شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ عبد الله جفري ))
ثم تحدث الأستاذ عبد الله عبد الرحمن الجفري فقال:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يبدو أننا وصلنا إلى سن صرنا نفكر فيها، واتضح ذلك من الحوار أو الجدل الذي كان في بداية هذه الأمسية، بين الصديق والزميل محمد سعيد طيب، والدكتور محمد عبده يماني، والأستاذ عبد المقصود خوجه، الأستاذ عبد المقصود خوجه أنا أعرفه بشنب أبيض، والدكتور محمد عبده يماني نعرفه بدون لحية. عندما كنا زملاء جيل، كان فلاحياً، وكان الدكتور محمود سفر فلاحياً، وكنا رحمانيين، وكان التنافس الجميل، بين الفلاح وبين الرحمانية مشهوراً في تلك الفترة لأن طلاب كل مدرسة كانوا يحاولون أن يصنعوا شيئاً، وأن يقولوا شيئاً، وكان المجال لذلك القول، ولبلورة تلك الصناعة الندوات والمساجلات الشعرية، وكان الفلاحيون يدعوننا في عدة مرات للمساجلات، وأذكر أن الدكتور فايز بدر كان من ضمن المبرزين في تلك الحفلات.
- لكن الدكتور محمد عبده يماني كان برغم أنه يدرس في الفلاح، كان متعاطفاً مع الرحمانيين في الحق.
- أما الدكتور محمود سفر فقد ربطتنا به صداقة عميقة مثل التي ربطتنا بالدكتور محمد عبده يماني، أستطيع أن أقول أننا في تلك الفترة استطعنا أن نكوِّن نادياً أدبياً قبل أن تعرف البلد النوادي الأدبية من خلال التقاءاتنا واجتماعاتنا ومحاوراتنا ونقاشاتنا وتبادلنا للكتب، فكنا ندرس في الرحمانية وفي الفلاح، ثم نلتقي بعد العصر في مكان نتفق عليه إما في بيت من بيوت أحد منا، أو في مقهى من المقاهي في مكة، وكنا بذلك نقلِّد الرعيل الأول من الأدباء أساتذتنا حمزة شحاته، والزيدان وغيرهما، وكان حبنا للأدب قد نشأ معنا من ذلك السن، ثم تعمقت هذه الصداقة ومازلنا طلبة، وكنا نذهب إلى الطائف في فترة الصيف، ونجتمع في بيت الدكتور محمود سفر، ولا بد أن الدكتور درويش جستينية أيضاً يذكر لأنه كان معنا.
- وقد أصدرنا مجلة عنوانها مهبط الوحي، كنا نصدرها في كراسة بخط اليد، نحن نكتبها، ونحن نقرؤها، ونحن نختار موضوعاتها، ونحن نحفظها بعد ذلك. في تلك الفترة كانت اتجاهات الدكتور محمود نحو الدراسة العلمية اتجاهات واضحة، ولكنه جمع بين الرغبة في دراسة العلم، وبين العشق للكلمة وللأدب. وكانت تلك الفترة هي البلورة والنشوء. والحقيقة أنني دائماً أردد أن هذا الجيل جيلنا لا بد له أن يعتز بشدة الارتباط من الطفولة إلى هذه السن، التي أصبحنا نتحرج في تحديد العمر فيها.
- هذه النقطة بالذات فخر لجيلنا لأنه جيل متماسك، وجيل الوفاء بعضه لبعض حتى هذه اللحظة. للدكتور محمود سفر الواقع علامة مضيئة ليس في التاريخ الحديث لبلدنا كعالم وكمفكِّر، ولكنه أيضاً كمربي.. اتجاهه إلى حقل التعليم والجامعات، أعطاه هذه الخبرة المميزة في الواقع التي تجعله يستطيع أن يصنع شيئاً يخدم به بلده، وعندما أعيرت خدمات الدكتور محمود سفر إلى البحرين باتفاق من منظومة دول مجلس التعاون لتأسيس جامعة الخليج خفت عليه، ليس لعدم مقدرته بل أعرف كفاءته وقدرته، وابتكاراته، ولكني خفت عليه من خلفيات المنظومة نفسها.
- أستطيع أن أعتز بأربع سنوات أنشأ فيها الدكتور محمود سفر جامعة الخليج، وكوَّنها، وبناها، وأوجد لها هذا الكيان الرائع؛ واعتزازي أني كنت ملاصقاً للدكتور محمود سفر وقريباً منه، فكنت أشاهد خطواته خطوة، خطوة، وكنت أرى اللحظة السعيدة التي يبتسم فيها لخطوة نجاح، وكنت أتعاطف مع الدمعة التي تنزلق من عينيه في لحظة تعب، وفي لحظة مشاكل؛ لكن هذا الرجل كانت لديه فكرة واضحة لما يريد أن يعمل، فكان أمامه الهدف الأكبر وهو غد أو مستقبل هؤلاء الأبناء الذين يصر أن يستنبطهم حسب تعبيره، كما يصر على استنباط العلم، واستنباط التكنولوجيا من هذه الصحراء. تحدث أساتذة ممن سبقوني في الكلام كما أنَّ إخواني تحدَّثوا عن سلوكيات وأخلاق الدكتور محمود سفر، والحديث مصدر فخر أيضاً في هذه النقطة بالذات، لأن الدكتور محمود سفر في جيلنا يمثل إضاءة باهرة للسلوك الذاتي، لأنه يتعامل بأخلاق العالم المثقف الذي له هدف، وهدف يستنبطه أيضاً من عشقه للوطن.. في هذه الليلة نحتفل الواقع بعمر طويل، وشاق، وحافل بالجهد، وحافل بالعمل المجدي. الأستاذ عبد المقصود خوجه رجل يمتلك أيضاً قدرة على تجسيد الحب، ولكننا نقول أن هذه الاثنينية لا بد أن تتحول إلى رمز تاريخي في الواقع، ليس لأنه يكرم أصدقاء فقط، ولكنه يكرم نموذجاً ويكرم رجالاً لهم مواقف، ولهم أعمال تخدم مستقبل هذا البلد، لا أريد أن أطيل عليكم، والحديث عن الدكتور سفر حبيب إلي في الواقع، ولكني سأترك المجال لأصدقاء آخرين، وشكراً لكم.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :548  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 30 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.