شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الرَّازحي... هرطقة فكرية أم قصور في الوعي!
جميل جداً أن تستعين صحافتنا أو تفتح صفحاتها أمام بعض الكتاب العرب - مع أن الآخرين يعز عليهم أن يفعلوا ما نفعله وينطبق هذا حتى على بعض الصحف المهاجرة - والتي عن حسن نية وتوجه حميد، ضخ الدم في شرايينها المتصلبة واستعادت بذلك زخمها ونشاطها.
... ولكن البعض استغل هذا الكرم المفرط الذي عرفنا به وبدأ في نفث سمومه الفكرية من خلال صحافتنا المتألقة وهو يعجز عن فعل ذلك من خلال المنابر الصحافية والإعلامية الموجودة في بلاده، وفي مقدمة هؤلاء الكتاب: عبد الكريم الرازحي وجعفر عباس اللذان احتلا إن صح التعبير الصفحة الأخيرة من صحيفة ((الوطن)) والتي يعد صدورها نقلة جديدة ومتميزة في تاريخ صحافتنا العريقة - كتب ((الرازحي)) في عموده الذي ربما كان اسمه ((بيت العصيد)) فيه من الدلالة ما يغني عن التأويل والتفسير، لقد كان مقاله المنشور في عدد يوم الثلاثاء 19 ذو القعدة، 1421هـ، خلطة عجيبة من سوء الفهم، وقلة الإدراك، وانعدام الرؤية إلى مدى كبير من العشوائية والتخبط، بل إن المقال كشف جهله بحقائق الدين والدنيا - معاً - لقد حاول الرازحي في مقاله - الديمقراطية واليهود - تصوير اليهود العرب على أنهم حمائم سلام، وأن حقوقهم في بعض البلاد العربية مهضومة ومنتقصة في الوقت الذي يقصف فيه بلد الديمقراطية المزعومة والكاذبة وأعني الكيان العنصري الإسرائيلي - أبناء جلدته بالصواريخ البالغة التقنية فيسقط أبناء فلسطين ممن تفتحت أعينهم على أبشع صور الاستعمار الفاشي والتنكيل النازي وإذا كان الرازحي ينام ملء جفونه وهو يحن لأرض الميعاد ومنبع العسل واللبن الصافيين في جبل صهيون، فإن النساء والأطفال والشيوخ في الخليل، وبيت جالا، وخان يونس يواجهون مذبحة العصر فهل يريد أن يضع نفسه في موضع الشاهد على بشاعتها وبربريتها أو المدافع عن القائمين على تنفيذها لأنهم يملكون عيوناً زرقاء، وشعوراً صفراء، وبشرة بيضاء، ويصفق الغرب والشرق لمجرمي الحرب من أمثال، شامير وبيريز، وباراك، وأخيراً الجزار الذي لم تجف بعد دماء الأبرياء من إخواننا العرب في لبنان ومصر وفلسطين من يديه، فأراد له الجميع أن يلوثهما من جديد بالدماء الطاهرة والذكية على أرض فلسطين العربية والمسلمة.
* بداية - يا رازحي - لم يعرف اليهود حقبة ذهبية في حياتهم - كما يعترف بذلك وزير خارجية إسرائيل السابق ((أبا يبان)) في مذكراته كتلك الحقبة التي عاشوها في كنف العرب في إسبانيا، حرية وأمناً واستقراراً، وعندما طالتهم محاكم التفتيش المسيحية كانت الدولة العثمانية المسلمة ملاذاً لهم من جور من يتحالفون - اليوم - معهم - ضد الوجود العربي بأكمله - وكان رد الجميل يا عزيزي في مذابح من أمثال، دير ياسين، وكفر قاسم، وقبيه، واللد، وصبرا وشاتيلا، وقانا، والحرم الإبراهيمي، وأخيراً إن كنت تبصر حقيقة ما هو ماثل أمام كل عين من حصار يأتي ضد أطفال الحجارة من البحر، والفضاء، وفي الليل المظلم والنهار المبصر، وفي سهام حاقدة تخترق جسد الطفل جمال الدرة - وغيره من المئات - تحت عدسات مصوري العالم الحر الذين تغنيت بديمقراطيتهم وأنشدت بين أيديهم نغماً نشازاً يقول: بالتعارض بين الدين والدنيا، وحقوق الله وحقوق الوطن، وما علمت يا عزيزي أن توني بلير وغوردون براون، وبيل كلينتون من أشد الناس حماساً لدينهم وتراثهم وأن مارجريت تاتشر كانت تذهب للكنيسة كل يوم أحد، وضاعفت تلك الزيارات أثناء حرب الفوكلند، وأن بلير يأخذ أبناءه ويلقنهم الدرس الديني المسيحي ولا يشعر بأي غضاضة، أو نقص، كما هي الحال ممن يطلقون على أنفسهم في عالمنا العربي مسمى الليبراليين أو العلمانيين، وأن فهمهم لعلمانية الغرب هو فهم قاصر، فهي لم تتخل عن الدين يوماً.
ثم إن اليهود العرب الذين هاجروا لأرض فلسطين لم يهاجروا بسبب التضييق عليهم من قبل المجتمعات العربية والمسلمة والتي عاشوا فيها قروناً آمنين ومطمئنين، بل إنهم هاجروا تحت ضغط اللوبي اليهودي والصهيوني والذي كشفت جميع الدراسات عن بشاعته حتى ضد من يدينون بدينه، حتى يحققوا - أي الصهاينة - المقولة الكاذبة أرض بلا شعب لشعب بلا وطن، وهو ما كانت تردده كذباً جولدامائير.
عندما هاجر اليهود العرب بالإكراه الصهيوني لأرض فلسطين فهم لم يجدوا ديمقراطية تحميهم من غائلة تعصب اليهود الإشكيناز وبدلاً من أن يكون ذلك داعياً للتفكر والتأمل إلا أنه زادهم غلواً واستكباراً فكانوا القاعدة الأساسية للأحزاب الداعية لقتل العرب وسفح دمائهم، فكانوا القوة الحقيقية وراء صعود ساسة يحملون إجازات في البربرية والفاشية من أمثال مناحيم بيجين، وإسحاق شامير، وأرييل شارون، واستمد منهم الدعم دعاة متطرفون من أمثال ريهفام زيفي.
ولقد سمعت السياسي الفلسطيني فيصل الحسيني عند زيارته قبل بضع سنوات لمدينة جدة بأن خطر اليهودي الغربي يهون كثيراً إلى جانب خطر وحقد اليهودي العربي وهو يتحدث عن معايشة وواقع، ولا يمكن تصنيف الحسيني بأنه ضمن حركة أصولية في فلسطين، بل هو سياسي محسوب على الاعتدال ومن دعاة السلام.
لذا فإنني لم أستغرب ذلك التهديد الأحمق الذي صدر عن اليهودي العربي وذلك بعد أن فتحت مدينة الصويرة بالمغرب أبوابها أمامه وزار منزله الذي لم يفزع فيه يوماً إبان طفولته، فإذا بهذا اليهودي الذي أكرمه العرب طفلاً وشاباً وكهلاً، إذا بـ ((ديفيد ليفي)) يا عزيزي الرازحي يعود)) مهدداً بحرق لبنان، وذبح أهله كما تذبح النعاج، وتلك صورة قاتمة ليهود عرب طفقت تحمل قلمك للدفاع عنهم، والذود عن حقوقهم التي لم تنتقص يوماً، في الوقت الذي يتطلع الفلسطيني في أرض آبائه وأجداده إلى كسرة خبز، وشربة ماء، وإغفاءة جفن فلا يجدها في ظل أزيز الصواريخ والرمي العشوائي والأحمق للقذائف المحرم استعمالها ضد جميع شعوب الأرض باستثناء الشعب الفلسطيني.
بقيت كلمة عتاب لأخوة وزملاء أعزاء في الوطن ((الصحيفة)) فكاتب يدافع عن حق اليهود، ومجاور له يهزأ من لغة القرآن، ويبدي شيئاً من التعاطف مع جون قرنق، ويهاجم الخليجيين لأنهم يستعينون بالخادمات، ويتحدث في سماجة عن دوسنتاريا أصابته في صغره، ومخدرات من أمثال الأفيون والبنقو فهل هم راضون بهذا، الغثاء وما الذي يجبرهم على ذلك؟!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1069  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 330 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج