شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حسن عبد الحي قزاز.. الصوت الأقوى والأجمل
تحدث عدد من أدبائنا عن أستاذ الجيل في الصحافة المرحوم حسن عبد الحي قزاز، ولكن ما كتبه الأستاذ عبد الله جفري في عموده اليومي - بصحيفة الحياة - حلقتان متتاليتان كان وفاءً نادراً، ووجداً صادقاً، وحروفاً تنبض بالحب الذي أضحينا نفتقده في زمن الماديات، وكأني بأبي ((وجدي)) أراد من تلك الكلمات أو من خلال تلك المرثية أن يعود بنا لزمن البراءة والطهر، فلقد كان الجليس والمريد لجيل تمثله قامات شامخة في الفكر والأدب - أدب العقل وأدب النفس من أمثال الشاعر الكبير ضياء الدين رجب، والمؤرخ والنسابة والخطيب المفوه الأستاذ محمد حسين زيدان ولقد سمعت الزيدان - رحمه الله - يخطب قبل حوالي عقدين من الزمن في حفل لتهامة على عهد صديقنا أبي الشيماء الأستاذ محمد سعيد طيب لمدة تقارب ثلاثة أرباع الساعة، لا يتلجلج في قول ولا يلحن في لغة ويحلق بسامعيه في أجواء من بلاغة القول الذي يخاطب العقول والقلوب - على حد سواء - فكأنك بابن المقفع قد اخترق العصور، أو بأديب العربية الكبير طه حسين يسرد حكاياته الجميلة بين القرية والأزهر والشانزاليزيه وكان واسطة العقد بين تلك الوجوه النضرة - بقية الناس - الإنسان المهذب والكاتب الحر السيد ياسين طه - أطال الله بقاءه.
ومثل ما جذب الزيدان جيلاً من أمثال حامد مطاوع وعبد الله جفري وعبد الغني قستي، فلقد استطاع الأستاذ حسن عبد الحي قزاز أن يزاحم ((الزيدان)) في حب الجيل الذي يمثل في الوقت الحاضر الطليعة من الكتاب في صحافة جزيرة العرب ومهد الرسالة الخاتمة في رحاب البيت المعظم وفي جوار مثوى سيد ولد عدنان - عليه صلوات الله وسلامه هناك في الشعب وفي حراء، والنقا وفي قباء واحد، وسلع، والعقيق، ورانوناء، تعود بي الذاكرة لأكثر من ربع قرن عندما شاهدت الأستاذ القزاز في بيت السادة آل البار في جبل الكعبة بحارة الباب بمكة، وكان السيد علي بن عيدروس البار يحدث في تلك الرحبة التي تجمع الناس وتجمعهم وتؤلف بين قلوبهم ثم رأيته في حانوت الرجل الوقور الشيخ أحمد ملا - رحمه الله - بسوق الصاغة وقبل حوالي عامين ذهبت لزيارته في المستشفى مع الزميل الأستاذ علي حسون، وذكرته بجبل الكعبة وذكريات ولت، فإذا هو يبتسم - كعادته - ويقول: يا عصام كنت في شبابي أحضر درس السيد عيدروس ثم أقطع الدرب بين الشامية والنقا واستوقفني رجل فاضل ليسألني أين أقضي وقتي في حارة - النقا - فلما ذكرت له المكان اطمأن وربت على كتفي لقد كان صديقاً لوالدي ولم أستطع كبقية أفراد جيلي أن أخفي عليه سراً فلقد كان باعثه الحب الأبوي والعاطفة النبيلة وسألته - يومها - عن بعض أصدقاء الأستاذ محمد عمر توفيق - رحمه الله - فإذا هو يرد في ذكاء لماح ويقول: لقد هضم ((الأستاذ)) ثقافات عدة أفلا تريده أن يهضم الناس على مختلف مشاربهم وميولهم.
ورأيت من الواجب - أن أكتب عنه شيئاً كرائد من رواد الصحافة فكانت المقالة على صفحات هذه الجريدة الغراء بعنوان كرموا هذا الشيخ فإذا هو يهاتفني ويقول في حب أبوي كبير: ((كنت)) انتظرها من غيرك فإذا هي تأتي منك فأجبته أنت أستاذ الجميع بصحبة الأخوين عبد المحسن حليت وعلي حسون، في مكتبه بجدة القديمة. وعلمت أنه يرفض ترك ذلك المكان لأن ذوي الحاجة يعرفون هذا المكان منذ عقود طويلة وهو حريص على إيصال أصواتهم إلى ولاة الأمر والمسؤولين، فلقد كان جاه المرحوم القزاز مبذولاً للناس ومقبولاً عند ذوي الشأن.
ولقد ذكر معالي الأستاذ أحمد زكي يماني في أحد لقاءاته العلمية والفكرية أن صحيفة ((عرفات)) كانت ميداناً رحباً وفسيحاً لأمثاله من ناشئة ذلك الجيل الذي كان يسعى في شوق وتطلع للعلم، والأدب في جميع فطانه، وليست رعاية الشباب ممثلة في رئيسها العام سمو الأمير سلطان بن فهد بن عبد العزيز وتخصص جائزة سنوية تحمل اسم هذا الرائد الكبير في عالمي الصحافة والفكر وتمنح لمن يمتحون من ذواتهم ويحرقون ضياء عيونهم ونور أبصارهم ليسطروا الكلمة الصادقة والبناءة، تلك الكلمة التي تنير لأمتهم ومجتمعهم دروب العلم والمعرفة، وأمة مثل أمتنا عرفت الوفاء، وحافظت عليه وبذلت وأن أحق الناس به من بذلوا ومضوا وبعض من بقي ممن يكتب الكلمة التي تبني ولا تهدم وتجمع ولا تفرق وتضيء الطريق بعيداً عن ظلمة الفكر والقلب - معاً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :751  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 356 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

البهاء زهير

[شاعر حجازي: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج