شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المسافةُ بين أتَلي وتوني بلير
إذا كان تشرشل كمحافظ هو الحليف القويّ لأمريكا في الحرب العالمية الثانية، فإنَّ خروجه مِن الحرْب مُنْتصراً لم يَجْعَلهُ في نظر الشَّعْب البريطاني ذلك الرجل الذي يمكن قيادة بلدهم في زمن السِّلْم، ولهذا جاء اختيارهم في عام 1945هـ، على الزعيم العُمَّالي كليمنت أتلي C.R. Attlee. ليشكِّل أول حكومة عُمَّالية بعد الحرب التي دَمَّرت الاقتصاد البريطاني، فما كان منه إلا التوجّه نحو أمريكا التي فرضت شروطها عليه في حال رغْبته الحصول على المساعدات المالية. وذهَب ((أتلي)) إلى الولايات المتحدة التي منحته - في نظره - شرف مخاطبة الكونغرس الأمريكي فقال عبارته الشَّهيرة ((سوف يكون العلم البريطاني مرفرفاً إلى جانب العلم الأمريكي في أي مكان في العالم))، وبهذا ضمنَ بهذا التحالف بقاء حكومته العمالية في دواننغ ستريت حتى عام 1951م، وكان تجاوز أنتوني إيدن Eden - Anthony ، للخطِّ الأحمر في عام 1956م، بتحالفه مع فرنسا وإسرائيل لضرْب البلد العربي مصر وإغفاله العلاقة الحتمية مع أمريكا، سبباً في نقمة الرئيس الأمريكي - الوحيد - الذي لم يصعد إلى الرِّئاسة بأصوات يهوديّة ونعني به ديويت إيزنهاور (Dewight- Eisenhower) وتوجيه إنذار له ولحلفائه بالخروج مِنْ قنَاة السُّويس. وسقط ((إيدن)) مِنْ داخل الحزب وحَلَّ محلَّهُ هارولد مكميلان الذي استقال لظروفه الصَّحية في عام 1963م ليأتي لزعامة الحزب ((سير دوقلاس هوم)) S. Douglas-home والذي سَقَطَ لعداءِ اليَهودُ لَهُ في عام 1964م، ليصعد نجْمُ ((هارولد ويلسون)) - أكثر الزُّعماء البريطانيين ولاءً للحركة الصهيونية الاستعمارية، ومع أنَّ حزب العُمَّال كان ضِدَّ الوجود الأمريكي في فيتنام، إلا أنه تصرَّف كزعيم محافظ وأيَّد الوجود غير الشَّرعْي للولايات المتحدة ، هناك، كما سار خلف السياسة الأمريكية الدَّاعمة لسياسة التمييز العنصري آنذاك في جنوب أفريقيا، وكان هذا التناغم البريطاني - الأمريكي سبباً رئيساً وراء مكوث ويلسون لمدة تقارب ثمانية أعوام في رئاسة الوزراء، وعند اندلاع حرب 1967م بين العرب والكيان الصهيوني كان ويلسون أكثر تطرُّفاً مِنْ ((جونسون)) في الدَّعم المُطْلق للحركة الصهيونية العنصرية، وبعد استقالة ((ويلسون)) في عام 1976م، واختيار الحزْب لجيمس كالاهان James - Callghan، زعيماً للحزب ورئيساً بالتالي للوزراء. وعندما قوي الجناح اليساري داخل الحزب، والمؤيد في بعض طروحاته للقضية الفلسطينية، كان الصعود المفاجيء للزَّعيمة ((مارجريت تاتشر)). وصَادَفَ وجودها في رئاسة الوزراء - بأصوات دائرة ((فنشلي)) اليهودية ورجال الأعمال اليهود، صادف ذلك وجود الزعيم الجمهوري المحافظ والمتشبِّع بالأساطير التَّلمودية عَنْ أرْضِ الميعاد، ونَعْني به - رونالدريجان - ووجدتْ تاتشر نَفْسها في حرْبٍ مع الأرجنتين حول جزر ((الفولكلاند))، فكان الدَّعم الجمهوري الأمريكي لها بغير حدود، وضَحَّى ريجان بعلاقته القويَّة مع دول أمريكا اللاَّتينية في سبيل الحفاظ على العلاقة الوثيقة مع بريطانيا، ثم احتاج إليها ريغان - نفسه - بعد خروجها مِن الحرب منتصرةً عَلَى الأَرْجنتين، وذلك عندما قرَّر التنفيس عن مشاعره الغاضبة فلم يجد أمامه سوى البلد العربي ((ليبيا))، والذي تعترف تاتشر في مذكراتها أنَّ النِّظام اللِّيبي لم يكن مسؤولاً عن تفجير النادي اللَّيلي في برلين. وهيَّأت ((تاتشر)) مطارات بريطانيا لتنطلق منها الطَّائراتُ الأمريكية لتضرب وتدمِّر ذلك البلد العربي، وكانت المكافأة الكبيرة لها هو الحفاظ على وجودها في الحزب ورئاسة الوزراء لمدة تقارب 18 عاماً، ولم تكن تاتشر تملك مِنْ الخبرة السياسية التي يملكها إدوارد هيث Heath- Edwardالذي سقط فجأة في انتخابات عام 1974هـ، ولكن هيث ووزير خارجيته ((دوقلاس هوم)) رَفضَا تزْويد الطَّائرات الأمريكية بالوقود في حرب 1973م، لأنها تحمل الذخيرة الفتاكة لإسرائيل، ومع ما ذكرناه لم يكن هناك حاجة لطرح السؤال: لماذا كان توني بلير موجوداً في الكونغرس وكأنه واحد من أعضائه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :634  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 291 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

التوازن معيار جمالي

[تنظير وتطبيق على الآداب الإجتماعية في البيان النبوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج