شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فَاتِشيتْ، والعَرَبُ يَفْقِدُون أَصْدقاءَهم
لم يكن بَيْن (هيوجيتسكيل) Hugh - Gaitskell، والوصول إلى دواننغ ستريت - ليصبح رئيساً للوزارة في بريطانيا، إلا خطوات معدودة، ولكن القدر كان الأقرب، فلقد توفي زعيم حزب العُمَّال فجأةً في 1963م، وهو في منتصِف الخمسينات مِنْ عُمْره، ولم يَعْرف مَجْلِسُ العُموم مُتحدِّثاً مُفوَّهاً - مِثْلَهَ - حتى إنَّ الرئيس الأمريكي ((جون كينيدي)) كان مُعْجباً به إلى دَرَجةٍ لاَ تُصدَّق، ولكن ظهور كتاب ضابط المُخابَرات الإنجليزي السايق ((بيتر رايت)) (Peter - Wright) أَوْ صَائِد الجَوَاسِيس (Spy - Catcher) كما اختار هو - بنفسه مُسمَّى الكتاب الذي أقضَّ مَضْجع رئيسة الوُزَراء السَّابقة ((مارجريت تاتشر)) يَزْعمُ أنَّ مَوْت ((جيتسكل)) لم يكن طبيعياً، وأَنَّ المُخابرات السوفيتية - آنذاك - كانتْ ضالِعةً في هذا الحدث.
وبعد استقالة ((نييل كينيك)) Neil - Kinnock، مِنْ زَعَامةِ حِزْبِ العُمَّال بعد فَشَلِهِ لمرتين متتاليتين في الانتخابات العامّة، اختير ((جون سميث)) John - Smith، زَعيماً للحِزْب. وعندما أَصْبحَ هو - الآخر - قريباً مِنْ رِئَاسةِ الوُزَرَاء تُوفّي بأَزْمة قَلْبية مفاجئة، وكان أَيْضاً في أواسِط الخمسيناتِ من عُمْرهِ، و (سميث) كان الزَّعيم الذي كَدَحَ كثيراً في سبيل تَغْيير سياسة حِزْب العُمَّال. ولكن (توني بلير) قَطَفَ الثَّمرةَ التي غَرَسَها ((كينيك)) ورعَى نُموَّها وازدهارها ((سميث)). تواردتْ هذه الأحداث إلى الذِّهن بَعْدَ وفاة وزير الدَّولة البريطاني للشُّؤُون الخارجية ((ديريك فاتشيت)) Deark - Fatchett بأزْمةٍ قَلْبيةٍ مُفَاجئة عَنْ عُمْرٍ يَبْلُغُ 53 عاماً، حيث كانت ولادتُه في مدينة: Lincoln، البريطانية سنة 1945م، التي انطلقَ منها إلى جامعة ((برمنغهام)) حَيْثُ دَرَسَ القانون، كما دَرَسَ الاقتصاد في جامعة لندن، أَوْ عَلَى وَجْهِ الدِّقة في مَدْرسةِ الاقتصاد التي يُرمْزُ لها عَادَةً بالحروف: L.S.E.، وقادَهُ تَفوّقه الدراسِي ليُصْبحَ مُحاضراً في شُؤون العَلاقاتِ الصِّناعية في جامعة ((ليدز)) Leeds، وهذه الخِلْفية العلِمية جَعَلَتْ زُعماءَ الحِزْب بعد انتخابِهِ نَائِباً سنة 1983م، يُسْنِدُون إليه مهام مُختلفة توزّعَتْ بَيْنَ التَّعليمَ، والتِّجارة والصِّناعة والدِّفاع والخارجية وذلك كمُتحدِّثٍ في حُكُوةِ (الظِّل) التي كان يَقُودها ((كينيك)) والذي كَان يَرْتَبِطُ بعلاقةٍ وثيقةٍ مع مُدير مكْتبه - آنذاك ((روبن كوك)) Robin - Cook. وكانت حلقة، كينيك، ((وكُوك)) ((وفاتشيت))، تُمثِّل الوَسَطَ المُعْتدِل الذي عَمِلَ على تَغيْير سِياسةِ الحِزْبِ السَّلبية والتي كانَتْ تقومُ على الانحيازِ الكَامِل للحركة الصُّهيونية، إلا أنَّ الثُّنائي ((بلير)) و ((بَرَاون)) عَمِلا مِن وجُهْة نظر دينيةٍ إلى تَقْوية اللُّوبي الصُّهيوني في الحِزْب، وهَذَا المَسَارُ أَوْقَعَ الحكومة العُمَّالية الأخيرة في بَعْضٍ الأخطاء بسبب الحماسِ المتنامي للحركةِ الصهيونية والدِّيانة اليهودية على حِسَابِِ المصالح العربية - البريطانية - المُشْتركة. وكان وجود مِحْور كوك - فَاتشيت، مُهماً في إيجادِ سِياسةٍ مُتوازنة إزاءَ الصِّراع العربي - الإسرائيلي، ومَنْطقة الشَّرْق الأوسط - عموماً - لذا عَمِلَ ((كوك)) على إسْنادِ ملفَّاتِ الشَّرْق الأَوْسط، ومَنْطقة جنوب آسيا إلى ((فاتشيت))، الذي استطَاعَ خِلالِ السَّنواتِ الأخيرة أَنْ يُطوِّرَ علاقاتٍ جيِّدة مَعَ المُؤسَّساتِ العربية في لندن، وكانت وفاتُه قَبْل سَاعَاتٍ قصيرة مِنْ افتتاحه الأسبوع اللّبناني في غُرفة التِّجارة العربية البريطانية، وقبل افتتاحه للسِّفارة البريطانية في البَلَد العربي الجزائر. ومع هَذَا الانفتاح عَلَى المُجتمع العربي والمُسْلِم في بريطانيا الذي استطاعَ ((فاتشيت)) أَنْ يُجيِّرهُ لِصَالح الحكومة العُمَّالية في علاقاتها مع العَرَب دَاخِِِلَ المملكة المُتحدة وخارجها فلقد كان ((فاتشيت)) كما وصفْتهُ صحيفةُ ((الدِّيلي تلْغَراف)) ذاتَ التوجَه المُحَافِظ بِأَنَّه الإنْسان الذي كَانَ يتمتَّعُ بِسِماتٍ الأمانة والاستقامة، وهذا ما جَعَلَ مَجْلس العموم بشَطْريه يَنْجَذِبُ في إعجاب كَبِير إلى مُدَاخلاتِهِ المُدْهِشَة والظَّريفة في - آن - في وُقْتٍ فَقَدَ فيه المجْلِسُ الغالبية مِن المُتحدِّثين البُلَغَاء الذين كانوا يَجْعلُون لِلْحَوار نَكْهتَهُ وتَأْثيرَهُ البَالِغيْن. وَبِموْتِ (فاتَشيت) فَقَدَ العَربُ - أيضاً - سياسياً مُنْصِفاً لا يخْشَى مِنْ ضُغُوط اللُّوبي الصهيوني وتَهْديداته، وكان يُقدِّم مَصَالح بَلَده عَلَى المصَالحِ اليهودية الضِّيقة. فهْل يَأْتي بَعْدَ زَمن مَنْ يكْشِفُ شَيْئاً غامِضاً في حياة ((فاتشيت)) كما استطاعَ ((بيتر رايت)) أنْ يُلْقي شيئاً مِنْ الضَّوْء على فُقْدانِ ((جيتسكيل)) المُفاجِئ؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :810  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 299 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثامن - في مرآة الشعر العربي - قصائد ألقيت في حفل التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج