شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هيلين الخال تفتح النار على مجلة (شعر) ورموزها
أجرت صحيفة الحياة الأحد 18 أكتوبر 1992م ((صفحة الثقافة والفنون)) حديثاً مع ((هيلين الخال)) استغرق حلقتين كاملتين، تناولت في الأولى منهما شخصية زوجها ((يوسف الخال)) عندما كان موظفاً في الأمم المتحدة في طرابلس الغرب، وعلاقته بالشعر الأمريكي، كما تناولت الحلقة الثانية علاقاته الشخصية ومرحلة تأسيس مجلة شعر، وكان السؤال الأخير الذي وجه إلى المرأة التي قالت عن زوجها السابق إنه أعلن حرباً ضدها حرباً حقيقية لم يترك خلالها سلاحاً إلا واستعمله، لقد كان آخر الأسئلة يتصل بوجهة نظرها في شعر هذه الشخصية، وكان السؤال على الوجه التالي: ((ما رأيك في شعر يوسف))؟
ـ ((اسمح لي ألا أكتفي برأيي فيه، وإنما أن أعطي رأيي الشخصي في شعره، وشعر (أدونيس) والشعر العربي الحديث بشكل عام، في ذلك الوقت. أعتقد أنه كان شعراً بعيداً عن الحياة الواقعية. لا أعرف كيف هو الشعر الحديث الآن، جماعة (شعر) كتبوا شعراً قرأته مترجماً غالباً، وهو كما تلقيته لا أستطيع أن أتخيله كونياً أو إنسانياً، لم يكن ذلك الشعر في رأيي يلامس قضايا إنسانية تهم الأمريكي أو الأوروبي فضلاً عن العربي، ولا أستطيع أن استثني من هؤلاء إلا محمد الماغوط، فهو الوحيد الذي تجد في شعره شيئاً حقيقياً، له صلة بالناس، بالأرض، أما الآخرون، فكان شعرهم خيالياً، وميتافيزيقيا ولا تستطيع لمسه، ولا أجد شعر ((أدونيس)) أفضل من شعر ((محمد الماغوط)) كذلك الحال بالنسبة إلى أنسي الحاج، أرجو ألا أكون مخطئة، وكلامي ينطبق على شعر قرأته قبل سنوات، أحسست أن ذلك الشعر كان أصحابه يقدمون فيه أسئلة كبيرة، ويصوغون خيالات ومشاعر لا أعتقد أنها كانت حية وحارة، كان شيئاً ثقافياً، ربما لأنهم كانوا غارقين في اللغة وكتاباتهم حملت هم البحث اللغوي أكثر مما حملت من تجارب حية)).
ـ هذا رأي زوجة ((يوسف الخال)) في شعره وشعر رفقائه الذين أكدت أثناء إجابتها أنهم حاولوا فيما بعد التقليل من قيمة أستاذهم، وعملوا على التحرر من مرجعيته بل وتنكروا لمواقفه التي تصفها بأنها كانت إيجابية تجاه هذه الزمرة الحداثية، ورأيها هذا له أهميته لسببين رئيسيين الأول هو أن ((هيلين)) عاشت مع ((الخال)) المرحلة الأخصب من حياته، في نيويورك، وطرابلس الغرب وبيروت وعاصرت مرحلة تأسيس مجلة ((شعر)) في الخمسينات الميلادية كما تشير المقدمة التي كتبها ((نوري الجراح)) [الحياة 17 أكتوبر 1992م]. أما السبب الثاني فهو أن هذه الشخصية التي جاهرت بهذا الرأي الصريح في شعر يوسف الخال ومن حوله من شعراء الحداثة لم تكن بعيدة عن دنيا الفن والشعر ففي الوقت الذي كانت لها اهتماماتها بالفن التشكيلي حيث عملت ناقدة فنية في صحيفة ((الديلي ستار)) وأعطت دروساً في الجامعة الأمريكية، وافتتحت مركزاً يعرض لوحات الفنانين التشكيليين في بيروت سنة 1963م وأطلقت عليه اسم ((جاليري وآن)) كذلك كان لهذه الفنانة التشكيلية اهتماماتها الأدبية فهي تتحدث عن الفرق بين اهتماماتها الشعرية واهتمامات زوجها يوسف الخال. قائلة: ((كنت أميل إلى الشعر اليومي، وشعر الصوت الشخصي، مثلاً كنت أحب شعر ديلان كومس، وهو في الشعر كتشايكوفسكي في الموسيقى، وفي نيويورك تعرفت إليه، ولم كن أحب شعر ((إزرا باوند)) ولا لعبة التناص التي نراها في شعره، ولا أحس أن شعره يعنيني)).
ـ وهذا النقد الموضوعي الذي وجهته ((هيلين)) إلى شعر ((يوسف الخال وأدونيس)) واصفة إِياه بأنه تنتفي عنه صفة الكونية الإِنسانية، وأنه أبعد ما يكون عن ملامسة الواقع الذي يعيشه الإِنسان ولهذا نجده يفتقد إلى تلك الروح التي تجعل منه شعراً ينبض بالحياة والحيوية، هذا النقد هو الذي يفسر لنا كيف أن هذا الإِنتاج الشعري الذي كان ((الخال)) ينشره في مجلة ((شعر)) له وللآخرين من الشعراء الذين يحاولون تقليد نماذجه الشعرية لم يكن ليحظى بالحد الأدنى من التواصل مع القارئ العربي، كما يفسر لنا - أي نقد هيلين - عملية الرفض التي قوبل بها الإِنتاج نفسه من قبل القارئ الغربي الذي يرى فيه تقليداً لأشكال يعرفها هذا القارئ على صورتها الأصلية في أدبه الغربي وباستطاعته التواصل معها، وبالتالي فهو يرفض هذه النماذج لأنه يعتبرها مسخاً مشوهاً، ولا يمكن لهذا النوع من الأدب المشوه أو الممسوخ أن يتفاعل مع القضايا الحية والنابعة من بيئة الشاعر نفسه والتي يسعى الآخر - أي القارئ الغربي - لمعرفتها أو اكتشافها، وعملية المعرفة أو الكشف هذه تتصل بالبحث عن البديل لما هو موجود في بيئته الفكرية والثقافية، وهذا البديل من المتوقع أن يكون صورة مختلفة كل الاختلاف عما ألفه أو تعود عليه، وخصوصاً أن الفرد الأوروبي أصبح ضجراً من الحياة المادية التي يعيشها، ونافراً من انعكاساتها الآلية في فضاءات الشعر والفن، وإن ما يبحث عنه القارئ الغربي هو ذلك النوع من الأدب الذي ينقله إلى عوالم الروح وما تمثله من طهر وصفاء وشفافية.
ـ إن آراء ((هيلين الخال)) حول مؤسس مجلة ((شعر)) التي توقفت في بداية الستينات الميلادية بسبب عدم قدرتها على التواصل مع القارئ العربي، كما أن آراءها الأخرى في رموز شعراء الحداثة جديرة بالنقاش والحوار الموضوعيين من كل الدوائر سواء تلك المتحمسة حماساً متطرفاً لهذا النوع من الشعر، أو الأخرى التي ترفضه رفضاً قاطعاً لأسباب وبواعث تتصل برؤيتها لعملية الإِبداع الشعري، وما يمكن أن تسهم به في حياة الأمة الفكرية والثقافية إسهاماً حقيقياً يجعل منها ذات هوية مستقلة وطابع متفرد وهما الطريق الصحيح إلى أدب كوني ينظر إليه الآخرون نظرة احترام وتقدير وينزلونه تلك المنزلة التي يستحقها وهو ما استطاع الأدب العربي القديم أن يبرهن عليه من خلال تلك الشهادات المتوالية من كبار أدباء الغرب ومفكريه لأنه الأدب الذي استطاع أن يؤثر تأثيراً فعّالاً في مسار الأدب العالمي، ويثري فنونه المتعددة، ويضيء الجوانب المعتمة منه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1179  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 245 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج