شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أشواق الطريق (3)
أين يا صديقي يوم كنت فيه ملء السمع والبصر؟.. تعرفك ساحات المسجد ولا تنكرك سواريه وصفته.. كان صوتك يا صديقي يرتفع في آفاقه.. وينجذب إليه القاصي والداني.
تقول الشعر في المنتدى فلا يلبث القوم إلا أن يعجبوا من حال هذا الفتى الذي يقتطع الكلم من وجدانه ويصوغه عذباً من ذوب حشاشته. يا صديقي - والحال في دنيانا عجب - أراك اليوم والكلمة تنحبس على شفتيك ثم يمنعك مانع من رفع ذلك الصوت بها، وينحبس مع الكلمة دمع غزير تسعى لإخفائه عن أعين الناظرين.
لقد أبكتك الحياة صغيراً، وأحزنتك شاباً وأنت لم تبلغ من أمرها شيئاً بعد، وداهمتك الأحزان لا تعرف لها سبباً ولا تجد لها تفسيراً. ولكنها كانت قادرة على أن تقصيك عن موضع كنت تهفو للقاء الأحباب فيه، وضربت بينك وبين رفاقك حجاباً ليس بمقدورك أن ترفعه بعد أن أسدلته يد الأقدار.. وأقامتك من خلفه تعيش ما تبقى لك من أيام لا يؤنسك فيها سوى صدى الذكريات التي عايشتها نفسك يوماً ثم ولّت هاربة من بين يديك وانسلّت كما ينسلّ الطيف الجميل من بين عيني النائم.. وتسأل نفسك: أتراني عشت ذلك اليوم وازدهرت فيه نفسي بمباهج الحياة؟ أترى تنقلت خطواتي بين الربى والمعاهد؟ أتراني سمعت صوت الحادي منشداً تردد صدى كلماته جمّاوات العقيق وسفاح أحد. نسيم الصبا يهدي إليّ نسيماً من بلدة الحبيب مقيم؟ أتراني شهدت الفجر حلواً ندياً في روضة المختار وشيخ وقور يرتل لآي من الذكر الحكيم.
أتراني سمعت الأذان تصدح به الأصوات الخاشعة من فوق منائر المسجد، وشهدت الركب يحط رحاله في ساحة الفضل والجود وتمرغ الدابة العجماء خديها على الأعتاب؟ وكنت تحدث نفسك قائلاً: عجباً كيف لا يطلب الإنسان شفاعة هذا الحبيب ما دام الجماد يحن إله والحيوان يتطلع إلى رؤيته بل هو يمرغ جبهته في موضع وطأته الأقدام الشريفة ولامسته الأنامل المباركة؟
يا صديق العمر، كيف ألقاك بعد أن ساقتك الأقدار إلى هذه ((العزلة)) التي لم تكن يوماً هي مطلبك الذي تسعى لنيله؟ ولكني أعلم أنها - بلا شك - خير من خلطة أقوام هم إلى الجهل أقرب، وبسبل الكراهية والحقد أعلم.
تقول لي والحزن يملأ منك نفساً كانت تفيض بالبشر وتمتلئ بحب الآخرين، تقول لي والحيرة لا تخفيها ملامح وجهك الذي جلل الشيب جوانبه وأبرزك في صورة الشيخ الذي تكبد من صنوف الحزن والأسى ما تكبد وركب أمواج الحياة التي لم ترحم له قلباً ولم تترك له ملجأً، تقول لي: يرن صوت الهاتف ولكن يديّ تمنعاني من أن أجيب، أقول لها: هذا حبيب عن الحال يسأل. أقول لها: هذا صديق دفعه الشوق فأتى يسعى أقول لها أيتها النفس كفاك وحشة فميلي للعزلة. أقول لها: دعيني فهذ الوثاق أدمى مني القلب والمعصم!
أقول لها: دعيني فالصبح عندي مثل الليل حجابه لا يكشف، أقول لها: أطلقيني فأنا والحزن غدونا توأمين كلانا ينظر إلى الآخر وهو يقول: إلى أين يا مولاي المفر والمهرب.؟!
دعاء:
اللَّهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت إليك منه ثم عدت فيه وأستغفرك من كل ما وعدتك به من نفسي ثم لم أوفِ لك به، وأستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه غيرك، وأستغفرك من كل نعمة أنعمت عليّ فاستعنت بها على معصيتك، وأستغفرك يا عالم الغيب والشهادة من كل ذنب أذنبته في ضياء النهار أو سواد الليل في ملأ أو خلاء أو سر أو علانية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :751  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 97 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج