شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
السلوكيات الحضارية بين رؤيتين
لم يكلفنا كأمة ذات تاريخ حضاري وفكري مجيد أننا لم نشارك في صنع الحضارة المعاصرة، واكتفينا بأن نكون في موضوع المتلقي والمستهلك أمد طويل، وبدلاً من أن يكون هذا التأخر الذي تسببت عوامل عدة في تكوينه داخل أنفسنا ومجتمعاتنا حافزاً لنا لمعرفة كيفية التعامل مع جميع أنواع هذه التقنية وبأسلوب غير حضاري يضاعف من مشاكلنا ويزيد من تراكمات هذا التخلف الذي لم نعرف بعد كيفية الخروج من نفقه المظلم سوء استعمال هذه التقنية والأمثلة في هذا الأمر كثيرة بحيث يصعب على المرء حصرها أو تعدادها ولكننا سنكتفي بطرح بعض أوجه هذا القصور الحضاري في التعامل مع الحضارة الغربية.
لقد صنع الغرب الآلة ولكنه لم يضع ثقته الكاملة في هذه الآلة، فهو مثلاً أي الفرد الغربي يستخدم الدراجة العادية في عطلة الأسبوع ولا يجد حرجاً في التجوال بها، وهو يعلم أن ركوبه لهذه الدراجة - نتيجة لثقافته الاجتماعية الصحيحة - سوف يعود على صحته بعوامل إيجابية عدة، بينما لا يجرؤ المرء في بعض مجتمعاتنا العربية على ركوب الدراجة فسوف يصفه المجتمع بأنه إنسان متخلف عقلياً، بل إن المشي على الأرجل أصبح من الأمور التي ينظر إليها في مجتمعاتنا نظرة سلبية، مع أن آباءنا وأجدادنا إلى عهد قريب كانوا يعتمدون في قضاء حوائجهم على السير على الأقدام، بل إن بعضاً من أجدادنا الذين هاجروا منذ قرون عديدة إلى بلاد الحرمين الشريفين، قطعوا الفيافي و الأودية سيراً على الأقدام حباً في الله ونبيه صلى الله عليه وسلم وما كان يمثل جزءاً من تراثنا وتقاليدنا الحضارية حافظ عليه الغرب بينما أضعناه وفرطنا فيه أيما تفريط.
فلقد حدثت إضرابات نقابية في بداية الثمانينيات الميلادية في مدينة لندن، وتسبب ذلك في توقف القطارات وسيارات النقل عن أداء مهمتها اليومية، وكان على وزير الداخلية المحافظ ويليام وايت لو (Wiliam Whetelaw)، أن يحضر جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في دواننغ ستريت فاضطر لركوب دراجته العادية حتى لا يتأخر عن العمل وأضحى سلوكه هذا مضرب المثل في الجدية والانضباط.
كما أن وزير الخارجية البريطاني دوقلاس هيرد اضطر في ظروف متشابهة لركوب الدرجة السياحية في القطار.
ولعله من السلوك الخاطىء لاستعمالنا التقنية الحديثة أنه عندما ظهر جهاز (البيجر) أضحى الناس في عالمنا العربي لا يتورعون عن دخول بيوت الله غير عابئين بما تحدثه هذه الأجهزة من ضوضاء وإزعاج وزاد الأمر سوءاً عندما أضحت الأسر جميعها في عالمنا تحمل جوالاتها داخل المساجد، وفي صالات الدراسة غير عابئين حتى بما يقرأونه من مخاطر طبية تنجم عن الإفراط في استخدام هذا النوع من التقنية.
وإنني واثق من أن البلاد الغربية التي صنع علماؤها هذه التقنية لا يستخدم أهلها هذه الأجهزة إلا في أوقات الضرورة والحاجة، وهم لم يركنوا إليها كما ركنا إليها، ولم يقدسوها وهم لا يحملونها فخراً ومباهاة كما يفعل شبابنا من جيل الحائط، وكان آخر المآسي ما نقلته صحيفة الحياة 7 ربيع الآخر 1422هـ وهو الاستهتار عن طريق النكتة باستخدام بعض الرجال لكلمة الطلاق وترتب على ذلك ما ترتب من تفكك الأسرة والمجتمعات والأمر لا يعدو أن يكون تخلفاً حضارياً مركباً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :733  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 362 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج