شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جوائز الغرب والتَّحيز الدِّيني والسِّياسي
لم يَكُنْ النَّاقِدُ الإنجليزي ((بول بيلي))Paul - Baily متجنَّياً - وهو مِنْ البيئة الغربية التي توزِّعُ جوائزها عَلَى مَنْ يستحقُّون ومَنْ لا يستحقَون عندما وَصَفَ جائزةَ بوكر (Booker) الإنجليزية بأنها جَائِزةٌ مَغشْوشةٌ (bunkum) كَمَا وَرَدَ في المُلْحَقِ الأدبيِّ لِصَحيفةِ ((ذي ميل)) الإنجليزية:
(The mail, sept, 126, 1999 )..
لقد خُصِّصتْ جائزةُ ((بوكر)) التي أُنشئت عَامَ 1969م للرّواية أَوْ القصة الخيالية Fiction، وعندما فاز بالجائزةِ البريطانية المذكورة ((نايبول)) الحاقِد في بداية السِبعينيات الميلادية. ويبدو أنَّهُ كان - آنذاك - يعمَلُ في الإذاعةِ البريطانية المشهورة B.B.C ((بي. بي. س))، يذكر الناقدُ الغربيِّ ((بيلي)) أنَّهُ مِنْ الصَّعْب عَلَى أيِّ شَخْصٍ - يَقْصِدُ الغربييِّن الذين يعرفون - أهدافَ هذه الجائزة الحقيقية - تَذْكُّر اسْمَ الروّايةِ التي مُنِحَ ((نايبول)) بسببها الجائزة، ولكن هذا لا يَنْطبقُ على بَنْي قوْمنا - وخُصوصاً مِنْ ذَوِي الثَّقافة الأرستقراطية - الذين يُدِخنون سيجار ((الهافانا)) ويعيشُون في أَرْقَى الأحْياء الغربية زائِرين أوْ مُقيِمين ثم يَزْعمُون أَنَّهم مِنْ مُنَاصِرِي الضّعفاء والمسَاكين، وأَنَّهم يُمثِّلون اليَسَار العربي المُعارِض - الذي تُعتبر جميع المؤسَّسات القائمة - والمُنْتقدة - منه - مُقارنةً رَحْمَةً ونَعِيماً. فهو في نَظرِ هؤلاء كَاتِبٌ إنْساني لتهجمهِِ المكْشُوف عَلَى الإسلام، بينما نُحلِّل بموضوعية الكاتب المتخصِّص إدوارد سعيد بواعث هجمة ((نايبول)) قائلاً ((ولقد قَالَ أخيراً - أي نايبول - متأثِّراً رُبَّما بأصْله الهُندوسيِّ، أَنَّ الكارثةَ العُظْمَى التي شوَّهَتْ تاريخَ الهِنْد - كانت دُخول الإسلام إليها ((صحيفة الحياة، الجمعة، 12 أكتوبر 2001م))، وبالمناسبة فإنَّ ((إدوارد سعيد)) كاتِبٌ ليبرالي وعَلْماني وليس لَهُ صِلْةٌ بالعقيدةِ الإسلامية - ويضيف إدوارد سعيد في المقال نَفْسه وهكذا في جملةٍ واحدةٍ، يَخْتَزِلُ ((نيبول)) حياةَ بليون مُسْلم، ويُلْقي بها جانباً))، وأن ((نيبول)) آمَنَ بأفكار مُسْبقة - وغير حقيقية عنْ الإسلام - أدَّتْ به كما يقول سعيد ((إلى هَوْسِ عِدائي للإسلام وَهَذا أدَّى به في شَكْل - مَا - إلى التَّوقف عَنْ التَّفكير أوْ إلى ما يُشْبهُ الانتحار الفِكْري الذي.. يُجْبرهُ عَلَى تَكْرَارِ المقولة - نَفْسها - إلى ما لا نهايةٍ، إنَّها ما اعتبرَهُ كارثةً فكرية كُبْرَى فَقَدَ فيها ((نيبول)) الكثيرَ مِنْ قدراته، إذْ أصبحتْ كتاباتُهُ مكْرُورة مُضْجرة، وضاعَتْ مواهبُهُ ولم يَعُدْ قادراً عَلَى التَّفكير السَّليم)) انظر: مقالة إدوارد سعيد، حادثٌ فكريٌ خَطيرٌ دَفَع ((نيبُول)) إلى مُعَاداةِ الإسلام ((صحيفة الحياة، 499، 1998م، وهذا يُوحي بأنَّ روايته ((ما بعد الإيمان)).
كانت مِنْ صُنْع اللاَّشعور لدى هذا الكاتب القَلِق الحاقِد والذي ينطلق في كراهيته للإسلام مِنْ ديانته الهندوسية التي لم يتخلَّص منها كما يتوهَّم بعض مُثقّفي العروبة المرحبِّين بكُلِّ ما يُسيء إلى دينهم ومُعتقدهم. وبينما يَعيشُ الآخرون مِنْ الكُتَّاب ضمن إطار ثقافتهم الدِّينية المترسِّخة في أعْماقِهم نجدُ مثقّفينا مِن دُون هَوَّية، أوْ ملامح، أَوْ خُصوصيةِ ثقافية ولهذا فإنَّ الآخرين يحتقرونهم في دَوَاخِلهم بَلْ ولا يرضُون باندماجهم في المُجتمعات الأُخرى لأنَّ مَنْ يَخُون دينَهُ وتُراثه هو مُهيَّأٌ بعد حين إلى مُمارسة نفس السُّلوك مع الهوية الجديدة تلك الهويَّة المُلفقة أَوْ المُصْطنعة.
بالمناسبة فإنَّ ((نايبول)) يُقدِّسُ الحُقْبةَ الاستعمارية ويتطلَّع لعوْدةِ أفريقيا والهند وأمريكا اللاَّتينية وَما يُوصَفُ بالعَالم الثَّالث إلى ((الكولونيالية)) الغربيَّة.
إنَّهُ الهُراءُ والتخبُّطُ والحْقدُ الأَعْمى الذي لَطَّخَ سُمْعةَ الأكاديمية السُّويدية التي منحتهُ جائزةَ نوبل للآداب والتي أوْصى صَاحبُها بأَنْ تُمنَح جائزتُهُ لأولئك الذين يُرِسخُون ((اتجاهاً مثاليًّا))، كما أَشَار إلى ذلك النَّاقدُ فاضل السُّلطاني (ثقافة الشَّرْق الأوسط، الجمعة 12/9/2001م).
أمَّا الكاتبة والصِّحافية الإنجليزية ((سِيارا دفيير)) التي ذهبت في رحلةٍ طويلةٍ لإجَراء مُقابلةٍ صحافية معه، ولم يلبثْ أنْ غادَرها وهو يقول لزوجته أجيبي عن أَسْئلتها، لأنها ذكَّرتَهُ بوالِدِه وبجُذورِه الهنديّة، فكيفَ تجرؤُ كاتبةُ ((الصَّنداي إند بندنت)) على تذكيره بجذورِهِ الحقيقية؟ وقد أصبح ارستقراطياً يَحْمِلُ لقَبَ ((سير)) ومُنِحَ هذا اللقب لأنَّهُ كرَّس أَعْمالَهُ لتشويه الإسلام ورمْيه حقداً وزوراً بما لا يجرؤ أحد أنْ يَرْمي ولو بالقليل منه الدِّيانة اليهودية والمسيحية، فهذه الدِّيانات مَحْظُورٌ في الغرب المَسِيحي والمتدثِّر أو المتصنِّع والمتخفِّي تحت الشَّكْل العَلْماني - أنْ يَنَالَ أَحَدٌ منهما بسُوء أوْ نَقْد. فَهَذَا هو الحصْن المُقدَّس الذي لا يَجْرُؤُ عَلَى الاقترابِ منه - فَضْلاً عِنْ اقتحامه - نايبول، وزُمرته مِنْ أمثال: ((سَلْمَان رُشْدِي)) أو ((تَسْليمة نِسْرين)) وغيرهما.
وأختمُ مَقالتي هذه بما ذكرَتْهُ الكاتبةُ الإنجليزيةُ ((سيارا دفيير)) التي طردها مِنْ مَنْزلهِ في ((ساليسبوري))، وطلب منها عَلَى لِسَانِ زوْجتهِ أنْ تعودَ لإجراء مُقَابلةٍ صحافيّة مَعَهُ بَعْدَ عشر سنوات. فلقبُ ((سير)) أوْهَمه أنَّه مِنْ سُلالة إنجليزية عريقة فلماذا الحديث عن الهند أوْ ترينيداد؟
تقول ((دفيير)) نَقَلاً عَنْ حسُّونة المِصْباحِي ((الشَّرْق الأوسط، 12/10/2001: ((هذا اللِّقاء مع ((إف، سِي، نيبول)) غيَّر نظرتي تجاه ما كَتَبَ، في كُتبهِ هناك إنسانية أمَا كَشَخْص فهُو لا يَمْلِكُ شَيْئاً ولوْ قَلِيلاً مِنْ هذَا)) تُرَى مَاذَا سَيُجيبُ عن هَذا بَنُو قوْمِنا؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :716  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 292 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.