شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تيار الحداثة بين نقد عبد الله عبد الجبار وتنظير فائز أبَّا (1)
إذا ما أردنا الحديث عن تيار الحداثة في بلادنا فلن نحتاج إلى كثير من التنظير مثل ذلك الذي وجدناه عند مناصريها ومناوئيها على حد سواء. وبالتحديد في حقبة الثمانينيات الميلادية، وكل الذي نحتاجه في هذا الشأن هو تلك الرؤية الموضوعية والتي صاحبت بروز هذا التيار نتيجة للسياق الحضاري والاجتماعي أو خفوته وليس تلاشيه كما نظن ونزعم.
بداية لا بد من القول إن تيار الحداثة الذي لمسنا وجوده الحقيقي وبسمات متكاملة وضمن أيديولوجية معينة قبل حوالي عقدين من الزمن، قد وصل إلى الساحة الفكرية والثقافية في بلادنا وذلك بعد أمد طويل من وصوله أو توطنه في كثير من البيئات الثقافية والأدبية في العالم العربي ويمكن التأريخ له من خلال قول الشاعر أدونيس المعروف وذلك في العددين 17 و 18 من مجلة (مواقف) (إن هذا العدد يشكل بالقصائد التي يتضمنها نواة لمرحلة متميزة في التجربة الشعرية الجديدة)، ويعلق الناقد السعودي الكبير عبد الله عبد الجبار على هذا المنحى بقوله: إن أدونيس يدعو إلى تغيير الشعر العربي (أي في الستينيات الميلادية). وإن هذا التغيير ليس تغييراً في الشكل أو طريقة التعبير فحسب، وإنما هو قبل ذلك تغيير في المفهوم ذاته.
إن تيار الحداثة منذ بداياته الأولى اتسم بالعنف وهذا له أسبابه ودواعيه، ومن هذه الأسباب سيطرة تيار واحد على الساحة الأدبية آنذاك وهو ما يطلق عليه التيار المحافظ، ولقد أصاب هذا التيار شيء من الترهل بعد أن كان متوقداً أو قوياً إبان مرحلة الروّاد والتي مثلها خير تمثيل إبداع الرائدان محمد حسن عواد وحمزة شحاتة ثم من أتى بعدهما من الأجيال اللاحقة المعروفة بتوجهاتها النقدية من أمثال عزيز ضياء، والربيع وعبد الرحيم أبو بكر إضافة إلى أن من سمات هذا التيار عالمياً وخصوصاً في بلد الموضات الأدبية فرنسا استخدامه لما يمكن تسميته بالإرهاب الفكري وينقل الناقد الإنجليزي المعروف جورج واطسن عن (بادت) ما نصه (وفي المراحل الأولى للتعصب الثوري لايستنكف الثائر عن استخدام شيء من الإرهاب الفكري ولقد اتخذ العنف أشكالاً عدة ويمكن حصره في هذا السؤال الذي تحرك ضمن إطاره تيار الحداثة بشيء من الحرفية التي هاجموا التيار المحافظ بسببها وهذا السؤال الحرفي هو: هل هو واحد منا أم لا).
فلقد ظلت صفحات ثقافية لمدة طويلة لا تنشر إلا لأولئك الذين ينتمون لهذا التيار وهذا أدى إلى ردة فعل معروفة وهي تبني صفحات ثقافية لوجهات نظر المنتسبين أو المحسوبين على التيار الآخر. وظلت بعض المنابر الثقافية إلى الوقت الحاضر ملتزمة التزاماً كلياً بهذه الأيديولوجية، وكأنها لا تعلم أنه بهذا الصنيع أو الانحياز قد حكمت على نفسها بالفشل أو الموت البطيء، ووصل الأمر إلى حلقات أضحت تضيق بنفسها قبل أن تضيق بالآخر، ولا ينكر أحد أن بضعاً من أنصار تيار الحداثة بمجرد اختلافهم مع زملائهم في هذا المنحى الفكري والأدبي لا ينشرون لهم إبداعاتهم الأدبية، وكان الناقد المعروف فائز أبَّا - شافاه الله - أحد ضحايا الاختلاف داخل تيار الحداثة نفسها، مع أنه لا يستطيع أحد - إن كان يتفق مع وجهة نظر أبَّا أو يختلف معها - أن ينكر المنظر الحقيقي لتيار الحداثة، فإجادته للغة الإنجليزية إجادة تامة وتمكّنه من الأدوات الضرورية التي يجب توافرها في الناقد أو حيازته لها حيازة قوية، جعلته يتبنى العديد من المواهب الجديدة في الساحة - آنذاك.
ولكن اختلاف المريدين أو تنكرهم أو أن ثورة الحداثة بدأت تأكل أبناءها إن صح هذا التعبير كل ذلك أدى بأن ترتفع الأصوات قبل سقوط (أبَّا) وبدون موضوعية داخل التيار الحداثي نفسه (أبَّا ليس أديباً ولكنه صديق الأدباء) وهذه العبارة توضح مدى المأزق الذي وصلت إليه حركة الحداثة، وهو مؤشر غير صحي ويتناقض مع بيان أو مانفيستو الحداثة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :2056  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 284 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.