الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

الكونغرس الأمريكي وراية الظلم والطغيان

كواحد من أبناء الأمتين العربية والإسلامية فإنني أرى ما اتخذه الكونغرس الأمريكي من قرار اعتمد فيه تسمية القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني، وهو تجاوز كبير لاختصاصات الكونغرس الأمريكي فهل يرضى المشرعون الأمريكيون من أن تسمى مؤسسات غير أميركية مدنية أو ولاية أمريكية عاصمة لجالية عربية أو إسلامية وذلك لأن عدداً من أفراد هذه الجالية هاجروا إلى هذه الولاية أو المدينة الأمريكية واستقروا فيها، مع الأخذ في الاعتبار أن العرب أو المسلمين الذين هاجروا إلى أمريكا، كانت هجرتهم إلى تلك المناطق بصورة شرعية، ولم يهدموا منزلاً، أو يدنسوا كنيسة في الوقت الذي هاجر فيه اليهود منذ زمن إلى فلسطين والقدس بصورة غير شرعية لأنهم لم يستأذنوا أصحاب الأرض الأصلية، وكان وجودهم هناك على حساب أصحاب السكان الأصليين مما يعيد إلى الأذهان قضية الرجل الأبيض واجتثاثه للسكان الأصليين من قبائل الهنود الحمر، وهو ما فعله الإنسان الإنجليزي بسلاح القوة الاستعمارية بالاستيلاء على أراضي السكان الأصليين في كل من جنوب أفريقيا وروديسيا - زيمبابوي حالياً - ولم يكتف اليهودي المهاجر أو المستعمر بإيجاد سكن له في هذه الأرض بل هو أخرج صاحب المنزل الأصلي من منزله واستولى على كل ممتلكاته تحميه في ذلك قوة عسكرية غاشمة كأي قوة استعمارية أخرى، وإذا كان المسلمون يوماً أقاموا مسجداً لهم، ولم يرض خليفة المسلمين العادل أن يصلي في كنيسة القيامة احتراماً لأهل الديانات الأخرى بل اختط للمسلمين مسجداً خاصاً بهم وظل مسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه دلالة قوية وبرهاناً ساطعاً على سماحة المسلمين مع أنهم دخلوها أي القدس على أسنة الرماح لكنهم ضربوا مثالاً ناصعاً على تمسكهم بحقوق الآخر وكينونته وهذا فرق واضح بين الفتوح الإسلامية في ظل تعاليم السماء، وبين الرؤية الاستعمارية التي عانى منها العالم ولا يزال يعاني في الهجمة الأمريكية الغاشمة التي لا يهمها سوى تثبيت قدم اليهودي وحمايته، وهي هجمة إنجليكانية مسيحية متشددة لم تعد ترضى بما حققته الصهيونية من احتلال لكامل الأراضي الفلسطينية، بل إنها تسعى نيابة عن اليهود لإقامة دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل كما تقول بذلك أدبيات الحركة الصهيونية.