شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ عبد الفتاح أبي مدين ))
ثم أعطيت الكلمة للأستاذ عبد الفتاح أبي مدين رئيس النادي الأدبي الثقافي بجدة، فقال مشاركاً في الاحتفاء بتكريم الأستاذ علي أبي العلا:
- بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على سيد الأولين والآخرين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: كنت أود أن أكون بعيداً عن هذه الزاوية لأن الأستاذ أسامة السباعي يعد أو يحصي السيئات على المتكلمين، ولكني لو بعدت سيسمع صوتي عبر هذا المذياع، فلا مفر إذاً من المحاسبة مهما تكن الحال. جنح الأستاذ المليباري فتحدث عن التقاعد والحياة بعد التقاعد وما قبلها، وعلاقات الناس بالموظف في أي جهاز ما، وتحدث عن الفراغ، ولعل الذين يحسون بالفراغ هم الذين في نفوسهم فراغ، أما الذين لهم علاقات طيبة مع الآخرين، الذين عندهم حس وصلة ليست لها علاقة بالمصالح، فهؤلاء لا يحسون بالفراغ، لاسيما القارئين الذين يصاحبون الكتاب، ونحن قرأنا قبل أكثر من ألف سنة قول أبي الطيب:
أَعزّ مكان في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
- بعض الناس يقول حينما أترك وظيفتي قد لا أجد من يقول لي السلام عليكم، هؤلاء عاجزون على أن يبنوا أو ينشئوا صلة بينهم وبين الآخرين ولو بقدر. والحياة والناس بعضهم لا يعرف الموظف الكبير إلاَّ إذا كان بعيداً عن منصبه، أو عن وظيفته، هم يفتشون عنه حينما يترك هذا المنصب لأنهم ليسوا ذوي مصالح وهؤلاء قلة.
- العلاقات الإِنسانية الخالصة لا تتغير بالزمن، ولا تتغير بالمناصب، ولا بالمصالح لأنها لم تبن على هذا أو على شيء من هذا، والوظيفة هي مركز أو عمل يعيش من ورائه الإِنسان، وضريبة المواطنة إذا أديت على خير وجه، وهي مرحلة من مراحل الحياة شئنا أم أبينا. ليس لنا خيار في هذا مهما نفعل ومهما نقل، والأستاذ عبد القادر المهندس عرج بعض التعريج على الفترة التي شغلها الأستاذ علي أبو العلا في بلدية جدة قبل ربع قرن، هي فترة قصيرة عرفت من خلالها الأستاذ علي أبا العلا، ولعل هذه الوظائف لا يستطيع أن يشغلها من عنده نصيب كبير من الحياء، لأنها وظائف تحتاج إلى مشاكسة، وتحتاج إلى شيء من المقاتلة، رغم أن الفترة التي تولى فيها الأستاذ أبو العلا شؤون بلدية جدة كانت فترة قصيرة، كثر فيها الزحام على الأرض في مدينة جدة، وفي غيرها من المدن، تعلم منها الأستاذ علي أبو العلا أن وظيفة البلدية بالذات وظيفة فيها مشاكسة، وظيفة صعبة عسيرة، لا يستطيع أن يشغلها كل إنسان. لذلك لم تطل حياته في هذه الوظيفة، وتركها ورجع إلى مناخ يستطيع أن ينتج فيه، وأن تكون فيه شخصيته كما يريدها هو وكما تنبغي أن تكون، لأنه أديب ولأنه شاعر.
- الأستاذ عبد المقصود وهو يرحب بضيفه تجاوز الحد حينما تحدث عن الشعر لا دارساً ولا ناقداً. أنا لا أعارضه في هذا، ولكن ليترك هذا للآخرين، لا أقول لي ولكن للذين يتحدثون عن الدراسات الأدبية والشعرية. هو يستضيف ويكرم ويحتفي وهذا شيء كبير نذكره له، ويذكره له إن شاء الله التاريخ والأيام لأنها أيام بيض تؤدي هذا الإِحسان وهذا الجميل، في زمن عز فيه الإِحسان وعز فيه الجميل.
- بقي الحديث عن شعر الأستاذ علي أبي العلا، لعل خير ما ينبغي أن يقال عن شعر الصديق العزيز أن نستمع إلى بعض شعره في هذه الأمسية التي يكرم فيها. أما خلق الأستاذ أبي العلا فهو خلق دمث رغم أن علاقتي بالأستاذ علي لا أقول سطحية كما قلت في يوم ما، ولكنها علاقة تقرب وتبعد حسب مشاغل الحياة، وما أكثر مشاغل الحياة، فالرجل له خلق عالٍ، خلق دمث، خلق قويم، وأعتقد أن هذا الرصيد هو الذي يبقى للإِنسان مدى وبعد حياته وبعد عمر طويل إن شاء الله.
- المسلك هو المقياس لكل البشر، أما الكلام فلا يمكن أن يقاس عليه أي إنسان، التعامل مع الناس ليسع الإِنسان كما يقول الحديث: "لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم". فالمال يذهب ويبقى الذكر الحسن، وقد قرأنا لأمجد الطرابلسي يتحدث عن أبي الطيب وعن سيف الدولة فيقول له:
يا ابن حمدان أنت لولا أبو الطيب أنَّى لذكرك التخليد
 
- فكان شعر المتنبي هو الذي عرفنا بسيف الدولة، ليس وحده سيف الدولة، رجل مجاهد كان يذود عن حياض المسلمين ويقاتل، ولكن المتنبي أنت أعطيته أو منحته العطايا جزافاً يقول:
- والعطايا مع الزمان تبيد... فالمال الذي أخذه المتنبي من سيف الدولة ذهب، وبقي شعر المتنبي، نقرؤه اليوم، وقرأه من قبلنا وسيقرأ غداً لأنه شعر سجل تلك البطولات لسيف الدولة. إذن أحسن ما ينبغي ما يقال في شعر الصديق الأستاذ أبي العلا أن نستمع إلى شعره، وشكراً لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1223  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 43 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.