شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفى به الأستاذ علي أبي العلا ))
ثم استلم اللاقط المحتفى به الأستاذ الشاعر الأديب علي أبو العلا، وتحدث عن ذكرياته، ولم يبخل على سامعيه، فقد أنشد مقاطع كثيرة من شعره تخللت حديثه المستفيض الذي شَنَّفَ به أسماع الحاضرين فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم، أخي عبد المقصود، لقد ألبستني بهذا التكريم فخراً أتيه به وأشكر الجمع الحافل من الإِخوان، كما أشكر من تفضل وأضفى عليَّ ما لا أستحقه من مدح أو تكريم.. إنك يا صديقي تذكرني بآل سعود، تذكرني بالدولة التي تكرم المخلصين من أبنائها، فلقد عشنا نشاهد على مر التاريخ أن ولاة الأمر يكرمون طلاب الجامعة، ويكرمون ضباط الطيران، ويكرمون خريجي الشرطة، وكل موظف في الدولة، وأنا منهم سعدت بالتكريم في مجالات مختلفة، فمنذ أن عملت موظفاً حكومياً، ومنذ أن عاشرت أبناء عبد العزيز تعلمت من كل فرد منهم الحلم ومسايرة الناس، وتقديرهم.
- وأنت يا صديقي تذكرني بهذا التكريم وما تضفيه على الأمجاد، والعلماء، والأدباء، والمخلصين من كرم وحفاوة.. بآل سعود الذين قلت فيهم:
يقولون همت بآل سعود
فقلت لهم وأنا المقنع
تعالوا نعدد أمجادهم
وعن صدق تاريخهم نسمع
هم الباذلون ومن ودهم
بنود لكل المَلا تُرفع
هم المصلحون وفي عهدهم
ذرى المجد قالت هنا الموقع
هم العادلون وشرع الإِلـه
هو الأصل والفصل والمرجع
ليوث العروبة إن جل خطبٌ
تفادوه والبذل ما يدفع
وهم للتضامن والاعتصام
ملاذ وللخير هم أسرع
وأكرم بمن شيد المسجدين
يعظمها السُجَّد الركَّع
وأَمَّن في الحرمين الحجيج
إذا قصدوا البيت أو ودعوا
إذن فالحقائق غير النفاق
وفي النفس تأثيرها أوقع
لي العذر إن همت بالأكرمين
فما زلت في خيرهم أرتع
 
- والتكريم سمة من سمات الفضلاء الكرام، والمكرمون رجال عرفوا بإخلاصهم وحبهم بوطنهم، ومن حفلات تكريم المخلصين الحفلة التي أقامها أبناء مكة المكرمة للأستاذ عبد الله عريف رحمه الله بعد أن أنعم عليه ولي الأمر بوسام التقدير، فأقاموا له حفلة في الزاهر، أََلقيت فيها قصيدة عنوانها "وسام حب" جاء فيها:
رمزٌ هو العطف الكبير ووسام تقدير القدير
قد زان تاجك يا عريف وأنت من بذل الكثير
فهم الرجال وأنت وحدك همة الشهم الجسور
ألبست مكة وهي تزهو ثوبها الغض النضير
فغدت تباهي بالشوارع والجسور وبالقصور
وأضأت منها الأرض وهي سماؤها بالوحي نور
فتلألأت فيها الهضاب وأينعت فيها الزهور
وتلفت التاريخ مبتسماً ليستجلي الأمور
قالت له العزمات سطر ما يروقك من سطور
فاليوم في عهد الأماجد عمنا الفضل الكبير
ينساب من عبد العزيز وحسبك البطل الخبير
وعلى يدي أبنائه راحت تباركنا العصور
فالعلم تحت ظلاله شيب وشبان وحور
يتسابقون إلى الحياة فلا كبير ولا صغير
والعلم نبراس الوجود وبحره العذب الغزير
والعلم ما يبني العماد ويخضع الصعب العسير
بالعلم جاوزنا الفضاء وكان من حلم الضمير
وبفضله قرب البعيد لنا وشاركنا النسور
فلذاك نحن نعيش هذا اليوم نستبقِ الشهور
وبذاك شاركنا العريف الجهد في عزم مثير
فإذا الحضارة ثوب مكة وهو فياح العبير
وإذا الجبال بها تنادت من كديٍّ أو ثبير
وأطل من فخر حراء وغار ثور في حبور
وأبو قبيس رابض قد سبح الله الغفور
هذي جبال النور تشهد نهضة البلد الفخور
إن قلدوك وسام حب مقدر راع كبير
فاهنأ فإنك في سجل الخالدين على الدهور
أنت ابن مكة وهي دوماً نبتها نور ونور
منها الأباة الفاتحون وكلهم أسد هصور
منها الدعاة لخير دين سنَّة الهادي البشير
منها النبيُّ وقد كفاها ذلك الفضل الكثير
قد خصها رب السماء بميزة الأمن القدير
فضلاً وأطعم ساكنيها منه بالخير الوفير
أنت ابن زمزم وهي دوماً ماؤها الشافي الطهور
أنت ابن يعرب وهو من وصفوه بالشهم الغيور
أنت الأديب وفي يراعك هِمَّة بين السطور
أنت العريف اليوم ربعك أظهروا هذا الشعور
أما المناصب فالمناقب بعدها تحكي الكثير
تتجدد الذكرى وتبقى وهي عاقبة الأمور
 
- كذلك كرَّمت الدولة اللواء الطيِّب التونسي، ونقلته من مدير الأمن العام إلى سفير في الخارجية، فنظمت قصيدة مشاركة في تكريمه جاء فيها:
نحييك يا من رفعت اللواء
وكنت بحق مثال الولاء (1)
ويا طيب الذكر يكفيك فخراً
بأنك من خيرة السفراء
لقد سرت بالأمن في خير نهج
وشدت فأتقنت فيه البناء
وناهيك من ثقة نلتها
يجود بها القادة الأوفياء
على رأسهم في الندى فيصل
وإخوته هم مناط الرجاء
تسير البلاد بهم للمعالي
وتسعد في أمنها والرخاء
وهم من يقدر سعي الرجال
بفيض الندى أو جزيل العطاء
وهم من تأسّى بعبد العزيز
إذا ذكر الحِلم أو بالحياء
وهم بالفضائل آل سعود
لواء إلى المجد إثر لواء
لقد عدد الدهر أمجادهم
وحلَّق في مدحهم في السماء
فللَّه والدين كانوا الدعاة
وللحق والعدل قل ما تشاء
أصول القيادة أس السياسة
في بحرها يهتدي الأذكياء
ومعنى السفارة حسن التدبر
في الأمر من خبرة أو دهاء
فَسِيَان في الأمر من قاد جيشاً
ومن قاد رأياً وكلٌ سواء
يقاس الرجال بأعمالهم
وتبقى مآثرهم كالضياء
فيا شعر ردد وقل للفريق
تحايا الوداد وحسن الدعاء
- ومن شعري الذي صنعته لا أقول الذي أجبرتني المواقف على صنعه وكنت في الرياض حين افتتح الملك سعود رحمه الله أول رحلة لطائرة البوينج 707 من الرياض إلى جدة ودعا عدداً من الموظفين للمشاركة في تلك الرحلة، وكنت أحد المدعوين، ومن الذين شاركوا أيضاً السيد حبيب كوثر رحمه الله من الشرطة وسعادة سعود السديري أمير الباحة السابق، وطلبوا مني أن أقول شيئاً في تلك الرحلة فقلت:
طارت فذابت في الفضاء
"بوينجة" بهرت ذكاء (2)
نفاثة هدارة
سباقة ساري الهواء
تسري فتسبق صوتها
كالذئب يخلفه العواء
في الجوِّ تبدو كالنعام
يهيم في وسط السماء
فإذا أطلت فهي قصر
من عمارات الفضاء
لكنها إن أقبلت
فالرعد أو قصف القضاء
يا طائر البوينج تيهي
وارفعي خير لواء
وثقي بأنك في أمان
الله صبحاً أو مساء
لا ترهبي لجج الهواء
فأنت (3) في أرض الإِباء
أرض النبوة والرسالة
والسلامة والحياء
جل الإِلـه فهذه
نعمى تقابل بالدعاء
أعطى سليمان البساط
وذَلَّل الريح الرخاء
 
- ولقد قابلت الموسيقار محمد عبد الوهاب في منزل الشيخ محمد سرور الصبان رحمه الله.. فقدمني الشيخ محمد سرور وقال له: إن هذا الشاعر قد أصدر أول ديوان له بعنوان: "بكاء الزهر" فقال عبد الوهاب: وهل الزهر يبكي؟ قلت له: سآتيك بالرد غداً إن شاء الله في أبيات شعرية، وعندما جئت في اليوم التالي، وفي نفس الموعد قلت له: هذا جوابي على سؤالك بالأمس:
يقولون كيف بكاء الزهر؟
وهل دمعه كدموع البشر
وهل للزهور عيون ترى؟
وفيها جمال وفيها حور
فقلت أجل للنبات (4) عيون
تبث شعاعاً بشتى الصور
تفوح بعطر الشذى في الرياض
إذا الطل بللها في السحر
وألوانها في دروب الجمال
منمقة تحت ضوء القمر
فلا تعجبوا إن جعلت قصيدي (5)
وديوان شعري "بكاء الزهر"
تمثلت ماعز من حسنه
قماش بوصف جميل عطر
 
- كما أتيحت لي مقابلة الشاعر أحمد رامي، فقد رافقته في الطائرة من جدة للمدينة، إذ كان في ضيافة الأمير عبد المحسن رحمه الله، وجلست وجاذبته أطراف الحديث حتى أقبلنا على المدينة قلت له: هذي أبيات نظمتها الآن في الثناء عليك سأسمعك إياها الآن وغداً سأكمل الباقي وسأتلوها على سمعك بعد صلاة الجمعة إن شاء الله، والأبيات هي:
رَجْعُ ألحانِك العِذاب
خلَّد الحب والشباب
وصفَ الشوق والهوى
وصدى الوصل والعتاب
درر أنت صغتها
تأخذ الفكر واللباب
رددتها حناجر
شدوها أعجب العجاب
 
- وفي اليوم التالي جاءني رحمه الله يرافقه الشاعر طاهر زمخشري رحمه الله وقال لي: هل أكملت؟ قلت له: نعم استمع:
دع حديث الهوى هنا
واطلب الأجر والثواب
واقصد المسجد الذي
نشر الحق والصواب
فيه طه وصحبه
خيرة الأهل والصحاب (6)
قف تذكر (7) مواقفاً
حَمت الدين بالحراب
بين أحد وخندق
وعلى السفح والهضاب
وتذكَّر بذي قبا
طلع البدر والركاب
يوم أن جاءها النبي
فاح منها الثرى وطاب
وإذا رمت عمرة..
فاقصد البيت والرحاب
واشرب الكأس زمزماً
تفضل الشهد والرضاب
واتئد عند مروة
إن فيها الدعا المجاب
واسأل الله عفوه
فهو يعفو لمن أناب
ولك العود سالماً
ولتدم شاعر الشباب
 
(( تعليق الأستاذ محمد عبد الله مليباري ))
بعد أن ألقى الشاعر المحتفى به قصيدته التي قدمها للشاعر أحمد رامي رحمه الله قال الأديب الناقد محمد عبد الله مليباري معقباً على شعر المحتفى به بقوله:
- يقولون إن الشاعر إذا ما تجاوز الأربعين لا يستطيع أن يقول شعراً وجدانياً حقيقياً، وأعتقد أن شاعرنا الأستاذ علي أبو العلا سيقدِّم هذه الليلة دليلاً يدحض هذه المقولة:
 
و يرد الأستاذ علي أبو العلا على ذلك بقوله:
- الحقيقة أنني كما وصفني الأستاذ عبد المقصود مقل في الشعر، وإن كان لي شعر فهو يتوارى في ثوب الحياة، وأنا من المعجبين بالشاعر أحمد رامي حتى أنني أسمعته تخميسي للقصيدة التي كانت تترنَّم بها أُم كلثوم ومطلعها:
سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها؟
واستخبروا الراح هل مست ثناياها؟ (8)
 
- ومن ذلك التخميس ما يلي:
بدت كبدر الدجى يختال عطفاها
كأنها الغصن تاج الحسن حلاها
وثغرها الدر يبهيه محياها
سلو كؤوس الطلا هـل لامسـت فـاها؟
واستخبروا الراح هل مست ثناياها؟
رنت وحيت بعين جد ساهية
وأومأت فجلسنا قرب ساقية
حتى إذا الليل قد أغفى بداجية
باتت على الروض تسقيني بصافية
لا للسلاف ولا بالورد رياها
جلست أرسل ألحاني فتطربها
من راقص الشعر أشدوها فتعجبها
فليسمح الدهر أن ألهو بجانبها
هيفاء كالبان يلتف النسيم بها
ويلفت الطير تحت الوشي عطفاها
قالت وقد ودعت والثغر مبتسم
يا حسنها ليلة والشمل ملتئم
هي الخيال وفي أجفانه حلم
حديثها السحر إلاَّ أنه نغم
جرت على فم داود فغناها
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1274  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 49 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.