شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لويس عوض والحقد الصليبي على الإِسلام والعروبة من خلال أوراق العمر
كثير هم أولئك الذين يدبجون المقالات ويكيلون المديح لفئة محسوبة على الثقافة العربية لم تتورع عن المجاهرة بالعداء للإِسلام والكراهية للعروبة. ولم يستطع أحد أن يجري في هذا الميدان كما جرى الكاتب الشيوعي ((لويس عوض)). ولعلّ مذكراته التي كتبها وهو على فراش المرض توضح هذه الحقائق التي يجب على أولئك المعجبين بضجيجه أن يدركوها، فلا يمكننا بحال من الأحوال أن نسكت عن هذا الجانب المظلم في فكر هذا الرجل ونحن الذين كثيراً ما ننفر من الدراسات الاستشراقية لأنها تنضح بالحقد على الإِسلام وأهله، وقليل منها ما هو براء من ذلك. وإذا كان هذا موقفنا من الفكر الاستشراقي الحاقد، فإن نظرة عجلى على ما تفوه به عوض سوف تحيل ما قاله المستشرقون - عن تعصب - في الإِسلام مدحاً وتجعله ثناء، لأن ما خطه قلم هذا الصليبي الحاقد هو السم الذي لا يستطيع مسلم أو عربي أن يتجرع قطرة واحدة منه، فما بالنا نمدح من يشتموننا ونحب من يكرهوننا، ونصفق لمن يستهزئون بنا، ونرفع الرايات لمن أفنوا حياتهم يبحثون عن الثغرات ليصلوا منها إلى غاياتهم المؤءودة وهي ضرب الإِسلام وإلصاق التهم بكتابه المنزل، ولغته الخالدة، ورموزه المضيئة.
يقول لويس عوض في مذكراته [((أوراق العمر سنوات التكوين)) - مكتبة مدبولي - القاهرة] متحدثاً بكل صراحة عن شيوعيته ((وقد بهرتني كتابات سلامة موسى في هذه السن الباكرة فكنت أشرح ما أتعلمه منها من مبادئ ومعلومات لزملائي من الطلبة في مدرسة المنيا الثانوية، بل وكنت أكتب موضوعات الإِنشاء بالإِنجليزية عن الاشتراكية والشيوعية، وأناقش مستر سوينبيرن وذات مرة قال لي في الفصل عام 1929م أنت التلميذ الشيوعي الوحيد في هذه المدرسة)) ص 329.
ولا نعلم إذا ما كان هذا الأستاذ الأوروبي يستهزئ بشيوعية لويس عوض، أم يمدحه - لأنه رآه متفانياً في الذود عنها، فالمعروف أن الأوروبيين وخصوصاً - الإنجليز منهم - كانوا يكرهون الفكر الشيوعي كراهية لا حدود لها، ومع أن هناك حزباً شيوعياً في بريطانيا منذ عشرات السنين إلا أنه لم يفلح يوماً في أن يفوز ولو بنائب واحد في مجلس العموم البريطاني، ولقد قفل هذا الحزب أبوابه بعد سقوط الشيوعية في معقلها وبقائها حية بين بعض الرفاق في عالمنا العربي.
أما كراهيته للعرب، فلعلّ العبارات التالية تكون درساً لأنصار الفكر القومي الذين كانوا يحسنون الظن بعروبة لويس عوض، يقول من وُصِفَ أخيراً بأنه مدرسة ثرية بالعمق والمعرفة: ((وكنت لا أحب البدو، ولا أخالطهم بل كنت أُكِنُّ احتقاراً شديداً، لكل الأقوام البدوية وأتصورها معادية للحضارة - بنت الزراعة والصناعة - والاستقرار وكنت أراها عقيمة عقم الصحراء)). ويعلّل عوض احتقاره الشديد للبدو وحياتهم - ويدخل في هذا عقائدهم وعاداتهم الاجتماعية - بالأسباب التالية: ((وربما كان هذا الموقف من البدو نتيجة لما كنت أسمعه في أسرتي وخارج أسرتي، من أن الحياة - حياة العرب - قائمة على السلب والنهب والخطف والعدوان على الفلاحين)) ص 450.
ولا أعلم كيف يأتي مثل هذا الكلام من شخص يؤمن بالبحث العلمي والموضوعي ويدرسه لطلابه؟ فهل السماع - وحده - يكون سبباً في أن نكره أقواماً أو نمقتهم ؟ أم أن هناك أسباباً أخرى لهذا العداء المتمكن في نفس (لويس عوض) لم يرد الإِفصاح عنها كما أفصح عن سلوكياته الساقطة في المذكرات نفسها؟
ويرسم لويس في مذكراته صورة منفرة للعربي بقوله: ((ولم أر عربياً إلا وكان حاملاً بندقية كأنما البندقية أداة إنتاجه، أو كأنه في حرب دائمة مع البشرية، ولم أكن أفهم كيف يمكن أن يقيم مدنية من ليس له عنوان ثابت، وكان من محفوظاتي في القرآن أن الأعراب أشد كفراً ونفاقاً، وكان كل العرب عندي أعراباً)) ص 451.
العرب جميعاً عند من جعله بعض كتّاب أعمدة الصحافة الساذجة مدافعاً عن الحرية، العرب جميعاً عنده أعراب، يحملون بنادقهم ليقتلوا وسيوفهم ليصارعوا وهم ليسوا بأهل حضارة، ونسي أو تناسى أن حضارة المسلمين والعرب كانت تقوم أمام عينيه في حواضر العالم العربي من القاهرة ودمشق إلى الرياض والرباط، ونسي أنه كان هو شخصه عالة على الفكر الذي تركه أولئك القوم الذين ليس لهم عنوان ثابت، والغريب جداً أن عوض يستشهد استشهاداً خاطئاً بآية من القرآن كتاب الله الكريم ووحيه المنزّل على خاتم رسله سيد العرب والعجم محمد بن عبد الله - عليه صلاة الله وسلامه - وهو الذي عاش طوال حياته يحارب هذا الكتاب ولغته وعلى الذين يمارون في ذلك أن يرجعوا إلى كتابه عن فقه العربية وهو الكتاب الذي استصدر مجمع البحوث الإِسلامية أمراً بمنعه لما يحمله من دعاوى باطلة ضد لغة القرآن في بلد القرآن وعلمائه وحفظته.
ولا يتوقف عوض بين الحين والآخر في مذكراته - سيئة الذكر - عن التعرض للعرب بلسان كله الفحش وعبارات يتورّع عن التفوه بها كل من نظن أنه عدو لهذه الأمة وتاريخها وحضارتها.
تقول عبارات ((لويس عوض)) بالحرف الواحد: ((وذات يوم كنت جالساً في محطة العلمين وإذا أحد البدو يدخل المحطة، ودون أن يسلم جلس قبالتي وشرع يأكل معي، وتجمعت في نفسي كل كراهيتي للعرب، فنهضت قائلاً: من أذن لك أن تدخل المحطة؟)) ص451.
والسؤال الذي طرحه عوض لا يقصد من ورائه شخصاً معيناً، ولكنه يقصد به أمة كاملة، فهو لا يعادي الأشخاص ولكنه يعادي الأمة، ولا تتجمع الكراهية إلا في نفس لا تعرف الخير ولا تحس به، إنها النفس المظلمة والبصيرة المنغلقة.. وإذا كان هذا رأيه الذي سطره قبل وفاته في الأمة التي لا يخجل بعض أبنائها من أن يجعله من رموزها المبدعة وعلاماتها المضيئة - بينما هو يتبرأ منها ومن الانتساب إليها - إذا كان هذا رأيه الذي قاله وهو يتمتع بالحرية الكاملة لما يريد أن يقوله والدليل على ذلك أنه نشر بين دفتي كتاب، فما هو رأيه الحقيقي في كاتب مثل ((العقاد)) ومفكر مثل ((محمد عبده))؟ هذا ما سوف نعود إليه في كتابات نقدية قادمة إن شاء الله.. موضحين أن رأيه غير الموضوعي في بعض الشخصيات الإِسلامية مثل ((جمال الدين الأفغاني)) و ((محمد عبده)) كان ترديداً لمقولات غربية قام بترجمتها عندما كان يتردد كأستاذ زائر في بعض الجامعات الأمريكية، أما كتابه في الأدب الإِنجليزي الحديث الذي لم يذكر فيه مصدراً واحداً من المصادر التي استقى منها موضوعاته فقد كشف المتخصصون في الأدب الإنجليزي عن سطو عوض على أفكار غيره في الوقت الذي يدافع فيه البعض عن سرقاته الفكرية، وهم يجهلون اللغة التي يمكن أن تقودهم إلى مواضع السطو الفكري الذي هو أسوأ أنواع السطو وأشدها ضرراً، وكان بإمكانهم أن يتركوا الأمر لأصحابه، والعلم لأهله ويعرفوا مواقعهم فلا يتجاوزونها، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :780  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 228 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.