(( كلمة الأستاذ عبد الفتاح أبي مدين ))
|
ثم أعطيت الكلمة لسعادة رئيس النادي الأدبي الثقافي بجدة، الأستاذ عبد الفتاح أبي مدين فقال: |
- الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على نبينا، وعلى آله وأصحابه أجمعين.. وبعد: يبدو أن الزمن يطاردنا في كل مكان، فتحديد الزمن بالقياس إلى الحديث، وبالقياس إلى هؤلاء الضيف عندما يحدد بدقائق محدودة، أعتقد أن ذلك يكفي، وأعتقد أن العشاء لا يمكن أن يكون فاصلاً، وأعتقد أن العشاء ليس مهماً بالقياس إلى هذا التكريم، فالتكريم معنوي قبل أن يكون أي شيء آخر. |
- أريد أن أقول للأستاذ الزيدان، أو أصحح له مقولته عن نقد التراث، فنحن في هذه الندوة ليس لنقد التراث، وإنما هي لقراءة التراث، قراءة علمية لا تعتبر نقداً، ولو كانت نقداً فإن النقد يكون للغربلة وليس هذا عيباً، ولا ضير علينا في ذلك. أرجو أن تبلغ هذه الكلمة الأستاذ زيدان، وسأبلغها له متى ما قابلته فيما بعد. |
- ثم إني أريد مواجهة مع مضيفنا الأستاذ عبد المقصود خوجه، وأرجو أن لا يكون بعيداً عني، فأنا أريد أن أعقد مصالحة معه أمامكم، وأن أشهدكم على هذه المصالحة، فقد غضب مني بعض الشيء في الأسبوع الماضي حينما قلت: إن مضيفنا ليس من حقه أن يقطع علينا الطريق، فيتحدث عن الشعر، وإنما ينبغي أن يتحدث عن الشاعر، ويترك الشعر والنقد للآخرين. أريد أن أصالحه، وأن أتراجع لا خوفاً من ذلك الغضب، وإنما أريد أن أكسبه إلى جانبي، فإنّا في حاجة إليه مرات ومرات، وهذه الدار ليست له وحده، وإنما هي دارنا كلنا. |
- ولعل هذه المصالحة تضطرني إلى أن أستشهد ببيت من الشعر من مقطوعة قالها أبو الطيب المتنبي في بدر بن عمار يقول: |
مضى الليـل والفضـل الـذي لـك لا يمضي |
|
|
- وقبل أن آتي على العجز أو الشطرة الأخيرة، أرجو أن تعلموا وأنتم تعلمون أن المتنبي رجل جاد كل الجد، فالشطرة الأخيرة من هذا البيت التي أوجهها لصديقي الأستاذ عبد المقصود أرجو أن لا تفهم فهماً خاطئاً ذلك لأن المتنبي يخاطب أميراً، وأنا أخاطب أيضاً أميراً في كرمه. شطر البيت وإن لم يكن غزلاً لأن المتنبي لا يتغزل في أحد حتى في الجنس المطلوب أن يتغزل فيه. |
مضى الليل والفضل الذي لك لا يمضي |
ورؤياك أحلى في الجفون من الغمض |
|
- لعل هذا الرصيد المتواضع من الأدب أن يحل ذلك الغضب، وأن تكون المصالحة بهذا البيت، أو بهذه الكلمة على رؤوس الأشهاد كافية لأن تعيد المياه إلى مجاريها، وأيضاً لا أريد أن أسرق الزمن، أو أن يسرقني الزمن. |
- ندوتنا هذه كنا حراصاً على انعقادها منذ العام الماضي، ولكن حصلت شواغل أدت إلى تأخيرها، وكنا نريد أن نلتقي مع هذه الكوكبة من علمائنا ومثقفينا من عالمنا العربي أن نمد جسوراً متواضعة إلى المغرب وإلى المشرق، لنلتقي في بلد العرب، ومهد الأدب واللغة العربية مع هذه الوجوه من هؤلاء الضيوف الكرام. |
- وقد حقًّق الله هذه الأمنية، وكان في إمكاني حينما شغلت، أو حينما كانت هناك ظروف لتأخيرها في العام الماضي أن أغض الطرف، ولكن الطموح، ولكن التحدي، ولكن الإِصرار هو الذي جعلنا نسعى ونسعى حتى ننجزها في هذا الوقت المناسب إن شاء الله، والفضل لله أولاً وآخراً، ثم لسمو الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب، وأخي وصديقي الأستاذ عبد الله الشهيل الذي ذلَّل لنا كل المصاعب حتى جعل هذا الملتقى الذي ينهض به النادي، وأعتقد أنه أكبر من مساحة النادي ومن حجمه، غير أن الطموح ليس له حدود. |
- ضيفنا في هذه الليلة في دارنا هذه العامرة بأهلها إن شاء الله، وضيف النادي وضيف البلد وضيفكم جميعاً احتفينا بهم بالأمس، وما زلنا نحتفي بهم ونحن لهم من الشاكرين على تفضلهم بالاستجابة إلى هذه الدعوة ليثرونا بأدبهم وثقافتهم، وليحاورونا ونحاورهم فيما اخترنا من موضوعات أدبية. |
- وقد تحقق الكثير من المكاسب في خلال الأيام الثلاثة الماضية، ولله مزيد الحمد، وسننجز هذه المهمة بعد يومين أو سننتهي منها إن شاء الله، وتبقى الذكرى في هذا اللقاء وإلى لقاءات أخرى إن شاء الله. يبقى بجانب الذكرى ذلك المحصول، أو الرصيد من هذه الأفكار التي سنجمعها في أكثر من كتاب، وسنلتقي إن شاء الله في مناسبات أخرى على مائدة أخرى من موائد الأدب، لنتحدث ونتحاور في النقد، ولنتحاور في التراث، ولنهيِّئ تراثنا لنقرأه، أو تقرأه الأجيال فيما بعد. |
- مرة أخرى أترك المجال لغيري، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|
|