شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دعوهم في حياتهم آمنين وفي قبورهم مطمئنين
عشنا زمناً طويلاً نفتخر ونتغنى - ونحن محقون - بأن لدينا قامات شامخة في دنيا الفكر والأدب من أمثال: محمد حسن عواد، وحمزة شحاتة،وحسين سرحان، وحسين عرب، وعبد الله عبد الجبار، وعبيد مدني، وأمين مدني، ومحمد حسن فقي، وحمد الجاسر، وأحمد جمال، وعبد الله بن خميس، ومحمد أحمد العقيلي، وعبد الكريم الجهيمان، نعم عشنا هذه العقود ونحن نردد والوطن معاً أصداء الشعر الذي أبدعه الرائد العواد رحمه الله ويقول فيه مفاخراً:
مِنْ هنا شَعْ للحقيقة فجْرٌ
من قَدِيمٍ، ومن هُنا يتجدّدْ
أدبٌ نابه يُقدِّمهُ الشَعْ
بُ إلى النَّاس مِنْ بلاد (مُحمَّدْ)
مِنْ هنا، مِنْ بلادنا هذه القا
ئم فيها هَذَا الفخار المؤبَّدْ
بَرزَ العاهِلُ الذي ملك الدُّنيا
بنورٍ، لا بالسِّلاح المُمدَّدْ
ولقد عاش بعض من هؤلاء الرواد عيشة الكفاف وفي مقدمتهم العواد وشحاتة، وزاد يقيني بأن ما قيل عن عزوف هذين الرائدين عن متاع هذه الدنيا الفاني ما رواه لي الأديب الدكتور عبد الله مناع بأن المرحوم العواد باع داره الوحيدة في (العمارية) ليقتات هو وأسرته من ثمن هذه الدار، وأن الذي كتب أول بيان أدبي في بلادنا في عصرنا الحاضر خواطر مصرحة كان يستأجر سيارة ليوصل بنفسه ابنته الإذاعية والأديبة نجاة عواد إلى مقر عملها في الإذاعة، ثم يعود لأخذها في نفس المركبة المستأجرة، إنها ابنته يرى فيها رمز المرأة التي أحب ودافع عن حقوقها طوال نصف قرن من الزمن، وكانت معركته الشهيرة مع المرحوم الناقد عبد العزيز الربيع حول شاعرية صاحبة الأوزان الباكية ثريا قابل.
ومثله (شحاتة) الذي عاش في أرض الكنانة زاهداً ومتنسكاً وصامداً وصامتاً ليقوم على تربية وتعليم السيدة شيرين - رحمها الله - وأخواتها، وإن من يقرأ رسائله إلى ابنته شيرين والتي يصور فيها أدق الأحاسيس الإنسانية وأكثرها شجناً وأسماها غاية لا بد أن الإعجاب يتملكه والدهشة تستبد به، ويسأل نفسه في لحظة صفاء وصدق كيف عاشت هذه النماذج الرفيعة ولم نوفها حقها كمواطنين ننتسب إلى هذا البلد الذي عرف الحضارة والفكر منذ أن شع نور الرسالة المحمدية على هذا الوجود، واصطفى الله هذه الأمة لحمل هذه الرسالة إلى كل الدنيا رحمة وتسامحاً وحباً ووفاءً وإخلاصاً.
ترى - يا قومنا - إذا كنا لسنا بقادرين على أن نوفي العواد وشحاتة وعبد الجبار حقهم علينا لأنهم حملوا راية الفكر الأصيل، والتجديد الواعي وأخذوا بأيدي الكثير منا إلى المنابع الأصلية التي تتدفق حباً وعطاءً، وإذا كنا لسنا بقادرين كذلك بعد أن وارينا بعضهم الثرى، في المعلاة والغرقد، والأسد، والعود رفاتهم، فهل من الوفاء ومن الحكمة أن نرميهم بما هو ليس من سماتهم بل هم أبعد ما يكونون من خيانة الذمة، والتدليس، ترى لو كان العواد حياً، والفقي بصحته التامة وبقامته الشامخة شامخاً، ترى لو لم يكن سليل بيت العلم والفضل أحمد زكي يماني متعالياً ومترفعاً وكبيراً في كل شيء، ترى لو كان الأمر غير ذلك هل كنا بقادرين أن نوجه تلك السهام الطائشة إليهم، ونأكل على موائد بعضهم نهاراً، ثم نتهاتف ليلاً لنفكر في شيء من العليان والنزق كيف نكافئهم بهذا الجحود وذلك النكران على ما قدموه لوطنهم وأمتهم ومجتمعهم.
وليتنا تعلمنا من سلوكيات أولي الأمر في مملكتنا العزيزة فيما يجسدونه من سلوك عملي للاحتفاء برموز الفكر وتقدير لأهل العلم في بلادنا ومن محبة وتسامح وحكمة ونبل، لأولئك الذين يقدمون لبلادنا زائرين وذلك يشمل الذين لم يحسنوا الكلمة في حقنا يوماً من الأيام فوجدونا - ولله الحمد - على غير ما وهموا.
فهذا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده يخاطبان ابنة المرحوم الأديب السيد أحمد عبيد المدني الدكتورة ثريا بتلك العبارة الأبوية الصادقة (أنت ابنتنا، ونحن فخورون بك وسندعمك)، وكم كان لزيارة سمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز، وسمو النائب الثاني سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز وغيرهم من أولي الأمر لدور رجال الأدب والفكر في بلادنا من أمثال المرحوم عزيز ضياء، والسيد محمد حسن فقي - شافاه الله - والمرحوم عبد الكريم نيازي، وآل المدني وغيرهم من أثر كبير على نفوس أبنائهم وذويهم، وأنه السلوك الذي يفترض فينا أن نترسمه ونحتذيه، وحتى لا تصدق علينا مقولة البعض: بأننا مجتمع يدفن عظماءه أو يقتلهم بالكلمة الطائشة بدلاً من أن يحييهم، وينثر عليهم الورد والفل والياسمين ويحفظ مكانتهم أحياءً وأمواتاً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :698  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 360 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج