شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لماذا أخفق الإعلام العربي ونجح المتهم؟؟
كان للبرنامج الوثائقي (المتهم) الذي عرضته القناة التلفزيونية الرئيسية (بي.بي.سي) في سلسلة الموضوعات الجادة والموضوعية التي يقوم بها باحثون متميزون من أمثال: فيرغال كين وفح كين ضمن إطار إعلامي عريق يعرف بـ(بانوراما) أي (النظرة الشاملة إلى موضوع من الموضوعات)، وعلى الرغم من الانتقادات التي يوجهها البعض إلى محطة (بي.بي.سي) إلا أنها تظل الأكثر جدية وشمولاً من بين المحطات الإعلامية الغربية الأخرى، نعم لقد كان للبرنامج الذي فتح ملف مذبحة (صبرا وشاتيلا) من جديد بعد عقدين كاملين من الزمن، ودور السفاح النازي (اريل شارون) الذي تعتبره الإدارة الأمريكية الأكثر سوءاً في تاريخ أميركا، نعني إدارة جورج بوش، وباول، ورايس، تعتبر هذا السفاح بطلاً ولا تخجل من استقباله، وتنصت إلى نصائحه الإرهابية في ذل وهوان بينما تزعم هذه الإدارة الجمهورية الأسوأ أنها تحارب الإرهاب وتتصدى للأصولية.
كان لبانوراما (المتهم) أثر بارز وإيجابي على الساحتين السياسية والإعلامية إلا أن السؤال الذي طرح في الساحة الإعلامية العربية، بأن برنامجاً كهذا حقق نتائج إيجابية لصالح قضية عربية عادلة، وكان أبرزها خروج مظاهرات في شوارع باريس ولندن تندد بتاريخ شارون الإرهابي والدموي عند استقبال المؤسسات السياسية له وهو أمر لم يكن ممكناً في الماضي بحكم الهيمنة الصهيونية ليس على الإعلام الغربي وحده، ولكن على مجمل المؤسسات الدينية والسياسية والفكرية والغربية منذ نشوء الكيان العنصري الإسرائيلي، في الوقت الذي أخفقت فيه وسائل الإعلام العربية عن بلوغ شيء من هذا في تاريخها الطويل، بل إنه من المخجل أن مثقفين عرباً من أمثال محمود درويش، وأدونيس، ومحمد الحربي، وسميح القاسم وغيرهم باعوا وطنيتهم لمجرد تحقيق رغباتهم الذاتية بعد عمر طويل قضوه في ادعاء الوطنية ورفع شعارات القومية والحداثة، فبئس شعارات كهذه تطأطىء رؤوس أصحابها ومنظّريها ذلاً وهواناً، في الوقت الذي تهدم فيه بيوت الفلسطينيين، ويقتل أطفالهم ويترمل رجالهم ونساؤهم على حد سواء، ويعيش أهلونا في العراء، بينما يدخن أدونيس ودرويش ورفاق السوء معهم سيجار الهافانا ويتسكعون في شوارع لندن وباريس مرددين في غوغائية وجهل المقولة الكاذبة بأن الصهيونية حركة تحررية.
إن وسائل الإعلام العربية أخذت من الإعلام الغربي - للأسف الشديد - القشور وتركت الجوهر بل هي فاقت وسائل الإعلام الغربية وخصوصاً تلك القنوات الفضائية العالمية منها في مخاطبة الغرائز، والرقص المضحك على إيقاع الغناء المبتذل الذي لا يعرف من يرفعون عقيرتهم به شيئاً من أصول الموسيقى أو بالأحرى أبجدياتها، بل هو صخب ترى فيه الشباب والكهول يغطون وجوههم بأقنعة الخجل وهم يتمايلون في وضع تخجل فيه المرأة في أي مكان في العالم من مجاراتهم فيه، وهو أمر يدل على فهم سقيم للثقافة والحضارة معاً.
ثم إن وسائل الإعلام العربي لا تزال واقعة في برامجها - إلا النزر اليسير منها - في التناول المباشر الفج، وفي الإنشائية المصطنعة، والخطابية التي تجاوزها الزمن وتخطتها مفاهيم الإعلام القائم على الموضوعية والبحث والتقصي، وظن البعض أن القنوات الفضائية سوف ترفع من سقف الإعلام العربي، فإذا هي تهبط به وبنفسها درجات سحيقة من الابتذال والدونية.
لقد قرأت في الثمانينات الميلادية أن مؤسسة إعلامية مثل (بي. بي. سي) بها ما يقرب من ثلاثين ألف عامل وموظف، وأن ميزانيتها تفوق ميزانية عدد من دول العالم الثالث مجتمعة، ويشرف على سير المؤسسة وتقييم نشاطاتها مجلس أمناء يُختار من خيرة المثقفين والمفكرين البريطانيين الذين لم يتخلوا عن وطنيتهم كما تخلى عنها هذا العدد الكبير من أصنام الثقافة العربية.
ونخطىء عندما نظن أن القنوات الغربية جميعها هي قنوات إباحية، ومع أن هذا الجانب موجود ومعروف لمن يبحث عنه إلا أن هناك قنوات لا يعرفها للأسف الشديد المشاهد العربي وإن عرفها نأى بنفسه عنها ونضرب مثلاً بالقناة الثانية (بي.بي.سي) فهي قناة علمية تفتح أفاقاً واسعة أمام المشاهد، وبإمكانك أن تجلس في بيتك وتصبح مثقفاً إن أنت اخترت قناة جديّة مثل (بي.بي.سي؟).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :715  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 361 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج