شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لماذا ومتى يهتم الأوروبيون بتراثنا؟
ـ إن الكلمة الواعية - بلا شك - هي التي تعمل على إيضاح العلاقة بين أدب الأمة وفكرها: فالأدب - في كل العصور، وعند جميع الأمم - هو تعبير عن هوية - أمة - ومنطلقاتها الحضارية، وإرثها التاريخي؛ ولهذا كان اهتمام الغربيين كبيراً بالتراث العربي القديم؛ لأنه كان تعبيراً حقيقياً عن هويتها الحضارية.
ولم يقف اهتمام الغربيين بترجمة تراثنا الذي أدركوا قوته العلمية المنبثقة من تَمَيزه بسمات لا يشترك معها فيه تراث الأمم الأخرى، بل وجدوا فيه مجالاً للاستفادة، وهو ما تعبر عنه الدراسات المقارنة بعملية التأثر ولهذا فليس من المستغرب أن نجد استهجاناً من مفكري الغرب وأدبائه لذلك النوع من أدبنا الذي وصفه الأستاذ الفاضل محمد صلاح الدين ((بأنه غريب بين أهله، مبتور الصلة بمجتمعه، لا يمثل من قريب أو بعيد ضمير الأمة، ولا وجدان حضارته وثقافته)).
ـ بل إن الأمر بلغ بأحدهم وهو الأديب الإيطالي ((إيجانز يوسيلوني)) أن يقدم النصيحة للأدباء العرب في ((مؤتمر الشعر العربي الحديث)) ، الذي انعقد في أوائل الستينات قائلاً: ((أتمنى أن أقرأ شعركم عربياً، خالصاً؛ لأنه إنما يأخذ مكانته بين الآداب العالمية بتفرده وأصالته)).
وهذا الرأي يتشابه مع رأي الكاتب الإيطالي المعروف ((البرتو مورافيا)) الذي حضر ((معرض الكتاب)) الأخير بالقاهرة، وسئل عما يقرأ من الأدب العربي فأجاب قائلاً: ((لقد قرأت الأدب العربي القديم الكلاسيكي، قرأت منه الشعر، وقصص ((ألف ليلة وليلة))، وكذلك قرأت القرآن الكريم، وأرى: أن الأدب الإيطالي يدين بالكثير للأدب العربي القديم، فأعمال ((بوكاتشيو)) هي نتاج مباشر لأدب ((ألف ليلة وليلة)) والأدب العربي القديم.
ـ وبين يدي بحث كتبه أحد المختصين في الأدب العربي من الأساتذة الإِنجليز وهو البروفسور ((أديموند بوزورث)) رئيس قسم الدراسات الشرقية بجامعة مانشستر، وعنوان البحث هو ((تأثير الأدب العربي في الأدب الإنجليزي)).
ويبرهن ((بوزورث)) في بحثه هذا على أن الأديب الإنجليزي المشهور في القرن الرابع عشر الميلادي (Geofrey Chaucer) ((جيفري تشوسر)) ، قد تأثر - عن طريق البلاد الأوروبية الأكثر احتكاكاً بالثقافة الإِسلامية - ببعض القصص العربية: حيث يظهر ذلك جلياً في عمله الأدبي المعروف باسم (Squierres Tale) قصة سيد كما يؤكد ((بوزورث)) ويشاركه الرأي بعض النقاد الأوروبيين مثل (Corbett) ((كوربيت)) إن العمل الذي حمل ((تشوسر)) إلى آفاق الشهرة الأدبية، والمعروف باسم (Conter Bury Tales) ((قصص كانتر بيري)) ، إنما هو نتيجة لقراءاته باللغة اللاتينية للقصص العربي؛ الذي كان تأثيره مباشراً في الأعمال الإِيطالية المشهورة في القرون الوسطى؛ مثل مجموعة (Boccaceio) ((بوكاتشيو)) القصصية، والمعروفة باسم ((ديكاميرون)) (De-Camerone) الأيام العشرة.
ـ إن نقطة الضعف التي يجدها الغرب - اليوم - في أدبنا، هي ترديدنا لبعض نظرياته في الأدب، بعد لفظه لها بعشرات السنين، ثم هو ترديد لا استيعاب ولا تمثل فيه، أما تلك الأعمال الأدبية التي تنتسب إلى العالم الإفريقي، أو دول أمريكا اللاتينية، وحظيت باهتمام الغرب، فاهتمامه بها نابع من كونها تعبيراً صادقاً للأبعاد الحضارية لتلك الأمم.
ولعلّ هذا ما يدفع الأدباء اليهود - في أي قطر يعيشون فيه - إلى الكتابة بلغتهم الفطرية، ثم هم - دوماً - يعبرون بكل وضوح عن افتخارهم بذلك الرصيد الحضاري، والإِرث الثقافي للأمة اليهودية، مع أنهم أقرب الأمم للتراث الغربي في فكره وأدبه، ولكنهم أبعد ما يكونون عن قراءته ثم تقيّئه، كما يفعل البعض - اليوم - للأسف الشديد، في عالمنا العربي والإسلامي.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :865  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 242 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج