شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عبد الله عبد الجبار..في الشامية سمعتُ عنه وفي لندن وجدتُ أثره
لا أعرف أين ومتى قابلت الصديق وليد بن عبد العزيز بن منصور التركي وهو ابن الملحق السعودي الثقافي في لندن ولكن المحبة سرعان ما وجدت لها مكاناً فسيحاً في القلوب، وركب (وليد) القطار من لندن حيث كنت أدرس في لانكستر، وأول ما لاحظت على أخي وليد أنه كان يلبس لباساً لا كلفة فيه وكان وديعاً، ولقد أدركت خؤولته في بلد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وهم أسرة كريمة، فجده لأمه هو الأستاذ عبد الحميد عنبر - أحد رؤساء تحرير هذه الصحيفة الغراء.
كان وليد يدرس المحاماة ولكن لاحظت أن لغته العربية من الجودة والإتقان بحيث خلت أن (وليد) درس في الصولتية أو الفلاح أو العلوم الشرعية والناصرية.
وحملني ما نشأ بيننا من ود صادق أن أطرح عليه السؤال: كيف أجاد العربية وهو نشأ حيث يعمل والده - رحمه الله - في مدينة شكسبير، وتشارلز ديكنز، وبرنارد شو، فأجابني أنني أدين في هذا كله للأستاذ عبد الله عبد الجبار، لم يكن الاسم غريباً عليّ، فلقد نشأت شغوفاً إن لم أكن مغرماً بـ (حمزة شحاتة) شاعراً وناثراً وبـ(عبد الله عبد الجبار) كاتباً وناقداً وأكاد أقول فيلسوفاً، وذهبت عندما حللت بالشامية وفي أم القرى - طالباً ونزيلاً والإخوان الطيب ود. عصام قدس، ومحمد عمر العامودي يعلمون تعلقي ببرحة القطان، ومنكابو، وطلعة القرارة، وجلسة (البازان) في كنف الوالد عبد الله بصنوي - رحمه الله نعم لقد ذهبت مع العم الأديب حمزة بصنوي لدار الأستاذ الأديب والمتحدث المفوه إبراهيم فودة، وكان بينه وبين (العم) حمزة من الود مما لا أرى له مثيلاً بين الأصدقاء، وهمس أبو (إبراهيم) في ذهن صديقه (الفودة) الذي كان أنيقاً في حديثه، في لباسه، في كل شيء حوله، وأدخلني مكتبته وأخرج لي من بين الكتب الكثيرة كتاب (التيارات الأدبية) للأستاذ عبد الله عبد الجبار، وأكاد أزعم أن الجانب النقدي فيه لأدبنا يبقى متميزاً بحيث لم يستطع أحد مجاراته فيه، والتميز يأتي من أن (عبد الجبار) خبير بأسرار الكلمة الشاعرة كخبرة صانع (الذهب الحر) ببضاعته، فلقد تحدث عبد الجبار في كتابه هذا عن واقعية وكلاسيكية ورومانسية عربية، باختصار لم يكن أستاذنا ناقلاً ومترجماً ولكنه هضم هذه المصطلحات الأدبية وتمثلها في داخله، ثم طبقها على شعرنا العربي، وباختصار فإن الآخرين ينقلون وعبد الجبار يبدع وهو كتاب في النقد، كما يبدع وهو يكتب في النثر قاصاً مسرحياً، أو دارساً للمشهد الثقافي العربي كما هو الشأن في (الغزو الفكري).
وعندما وقع بيدي كتاب الأستاذ المرحوم - مصطفى السحرتي - الشعر العربي في ضوء النقد الحديث - وجدت أن المقدمة التي كتبها الأستاذ عبد الجبار شكلت كتاباً آخر ولكن تواضع الأستاذ لم يحمله على التفوه بشيء عنها، ونقل لي (أبو الشيماء) أن الأستاذ حفي حتى اليوم بأسرة السحرتي ولن أزيد فأخشى من غضبة الأستاذ.
وحملتني قدماي (لثلوثية) الأستاذ الطيب لأجد أمامي تلك القمة الشامخة، أعني (عبد الله عبد الجبار) - واستأذن الأستاذ من أبي الشيماء أنه يريد الحديث معي على انفراد في مقصورة تذكرني (بخلوات الداودية) في باب الباسطية.
كان الأستاذ عبد الجبار يتحدث، وكان في الحقيقة يلقي عليّ درساً في الدين لقد كنت أصغي إليه بشغف وانصت إليه في رهبة، وكان الزميل الدكتور معجب الزهراني أخذ على الأستاذ نقده الموضوعي لأدونيس وكل منا يؤخذ من علمه ويرد إلا صاحب هذا القبر - كما يقول عالم المدينة مالك بن أنس - رحمه الله - ونشر نقده ذلك في الملحق الخاص الذي صدر في صحيفة الشرق الأوسط - إن لم تخني الذاكرة احتفاء بشخصية الأستاذ وأخال أن الصديق محمد إبراهيم الدبسي في الجزيرة فعل ذلك أيضاً فهو حفي بالرموز ومقدر للرجال وتلك مزية من مزايا الجيل الصاعد في دنيا الأدب والفكر والأدب في بلادنا.
لقد ابتسم الأستاذ عبد الجبار وهو يقول لقد فرحت بنقد الدكتور (معجب) ثم دخل ذات ليلة أستاذنا السيد أحمد زكي يماني علينا في شهر رمضان في (الثلوثية) وأسرع في خطاه وهو المتئد في كل شيء حتى في الكلمة التي يصوغها أبو هاني في وجدانه ثم يلقيها على الآخرين في حكمة وعانق أبو هاني أستاذنا عبد الجبار وجلس إلى جانبه يتذكر أن (طلبة البعثات) و(جبل هندي) فحمدت هذا لابن شيخ الحرم المكي - أبو حسن يماني وجده سعيد - الشافعي الصغير - وإنني لأحمد الرجال من أمثال معالي الأستاذ إبراهيم العبقري وعبد العزيز الخويطر سؤالهم عن الأستاذ وتقديرهم لشخصه كما أحمد لأبي الشيماء والسيد محمد العربي ومحمد عبده يماني وعباس طاشكندي ومحمد عمر العامودي وسعود سجيني وعصام قدس وحسين الغريبي وفاروق بنجر وعبد الله فراج الشريف ونزار العربي وبكر بابصيل والدكتور أسامة إبراهيم الفلالي وفاءهم لمجلسه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :778  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 341 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.