لماذا يوجه الإِبداع الأدبي ضد الإِسلام؟ |
ـ نشرت صحيفة ((الميل البريطانية
(1)
The Mail on Sunday صورة تجمع بين أعضاء الحكومة البريطانية من حزب المحافظين وحزب العمال ((المعارض)) وهم يؤدون ما يسمى صلاة الشكر في كنيسة القديسة ((مارجريت)) بمقر البرلمان الإنجليزي. |
وتعتبر هذه الصورة تجسيداً حياً لعواطف المجتمع البريطاني بجميع فئاته تجاه العقيدة المسيحية ووثيقة عملية تبطل ذلك المفهوم الذي انطبع في أذهاننا عن انقطاع الصلة بين الحضارة الغربية وفكرها وآدابها وفنونها وذلك التراث الديني المسيحي المتجذر في نفوس أفراد المجتمع الغربي، وحرصهم على التمثل به، وافتخارهم بالانتماء إليه. |
ـ وإذا كانت هذه العقائد المسيحية التي امتدت إليها عوامل التحريف وخالطتها آراء البشر على مر العصور، تلقى من أتباعها هذا الحماس والتبجيل فما بال كثير ممن ينتسبون إلى عقيدة الإِسلام - وخصوصاً من المفكرين والأدباء - يسيئون إلى دينهم الذي نشأوا عليه، ويحاولون جهدهم التعلق بالعقائد التي نبذها أهلها، وأجمع روّادها على فساد أسسها وتطبيقاتها؟ |
ـ لقد أذهلتني تلك الحملة الشعواء التي تزعم كبرها بعض مفكري وأدباء العالم العربي ضد الدين الإِسلام وشعائره وتراثه، وبدت واضحة في الوثيقة التي تولى نشرها كاتبان غربيان، هما ((لوك باربولسكو)) و ((فيليب كاردينال)) تحت عنوان ((رأيهم في الإِسلام))
(2)
حوار صريح مع أربعة وعشرين أديباً عربياً، في هذه الوثيقة التي تبرز صورة هؤلاء الأدعياء على حقيقتهم رغم محاولات وسائل الإِعلام العربي في تقديم إنتاجهم لنا ضمن مذاهب أدبية معينة كالتجديد والحداثة. |
هذه الوثيقة تحمل لنا إجابة كاتب مثل ((جمال الغيطاني)) الذي قال عندما وجه إليه سؤال عن ((إمكانية اعتماد الإِسلام من قبل دولة عصرية كنظام للحكم بأنه - أي الكاتب - يدعو للدولة العلمانية التي تبدو أكثر ملاءمة لإِدارة مجتمع عصري، بينما يعنى الإِسلام بعلاقات الفرد مع ربه ومع الغير)). |
ويفتخر الروائي المعروف ((طاهر وطار)) بإيمانه بالمبدأ الشيوعي القائل إن الدين أفيون الشعوب، كما يحاول الإِشادة بالتوجهات العربية المستحدثة نحو أفكار ماركس ولينين. |
أما الشاعر ((عبد الوهاب البياتي)) فيؤكد أنه ليس للدين انتماء قومي أو جغرافي فهو جزء من الثقافة العالمية وتراث قائم بذاته، وبهذا يعبر شاعرنا الذي تلتهب الأكف من التصفيق له في منتديات الشعر عن إيمانه بما يسمى بوحدة الأديان، ولم يعد خافياً أن هذه العقيدة نبتت في أحضان المعابد اليهودية، وتسعى الحركة الصهيونية لتثبيت منطلقاتها في المجتمعات الإِسلامية. |
وهذه الوثيقة لا تخلو من بعض المفارقات العجيبة. فإجابة الكاتب ((عبد الرحمن المنيف))
(3)
ترى إمكانية مشاركة الدين في إعادة بناء وتنظيم المجتمع بشرط الاستناد إلى ركائز علمانية
(4)
، وهو خلط واضح يدل على تجاهل صاحبه بمنطلقات الدين الإِسلامي كعقيدة ربانية ونظام كامل للحياة الإِنسانية لا يمكن خضوعه بأي حال من الأحوال للآراء البشرية المحدودة بعاملي المكان والزمان والتي تتحكم فيها - أيضاً - النزعات والأهواء المختلفة. |
وإذا كنا لا نستغرب من مبشّر
(5)
يحاول البروز في مسوح الأدب، وصليبي يتقنع بأردية الفكر العالمي والثقافة الإِنسانية محاولته إلصاق التهم الباطلة بالدين الإِسلامي
(6)
والتشكيك في علمائه ومفكريه
(7)
، وإنكاره على اللغة العربية وحدتها القدسية، كما أكد ذلك في كتابه ((مقدمة في فقه اللغة العربية))
(8)
. وإذا كانت لا تدهشنا - أيضاً - تلك العبارات المجردة من أدنى حدود المعرفة واللياقة التي كان يستخدمها الهالك - كاتب ياسين - عند حديثه عن الإِسلام وشعائره، أو عند مناقشته لقضية التعريب
(9)
في بلد عربي كالجزائر، والتي ظل يحاربها لآخر أيام حياته. إلا أنه لأمر غريب وقضية مستنكرة أن نسمع هذا الهذيان من كاتب يعتبر والده أحد الدعاة المخلصين للإِسلام، والمحافظة على التراث العربي تاريخاً وفكراً وأدباً، وزعيماً من الزعماء المعروفين بانتمائهم الوطني الخالص. |
إن الكاتب ((حسن أحمد أمين)) يرى أن المخرج الوحيد للعالم الإِسلامي هو الانتماء للمحور الشيوعي، فخضوع هذا العالم لهذا المحور جدير بإكسابه وجوداً فعّالاً في الميدان العالمي، وإن يكن رأيه هذا ليس كل ما تحمله عقليته من سخافات
(10)
، وما تدعو إليه مؤلفاته من انحرافات، فهو مثلاً يرى أن أحكام الشريعة الإِسلامية تنتفي عنها صفة الألوهية، وتندرج ضمن التطور التاريخي للتقاليد والعادات الاجتماعية، وهو يشبه المؤسسات الدينية القائمة في بعض البلاد الإِسلامية بالتنظيم الكنائسي، ويعقد مقارنات ساقطة بين العلماء والكهنة المسيحيين. |
ـ إن العالم الذي يشهد في هذه الحقبة سقوط معقل الشيوعية، وانحسار موجة أفكارها، في بيئتها الطبيعية ومنتدياتها الحقيقية، سوف يعجب كل العجب من هذا الجهل الفاضح، والخواء الفكري والتبعية الممقوتة، المتمثلة في آراء هذه الثلة التي تعتبر نفسها مسؤولة عن توجيه الفكر والأدب في بلادها. |
|