، ج1، ص 495).
وفي كتاب (الغنية لطالبي طريق الحق) للشيخ عبد القادر الجيلاني الحنبلي - رحمه الله - ومن المعتمدين في الفقه الحنبلي عند شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - قال هذا العلم الحنبلي الجليل (فإذا من الله تعالى بالعافية، وقدم المدينة، فالمستحب له أن يأتي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فليقل عند دخول المسجد (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وافتح لي باب رحمتك، وكف عني أبواب عذابك، الحمد لله رب العالمين، ثم يأتي القبر، وليكن بحذائه بينه وبين القبلة، ويجعل جدار القبلة خلف ظهره والقبر أمامه تلقاء وجهه والمنبر عن يساره وليقل (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته... الخ).
إن مذهب أهل السنة والجماعة مذهب سمح لا شدة فيه، ووديع لا غلظة ولا جفوة فيه، وإنه من أكثر مذاهب الأمة دعوة لحسن الظن بعقائد الأمة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :718  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 364 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.