شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نقاد إنجليز وكتاب عرب
ـ نالت الكاتبة الجزائرية الأصل، الفرنسية الثقافة واللغة ((فاطمة جالير)) جائزة ((أرليتي)) للمسرح الوطني بباريس، وكان مما لفت القائمين على منح هذه الجائزة هو أنّ الموضوعات التي تدور عليها قصص هذه الكاتبة هي تقاليد منطقة المغرب العربي بكل قيودها ومحرّماتها، وهو موضوع يكتسب أهمية خاصة من واقع الرؤية الغربية للشعوب الأخرى، وعلى هذه الرؤية نفسها بنى ((جيمس فريزر)) كتابه المعروف ((الغصن الذهبي)) The Golden Bough (1890 - 1915م) والذي يقوم على التفسير البنيوي لمحظورات الأكل، أو العلاقات الزوجية، أو العقائد الدينية، الموجودة في المجتمعات المختلفة، ويستثنى من هذا: المجتمعات الغربية.
ولقد طرح الناقد الإِنجليزي (جورج واطسون) سؤالاً يهدف إلى توضيح التناقض الذي يبرزه تطبيق هذه الرؤية النقدية، والتفسير المذهبي لتقاليد الأمم الأخرى، وإعطائها تفسيرات معينة هي - في كثير من الأحيان - أبعد ما تكون عن المنهجية، والأسس العلمية المتجردة.
لقد قال ((واطسون)): إن التفسير البنيوي لعادات وتقاليد الشعوب الأخرى هو ((بديل راق لمبدأ تفوّق الرجل الأبيض في القرن العشرين، ولكي ندرك ذلك ما علينا إلا أن نتصور مقدار دهشة (فريزر) - وكان أستاذاً بجامعة (كيمبردج) - لو اقترح عليه أحد أن يطبق أسلوبه في التحليل على طريقة الحياة (الأكاديمية) في (كيمبردج)، ومقدار دهشة (ليفي شتراوس) الأديب الباريسي لو أقترح عليه أحد أن يحلل عالم الأدباء المحترفين في باريس، متبعاً - في ذلك - نفس منهجه.
حقاً إن مثل هذا الاقتراح له إمكانياته ((الكوميدية)). ولكن ليس من المرجح أن يتتبع أحد هذه الإمكانيات خارج ميدان الصحافة الفكاهية، فالطوطميات والمحرّمات مثلها في ذلك مثل الخرافات التي هي من الأشياء التي لا توجد إلا عند الآخرين، فالبدائيون يفعلون هذا، و ((البورجوازيون)) يفعلون ذلك، أما البنيوي فمن المقصود أن يشعر بأنه أسمى من كل ما يفعله هؤلاء. Modern,Literary Thoughy/1978) )
ـ سوف يتهمنا البعض بأننا متحاملون على الإِنتاج الذي يكتبه بعض المثقفين العرب، الذين تلوك ألسنتهم بلغات أخرى، وهو إنتاج يدور - في معظمه - على تصوير التقاليد الاجتماعية، إن لم يكن على ازدرائها، ومحاولة تشويهها، في كثير من الأحيان، وعن بواعث الاهتمام بهذا الإِنتاج إعلامياً، ومكافآته مالياً، نعم سوف يتهمنا البعض بالنظر إلى الإِبداع من وجهة نظر أخلاقية، وهم لا يعلمون - أيضاً - أن مبدأ احترام الأخلاق، وعدم خدش الحياء، أو انتهاك الرموز الدينية، هو مبدأ يحظى بكثير من الرعاية عند المؤسسات الثقافية والإِعلامية في بلاد الغرب.
لكن لا أظنهم يتهمون ناقداً غربياً كبيراً مثل (واطسن) بأنه كان ممالئاً لتقاليد الأمم وأعرافها أو أنه كان ينطلق من رؤية منغلقة ومتعصبة تجاه المذاهب الأدبية الغربية وأساليبها في تحليل الأعمال الأدبية، إلا أن التفسير الأقرب إلى الصواب هو أن كثيراً من كبار النقاد الغربيين لا ينظرون إلى المذاهب الأدبية الخارجة من بيئاتهم، والممثلة لبعض الاتجاهات الفكرية لديهم، لا ينظرون إليها بذلك التقديس، أو تلك النظرة السحرية التي ينظر - للأسف الشديد - من خلالها بعض المثقفين العرب الذين يبهرهم كل جديد من الغرب، ويضايقهم كل أصيل في تراثهم ولغتهم!
ـ بقيت مسألة هامة، في هذا السياق، وهي أن من ضمن ما تناولته الكاتبة ((فاطمة جالير)) في قصصها التي جذبت انتباه بعض المؤسسات الثقافية، في البلاد الغربية، هي مسرحيتها المعروفة باسم ((آه لقد جئت)) والتي يدور موضوعها - من وجهة نظر الكاتبة - حول التطرف الديني.
وإذا كنا - كمسلمين - نرفض أساليب التعصب، والتطرف المنافية لروح الإِسلام واعتداله، إلا أن الأمر يبقى من وجهة نظر بعض المؤسسات الغربية مختلفاً، فالإِسلام - عند هذا البعض - هو تطرف كله. ولا اعتدال فيه. ولا نريد أن نفصّل القول في دور الإسلام في نشر التسامح والعدل، وتطبيقه على جميع الأمم. التي دخلت حظيرته، ولكن يكفينا الإِشارة إلى أن المسلمين يسمّون ابناءهم باسم نبي الله ((عيسى)) ووالدته العذراء ((مريم)) عليهما السلام، ولا يرضون أن يتعرض أحد لمكانتهما بسوء، ويدخل ضمن هذا المعتقد الإِسلامي أنبياء الله كافة، ورسله، وعباده الصالحين، ولكننا هل نجد نفس القدسية والرعاية لنبي الله وخاتم رسله محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - عند غير المسلمين من أتباع الديانات الأخرى؟ إن الإِجابة عن هذا السؤال كفيلة بتوضيح كثير من مفاهيم الاعتدال والتطرف، ودور الإِسلام في التأكيد على الأول، وصونه ورعايته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :946  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 206 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

جرح باتساع الوطن

[نصوص نثرية: 1993]

أحاسيس اللظى

[الجزء الأول: خميس الكويت الدامي: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج