شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يوسف الخال (3)
لقد كفانا أدونيس مؤونة توضيح أبعاد موقف الخال من التراث العربي.. وذلك في كتابه ((قصائد مختارة)) إذ يقول: ((التراث العربي عنده - أي الخال - هو التراث الإِنساني كله.. إنه التراث الذي تكون على الأرض منذ القدم وتفاعل عبر المتوسط مع التراثات التي تشكل بجملتها الحضارة الحديثة، وإن كان يوسف الخال يصدر في شعره عن المسيحية العربية.. أكثر مما يصدر عن الإسلامية العربية.. فلا يعني ذلك أن شعره غير عربي)).
إن توجهات أدونيس تجاه التراث العربي تتوافق مع توجهات الخال في بناء فكر يعتمد في منطلقاته على المسيحية العربية، وهي توجهات - كما ذكرنا في موضوعات سابقة - تتجاهل حقائق تاريخ الأمة العربية، فمتى كان للنصرانية دور في تشكيل هوية التراث العربي أو تحديد منطلقاته؟ وأين كانت هذه القوة الحضارية الفاعلة في بناء فكر حضاري مستقل قبل مجيء الإِسلام؟ وهل تستطيع المسيحية العربية في أي وقت من الأوقات كما يتطلع الخال وأمثاله.. أن تقدم بديلاً لهذا التراث الإِسلامي الفاعل والقوي؟
إن هدف الخال هو الفصل بين الفكرين الإِسلامي والعربي، ولهذا فهو يضع نفسه - كما يذكر الدكتور الطويرقي - ((فوق التراث برمته ويشرف عليه بنظرته المملوءة بالغرور والعجرفة والادعاء)).
يقول الخال في أسئلة الشعر ((فأنا معني جداً بتراثي العربي الذي لا تراث لي سواه، وإنما أريد أن أغنيه وأعززه وأنقده وأفرزه وأرفض ما أرفض منه، وأقبل ما أقبل.. وذلك لجعله أساساً حديثاً صالحاً لبناء حياة أفضل لنا ولأولادنا)).
في الوقت الذي توضح مقولة الخال السابقة موقفه الانتقائي من التراث، فإنه يمكن اعتبارها تجسيداً لمأساة المسيحيين العرب الذين يعلمون قطعاً باستحالة انتمائهم إلى الحضارة الأوروبية، ولهذا فهم يتطلعون إلى تغيير واقع التراث العربي ليتناسب مع موقفهم العقائدي.. مع أنهم متيقنون في دواخلهم من أن التراث العربي لا يستطيع أحد بحال من الأحوال فصله عن نسقه الإِسلامي، وأن مقولة وجود تراث عربي لا يرتبط بالإسلام وأسسه هي مقولة أريد بها التمويه على أصحاب العقول الساذجة.. وما أكثرهم في عالمنا.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :696  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 232 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .