شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المقالح والبياتي
لعلّه من قبيل التذكير أن أشير إلى أنني كتبت في زاوية (رؤية فكرية) مقالاً أوضح فيه أبعاد الموقف الفكري المتناقض للشاعر عبد الوهاب البياتي والذي حاول أن ينفي عن نفسه تهمة التوجه الماركسي بعد أن أثبتت هذه العقيدة فشلها وتهافتها وذلك في مقابلة معه بصحيفة الحياة 31 مارس و 1 أبريل 1990م. والأدهى من ذلك أنه زعم في تلك المقابلة أنه كان واحداً ممن بشروا بسقوط سور برلين منذ أمد بعيد مع أن مراجعة بسيطة لدواوينه الشعرية وخصوصاً ((عشرون قصيدة من برلين)) تجسد لنا تبعيته الذليلة وإيمانه الأعمى بمنظومة الفكر الشيوعي مع رغبة جامحة ودعوة محمومة لنشرها في المجتمعات العربية وكذلك فعل عدد آخر من الكتَّاب العرب الذين بشروا في مطلع الخمسينات الميلادية بنظرية الواقعية الاشتراكية المنبثقة عن الفكر الماركسي نفسه مستخدمين كل الأساليب الرخيصة في سبيل وأد كل إبداع لا ينطلق من هذه ((الموضات)) الفكرية التي يشهد الغرب في كل عقد من الزمن بروزها ثم تلاشيها واختفاءها تبعاً لتطورات سياسية واجتماعية واقتصادية تمر بها تلك المجتمعات.
وجاءت أزمة الخليج لتُعَرِّي ((البياتي)) وزمرة أخرى ممن هم على شاكلته في المعتقد والمنهج ولتبرز مرة أخرى تناقضاتهم الفكرية وتوضح إعوجاجهم الذي لا يمكن له أن يعتدل ويستقيم مهما حاول الآخرون تحسين صورته وتلميعه أمام أعيننا. فلقد أعلن البياتي المنادي بالحرية تأييده لخانق الحريات في بغداد ودبج قصائد المديح في طاغية العصر وهو الذي كان بالأمس ينعي على القصيدة العربية دورانها في الأغراض الشعرية التقليدية.
وإذا كان الإِنسان لا يستطيع أن يخفي ما يعتمل في أعماق نفسه ولا يمكن له أن يقدم نفسه بوجوه متعددة بحسب المناسبات ومقتضيات الظروف فإن البياتي وشريكاً آخر له في المعتقد الفكري وهو الدكتور عبد العزيز المقالح أعلنا في ندوة إذاعية بثتها إذاعة صنعاء مساء يوم الجمعة الموافق 21/9/1990م عن تأييدهما لمبدأ إعادة توزيع الثروة وهما ينطلقان في هذه الدعوة من إيمانهما المطلق بالنظرية الشيوعية التي دفنها ((جورباتشوف)) في الساحة الحمراء ودفن معها الرموز الشيوعية الأخرى المقترنة في أذهان أهلها وأبنائها بالقهر والظلم والاستبداد لمنافاتها للفطرة التي خلق الله الناس عليها ومصادمتها لحقائق هذا الكون وهو ما أدى في النهاية إلى تآكلها وفشلها وسقوطها.
لم يكتف البياتي الذي استغل في يوم من الأيام كرمنا وتسلل خلسة إلى بعض المنابر الثقافية لينشدنا شعراً فجاً وإبداعاً رخيصاً قال عنه البعض يومها: إنه أضاء قناديل الليل وأزاح ستار العتمة وغسل النفوس والأرواح معاً. نعم هذا البياتي نفسه ورفيقه ((المقالح)) يطلقان علينا سمات الرجعية والتخلف وهما لا يقصدان بذلك سوى تمسكنا بالإسلام واعتزازنا بسلفيته عقيدة ومنهجاً فكرياً.
لقد استهجن بدر شاكر السياب ومجموعة أخرى من شعراء العراق في بداية الخمسينات الميلادية أسلوب البياتي الأرعن في التبشير بالمنهج الماركسي والدعوة إلى تطبيقه في كل شؤون الحياة العربية بدءاً من السياسة وانتهاءً بالثقافة مع أنهم كانوا يشاطرونه في تلك الفترة المعتقد نفسه، [مقالة شوقي بغدادي، بدر شاكر السياب من الداخل، صحيفة الحياة 26 مارس 1990م].
ويدور الزمن ليثبت البياتي من جديد شدة تخلفه الفكري ويكشف عن حقد متأصِّل يتطابق مع حرفية الأيديولوجيات الميتة التي يأمل بعودة الحياة إليها. ويجد نصيراً قوياً في المقالح الذي جعل منذ زمن جامعة صنعاء وكراً للتوجه اليساري، يحتضن فيه الكُتَّاب الذين تتخلص منهم بلادهم وتنفيهم من أراضيها بسبب رعوناتهم الفكرية من مثل كمال أبو ديب الذي أطلق عليه أستاذنا الفاضل أحمد الشيباني في سلسلة مقالات له بصحيفة الرياض حاخام الفكر الحداثي ويُكوِّن منهم أي المقالح فئة تسعى للطعن في دين الأمة والعمل بكل الأساليب على تغيير الوجه الحقيقي لتراثها ومحاولة طمس معالم الفكر العربي الأصيل بحجة التحديث والتجديد وتحت ستار برّاق ينخدع به البسطاء والسذج من أشباه المثقفين وأنصاف الكتَّاب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :740  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 229 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج